قصة قصيرة
تأليف / محمد أبو النجا
( الصدق حينما يموت )
تسير فى طريقها للعودة للمنزل ..
يستوقفها ذلك الشاب طويل القامه
وهو يهتف بإسمها ..
تصيبها الدهشة وهى تلتفت له على
ناصية الطريق
أنه يسكن فى نفس الحى لها ..
وتعرفه..
لكنها لم تتحدث معه من قبل ..
الصدمة أنه قال بدون أى مقدمات
( بحبك )..
تحاول السيطرة على ملامحها المنزعجه
وهى تهمس فى صدرها
بلا شك مجنون..
أو قد ربما قد تناول حبات من حبوب
الهلوسه..
هذا الشاب بدون شك معتوه...
لتنصرف مسرعه ..
وتستمر فى طريقها وتتجاهل ما قال
يعيد الهتاف باسمها
: أعلم حجم المفاجأة
ولكن ربما تكون هى المرة الأخيرة
التى أقولها لك..
تنظر له فى صمت وذهول وهو يتابع
بصوت
حزين لقد أخبرنى
الطبيب
أننى سأموت فى أى لحظة قادمة ربما يوم
أو أكثر
وكانت
تلك الكلمه هى الأمنيه الأخيره لى...
وعذرًا
لو كانت سبب فى إزعاجك..
فأنا
لم أقصد مضايقتك..
تتراقص الدموع فى عينيه من كلماته
الصادقه
وهو يبتسم :
ربما أشعر بالسعادة حينما تنتهى حياتى
وقد أخبرت حبيبتى بما كنت أحمله لها
فى قلبى منذ زمن بعيد..
وتكون تلك المقابله هى الذكرى
الأولى والأخيره والوحيده بيننا ...
وانصرف مبتعداً عنها بدموع متساقطه...
وهى تكاد تهتف له توقف لكن بكل خجل
وحياء تتجمد فى صمت لا
تصدق
ما حدث
وما سمعته..
لقد كانت تلك الحادثة بمثابة القنبلة
التى ألقاها فى حياتها
كم هو صعب أن تستيقظ كل يوم
فى ترقب وخوف أن ترى مراسم العزاء
له فى الحى..
أو تسمع خبر وفاته .. من
أحد
أنها لم تكن تحبه...
ولكنه شغل بالها وتفكيرها بكلماته البسيطة .
الصادقه...
فأصبحت تشعر بطيف من الحب يظهر
لها من أجله ..
مستحيل هل أحبته ..!!
تشعر بهذا ..
ولا تعرف كيف حدث هذا فى أيام قليلة
..!!
اليوم تستيقظ على مراسم عزاء قريبه
تراها من نافذتها ..
يخفق قلبها وترتجف ..
تصرخ
فى فزع فى صدرها
هل حقًا هو من مات ..؟؟
تجرى مسرعه فى محاولة لمعرفة
حقيقة الخبر من أى شخص ..
تعبر الطريق فى سرعه وارتباك
قبل أن تأت تلك السيارة المندفعه
وتصطدم بها وتلقى بها بعيدًا ..
وسط صراخ أهل الحى وتجمعهم ..
تنزف الدماء ..
وتراهم فى نظرات متهالكه مهتزه ضعيفه
..
يعبر هو بينهم ويقترب منها
وينثنى على ركبتيه فى حسره
الآن تدرك أنه لم يمت ..
ولكنها هى من تموت بين يديه ..
و تذهب فى غيبوبه عميقة
لا تعلم كم مضى من الوقت
وتستيقظ ...
لم تمت والطبيب يخبرها أنها قد نجت
بأعجوبه من موت محقق
ولكن لم تكن تلك المعجزة فقط ..
الصدمة الكبرى حينما علمت
أن الحادث أفقدها بصرها
وأن هناك شخص تبرع لها بعينيه ..
لكنه لم يتحمل صعوبة العمليه
بجسده المريض ..
ومات بعدها على
أثرها..
ويقع
على مسامعها العذاب الرهيب ..
حينما
تعلم أن ذلك المتبرع الذى مات
من
أجلها هو حبيبها
..
وأخذت تنظر فى المرآه الجانبيه
بعين ليست عيناها ..
بل هى هدية حبيبها الأخيرة لها ..
التى سترى الدنيا بها ...
بأعين حبيبها الذى مات ..
ولن يكون حبه فقط هو الذكرى
الوحيده كما أخبرها ...
بل جزء منه سيظل معها ..
من الصدق الذى رحل ..
الكاتب محمد ابو النجا
تعليقات
إرسال تعليق