رواية
عشقته ولم أراه
الجزء 15
تأليف محمد أبو النجا
كان نديم فى حاله من الذهول التام..
لا يصدق ما يراه وهو متجمد كالصخر
على أعتاب حجرته
يتطلع إلى ذلك الزائر الذى يحتل حجرته
وفراشه ..
يمسك بين أصابعه ذلك الخنجر الفضى الحاد
الذى طعن به راجية والدة ليلى..
ينظر بأعينه من خلف
قناعه الأسود المفزع
إلى نديم الذى
سكنت ملامحه خيوط الهلع ألوانها..
لا يستطيع التحدث أو التفوه بكلمه
يقاطع ذلك الصمت الثقيل المخيف
صوت ذو القناع الأسود
يقول بلهجه حاده
:
دكتور نديم مفاجأة مش كده..!
مفاجأة مكنتش تخطر على بالك..
مالك خايف ومرعوب كده ليه..؟
الله..!
أومال
فين الشجاعه اللى كنت عمال تكلم
بيها ليلى من شويه..!
فين التهديد اللى كنت بتنادى بيه..!
مبرق بعنيك كده ليه..!
زى الفار اللى وقع فى المصيدة..!
أبوه أنا...
أنا اللى قتلت راجيه..
وهقتلك دلوقتى إنته كمان..
عارف ليه..!
لأنك عرفت حجات كتير..
وليلى الهبله العبيطه
عماله تحكيلك..
نديم فى إرتباك واضح :
أنا..أنا..
يقاطعه نديم :
أنا مش عايزك تتكلم..
ولا تحكى خالص..
أكيد إنته مستغرب أنا دخلت
شقتك أزاى..!
أنا مفيش باب ممكن يمنعنى
من الدخول لأى مكان..
عارف ليه...؟
وبدأ ذو القناع الأسود يقترب ببطء
بخطوات ثانبته ويميل بجسده
يهمس فى أذنه :
لأنى الشيطان...
وعاد يضحك فى شكل مخيف..
وهو يلتقط صوره لفتاه صغيره جميله
موضوعه بجانب الفراش
ويضربها بهدوء بظهر خنجره
قائلًا :
بنتك فريدة جميله أوى..
خساره إنك بعيد عنها..
أنا عارفه إنك تعبان بسبب إنفاصلك
عن أمها..
بس عايز الحق إنته متتعاشرش..
وكويس إنها إطلقت منك..
طبعًا إنته مصدوم إنى أعرف
عنك كل حاجه..!
طيب بص أنا جت لى فكره كويسه..
أنا مش هقتلك..
أنا هخطف فريده..
وهحسرك عليها عمرك كلها..
ولا هتشوفها تانى..
ولا هتعرف لها طريق..
إيه رأيك..!
مش كده أحسن ما أقتلك..؟
نديم فى رعب تام :
أنا معملتش حاجه عشان..
يقاطعه ذو القناع : لاء عملت..
عملت ياغبى..
ورحت تهدد ليلى..
عايزك تفهم حاجه واحده.
ليى دى ملكى..
بتاعتى..
لا هسمح تبعد عنى..
ولا حد ياخدها منى..
ولا يأذيها..
ينظر له نديم فى خوف :
أنا أوعدك..
ينفى بيده ذو القناع فى غضب :
مش عايزك توعدنى..
أنا هسيبك..
مش هقتلك...
عشان أنا مستمتع بوجودك فى اللعبه.
ومستمتع أشوفك جبان وخايف قدامى..
قتلك مفهوش متعه ليه..
بس خليك فاكر كلامى..
وراجعه كويس..
وبدأ يتحرك وهو يغادر شقته
ونديم يسقط جالساً فوق فراشه..
يبتلع ريقه ..
لا يصدق إنه قد نجى من الموت..
لكن ظل جسده يرتجف..
ومازال ينبض قلبه بالخوف..
*************
(صباح الخير يا استاذه ليلى)
نطق صلاح جملته أمام شقة ليلى التى
تطلعت له فى دهشه تقول فى تعجب :
صلاح..!
يبتسم : ممكن أتكلم معاكى..؟
ليلى : أكيد أتفضل..
صلاح : لاء ..
أنا عازمك نشرب بره حاجه سوا..
ليلى فى إرتباك : بس..بس..
عادت تدور بعينيها الزائغه حولها
ليقاطعها : أنا كلمت بابا
اتصلت عليه
واستأذنت منه..
ليلى :
طيب ثوانى أغير..هدومى ..
صلاح : أنا تحت مستنيكى فى عربيتى..
فى دقائق كانت ليلى تستقل معه
سيارته المتواضعه
وينطلق بها فى صمت طويل ..
تتوقف السييارة فى إشارة المرور
ويلتقط من بائع صغير عنقود الفل
ويمده بيده نحو ليلى التى أمسكته
بأصابعها
فى إبتسامه شاحبه ..
باهته..
وبعد دقائق كانت تجلس معه
فى مكان هادىء جميل
شاعرى..
أمام النيل
العظيم..
ليلى : لحد دلوقتى من ساعت
ما خرجنا
متكلمتش...!
صلاح : أنا عارف إنك مبتحبنيش..
تنظر له ليلى فى صدمه وتقول :
أول القصيدة كده..!
يشير صلاح إلى نفسه :
عارفه ياليلى..
أنا طول عمرى
إنطوائى ..
وراجل جد..
يمكن مشكلتى إنى لبخه ..
معرفتش بنات قبل كده ..
ومليش تجارب..
ويجوز ده يكون عامل كبير..
أو سبب لانك
متحبنيش..
تنفى ليلى برأسها :
لاء ياصلاح مش ده السبب..
صلاح : أنا عارف كمان
ومتأكد إن فيه حد تانى فى حياتك..
تنفى ليلى : كان..
صلاح : أنا مش هجبرك تحبينى..
أو تتجوزينى..
ليلى : صلاح ممكن أفهم إنته
جايبنى هنا معاك ليه..!
يلامس صلاح بأصابعه منتصف نظارته
ويرفعها فى توتر وإرتباك قائلًا :
مش عارف...!
ليجبر ليلى هذه المره على الإبتسامه
فتقول :
يعنى مستأذن من بابا
وجايبنى فى المكان الجميل ده ...
وفى النهايه تقولى مش عارف
عايزنى فى إيه..!
صلاح : ليلى أنا هقولك على حاجه
عمرى فى حياتى
ما قولتها لحد..
ليلى فى تعجب : إتفضل.
صلاح فى توتر شديد : أنا..أنا..أصل..
تطلق ليلى تنهيده : يابنى إتكلم ..
صلاح فى سرعه : أنا بحبك يا ليلى..
تتراجع ليلى رغم إنها توقعت ذلك
وتغلق عيناها قائله : بجد ياصلاح ..
إنته شاب مثالى..
وماما كان عندها حق لما قالت عنك
مؤدب ومتربى وإبن ناس..
صلاح بنظرات حزينه : الله يرحمها ..
أنا كنت بعزها أوى والله..
ليلى : وأنا وأى واحده
تبقى بجد غبيه لو رفضت إنسان
زيك متقدم لها.
هتلاقى فين شخص مثالى ..
نموذج للعريس اللى بتحلم بيه
كل بنت..
يشعر صلاح ب السعاده بعض الشى
قبل أن تهشمها
بباقى
حديثها قائله : بس للأسف..
يسقط قلبه معها بين قدميه وهى
تقول :
أنا عندى ظروف أقوى
من إنى أرتبط
بيك..
صلاح فى حزن شديد :
إنتى بتحبى شخص تانى ..
مش كده..؟
أنا حاسس من زمان
إن فيه حد فى حياتك..!
تنفى ليلى :
لاء صدقنى مش ده السبب
أنا عندى ظروف صعب أحكهالك..
ولو إنته عرفتها مش هتفكر فيه تانى..
ومش هتربط بيه..
صلاح : أقسم لك..
تقاطعه وهى ترفع راحت يدها
فى وجهه :
من غير ما تحلف ياصلاح أنا متأكده..
إن ظروفى مينفعش راجل
يتحملها لو
عرفها..
صلاح فى تحدى وإصرار :
أنا عشانك أعمل
أى حاجه..
لو فى عندك مشكله
أنا ممكن أساعدك ..
هقف جمبك..
بس إنتى وافقى
تتجوزينى..
ليلى : حتى لو عرفت السبب..!
صلاح : مهما كان السبب..
مهما كان هساعدك وهتحمل معاكى
وهكون سندك وضهرك..
تقاطعه ليلى فى صدمه رهيبه
بكلمه واحده :
أنا حامل ياصلاح..
يسقط فمه للأسفل متجمد
فى ذهول تام
وكأنما أصابه صاعق كهرباء
ليقول فى تعجب
لا حدود له
وحسره :
حامل..!
هزت رأسها فى حزن :
أيوه..
واتمنى إنك تحافظ على السر ده..
عارف أنا قولت لك ليه ..!
يسود الصمت بينهم للحظات
وهى تكمل :
عشان متتعشمش يا
صلاح..
متحطش أمل..
تنسانى..
تشوف واحده تنفعك غيرى..
عرفت لمل قولت لك ظروفى مفيش
أى راجل يقبلها أو يتحملها..
ينفى صلاح برأسه
وهو لا يقوى
على التحدث أو إخراج كلماته :
ليلى أنا..
أنا مش مستوعب...
ومش مصدق...
ليلى : أفتكر الكلام لحد هنا خلص..
وافتكر إن الموضوع إنتهى..
وياريت ده يكون اللقاء الأخير بنا..
صلاح : فى حد غر بيكى..
فى حد خدعك..
إنتى أزاى ..
تقاطعه : صلاح ملوش لازمه الكلام..
وعادت تعتدل واقفه :
يالله بينا..
بدأ صلاح فى غاية التعاسه وهو يسير
معها عائدًا لسيارته ..
قبل أن يوقفها : ليلى ..
تنظر له فى تعجب قائله بهدوء :
أيوه..
يقول فى صوت حازم : إنتى قولتى
إنك فى مشكله صح..
هزت رأسها أيوه...
صلاح : وأنا وعدتك إنى أساعدك..
حتى لو مبتحبنيش...
أو حتى مش هتجوزينى..
ليلى : مش فاهمه..!
صلاح :
واضح من كلامك إنك بتتعذبى..
وفى مشكله كبيره..
وأنا مش هتخلى عنك..
ومش طالب منك تحبينى ..
أو حتى تتجوزينى..
أنا طالب بس أساعدك...
تنظر له ليلى فى صدمه من حديثه
تقول بهدوء : إنته
شخص
عظيم ياصلاح ..وأنا..
يقاطعها : أنا مش بتكلم وخلاص .
مفيش حد فينا ما بيغلطش..
كلنا بنغلط..
كلنا مذنبين..
صدقينى أنا عايز أساعدك لأنى حاسس
بيكى.
وحاسس إنك فى دوامه ..
ولوحدك..
بس عايز أعرف..
مين الشخص اللى عمل
كده معاكى...؟
رافض مثلاً يتجوزك..!
تنفى ليلى : لاء..
صلاح : بيتهرب منك..؟
تنفى ليلى : لاء..
صلاح :
أهله مش موافقين على جوزاكم ..؟
تنفى من جديد : برضه لاء..
صلاح فى حيره :
مفضلش بقى غير إنه مثلاً
مات...
مات وسابك فى مشكلتك لوحدك..
تنفى : برضه لاء ياصلاح..
أنا مشكلتى إنى معرفش مين أبوه..
يمسك صلاح رأسه ..
كأن دوامه
أو إعصار ضربها فى عنف
بدون سابق إنذار
ليقول فى
حسره وذهول لا حدود لهما :
ليلى أنا بقولك رافض يتجوزك ليه..؟
ليلى : وأنا بقولك أنا
معرفش مين أبو الطفل اللى فى بطنى..
أنا حامل فى شهرين..
فجأة...
من غير ما أقابل حد..
أو أحب حد ..
ووعده..
صلاح : هو ورم وكر فى بطنك..!
ده حمل..
ده جنين..
يعنى لازم يكون فيه أب..
ليلى : منا بقولك معرفوش..
يطلق صلاح زفيره ويشعر بقمة الصدمه
وهول المفاجأة وقد عجز عن الكلام
لتبتسم له : عرفت إن مشكلتى
مالهاش حل..
صلاح : أكيد لكل مشكله حل..
بس ممكن تفهمينى..
يعنى مثلاً حد إغتصبك..!
شربتى حاجه وفقدتى الوعى..
تنفى بإصرار : لاء...
مفيش أى حاجه من دى
حصلت...
يجذبها صلاح من يديها
ويعيدها للجلوس :
طيب ممكن بقى تحكيلى كل حاجه
بالتفصيل الممل ...
وأرجوكى متخبيش
أى حاجه مهما كانت...
وأنا أوعدك كل اللى هتقوليه سر..
وأقسم لك محدش هيعرفه..
ليلى : عايزنى أحكيلك إيه...!
صلاح : كل حاجه فى حياتك حصلت فى
الشهرين اللى فاتوا..
يجوز أخرج بمعلومه ..
أو بثغره أعرف منها مين
أبو الطفل ده..
ليلى : ملوش اى لازمه الكلام...
ينفى بشده : لاء..
له لازمه..
أحكيلى عشان أساعدك..
تشعر ليلى فى أعماقها برغبه
ملحه فى التحدث....
تشعر بحمل وعبء وثقل فى صدرها
تحتاج للفضفضه..
لمشاركة أحد همها..
وأخذت تروى له كافة الفاصيل
وهو يتابعها فى شغف رهيب.
وتركيز..
وذهول ..
وفى صمت وسكون..
حتى إنتهت..
وقد وصل لقمة الصدمه لينظز لها
ويهز رأسه قائلًا
بصوت هادىء
: خلاص يا ليلى..
أنا عرفت مين أبو
الطفل
اللى فى بطنك..
تتسع عين ليلى فى ذهول
شديد لا تصدق قائله :
مش ممكن ..!
عادج يهز رأسه :
أيوه ياليلى..
عرفت مين أبوه..
ليلى فى شغف : عرفت أزاى..!
ويبقى مين..!
فهمنى...!
وبدأت فى تأهب شديد تنتظر من شفتاه
أن تتحرك ويخبرها من يكون هذا الرجل ..
من يكون والد ذلك الجنين الذى
ينمو فى أحشاؤها..
ولم تصدق ليلى ذلك الاسم..
الذى يقوله صلاح..
فقد كانت آخر من تتوقعه..
جميع أجزاء الروايه فى
الأسفل إضغط
على الجزء المطلوب لتصل له
إضغط هنا الجزء 19 إضغط هنا الجزء 20
لمتابعة الرويات اضغط على
الاسم فى الاسفل
إضغط على القصة القصيرة المطلوبه فى الأسفل
تعليقات
إرسال تعليق