قصة قصيرة
( عجوز الشاطىء )
تأليف / محمد أبو النجا
تأليف / محمد أبو النجا
جلس ذلك العجوز يلقى بصنارته الطويلة
فى وسط الماء الهادىء على شاطىء
بعيد عن الأنظار وحده...
الشمس فى
كبد السماء ساطعه ..
لكن قبعته المفضلة القديمة تجعل الأمر
معتاد دائماً عليه..
يقترب
فجأة جاء ذلك الشاب الغريب
يجلس بجانبه يلقى مثله بصنارته
و يصطاد إلى جوار منه..
بدأ فجأ فى إخراج ورقه من حقيبته الزرقاء
وقلم رفيع يدون ويكتب فوقها كلمات غير مفهومه ..
ويضعها
على أ طرف صنارته
و يلقي بها في الماء ..
وسط حاله من دهشة وتعجب العجوز الذى
ظل يتابعه
فى شغف
وتركيز شديد..
وبعد
لحظات قليلة كانت تخرج له تلك السمكه الضخمه
لينفجر العجوز فى قمة ذهوله لا يصدق
ما يحدث وما يراه
ويزداد بريق
عيناه ويتسع ..
قبل أن
يتكرر الموقف بنفس الطريقة أكثر من مره
ليعتدل العجوز واقفاً بعد أن فاض به الأمر
الغريب الذى يراه ويتجه ويقترب نحوه
الشاب
الذى لا يعطيه أدنى إهتمام
ولم ينبث
بكلمه منذ جلوسه بجانبه ،
يلقى العجوز سلامه مع إبتسامه تبرز تجاعيد
وجهه ويسأله بصوت هادىء ضعيف :
ماذا تفعل
يا ولدى..؟
أنا لا أصدق كل هذا السمك الذى أخرجته
بهذا الحجم وتلك السرعه ..؟؟!
أخبرنى بالله عليك عن هذا السر الذى
لا أستطيع فهمه
أو إستيعابه وآسف على تطفلى فالأمر
مريب ومذهل.
يبتسم الشاب ساخراً ويضع سبابته على شفتيه
يصدر صوتا بإشارة الصمت : هشششش
ويشير له
بالجلوس جانبه..
ويخبره بصوت يحمل الصدق والثقه بأن تلك
الصنارة هي اختراع حديث من تصميمه
لم يسمعه عنه أحد
من قبل ..
وسيكون
حديث المستقبل فيما بعد
وظل يستطرد بكلمات وشرح علمى
لم يفهم العجوز أغلبه
وبأن تلك الصنارة العجيبه لا تستخدم ( الطعم )
في اصطياد السمك بل مجرد كتابة ورقه صغيرة
تطلب السمك الكبير التى تقصدها وبعدها تلقى بها
إلى الماء
فتصنع ذبذبات
وجاذبيه وتأتى السمكة المطلوبة..
ودعاه بأنهم فى الإمكان تجربة ذلك الأختراع المذهل
بنفسه.
اندهش العجوز
وهللت أسارير وجهه من السعاده
لدعوة الشاب لتجربة إختراعه الفريد الذي أشار له
وهو يردد من جديدي للعجوز : هيا يا أبى يمكنك المحاوله
والتأكد بنفسك ..
العجوز يمسك الصناره ذات الشكل والألوان المختلفه
المميزة ويكتب بقلم الشاب على واحده من ورقاته
الصفراء الصغيره كلمات يطلب فيها سمكه كبيره
قائلاً يهمس بصوتاً سعيد : أريد سمكة كبيرة ..
وأخذ يلقى
بكل ما أوتى من بقايا قواه بالصنارة بعيداً …
فى قمة
الترقب والشغف والتركيز
فجأة وبعد لحظات تهتز أطرافها وتعلن عن صيد جديد
قد وقع ليرفعها فى سعاده ليجد تلك السمكة الضخمة
التى تتأرجح فى أطرافها...
ليصرخ فى ذهول كبير : لا أصدق ..لا أصدق..غير
ممكن هذا الذى أراه لا أصدق ما حدث لإنها حقاً
صناره رهيبه ..
وإختراع
لا يمكن أن يخطر على العقول فى يوماً من الأيام ..
أخذ بكل لهفه وتوسل يعرض على الشاب شراء
الصنارة
المذهلة بأي ثمن مهما كان ..
يرفض الشاب
فى إستماته وينفى بيده ورأسه :
إنها ليست
للبيع..إنها ما تزال تحت التجربة ..
والعجوز يلح وبإصرار و يبدأ بالمزايدة ورفع
قيمة شراءة الضعف وبعد أكثر من محاوله يستجيب
الشاب
قائلاً : لا أستطيع رد كل هذه التوسلات
والرغبه الملحه ..ليشتري العجوز
الصنارة بثمن باهظ للغاية
ولكنه كان
رغم هذا سعيد فى غاية الفرحه
لا يصدق
إنه قد حصل عليها
ويذهب الشاب منصرفاً بحزمه من
النقود الكثير
وهو يداعب
أطرافها ويقوم بحسابة وعد أوراقها ...
ويترك العجوز
الذى يكتب ورقة وراء الأخر …
وينتظر
دون جدوى..دون فائدة ..
يبدو أن
هناك خطأ ما ..
الصنارة
لم تعد تستجيب ..
لم تعد
تعمل ..
لم تخرج
الاسمام كما كان تفعل من قبل..
لتتغير
ملامحه للحسرة ويصرخ :
ماذا
حدث..؟
ماذا حدث
إنها لا تعمل ..
هل العطل
بها أم بالأوراق المكتوبه أم القلم أم الماء
أم إختفت
الأسماء
لم يجد أى
إجابة أو رد لحيرته..
لم تخرج له الصناره العجيبه أى شىء
ولا يوجد
بها حتى سمكه واحده..!!!
ماذا حدث
…؟
فجأة تهتز
أطرافها وتعلن عن صيداً جديد
..ويشعر بثقلها ..
يجذبها فى سعاده ولهفه ويهتف :
ها هى قد عادت للعمل من
جديد ..
ليجد ورقة أخرى مكتوباً عليها :
لقد تم النصب عليك أيها العجوز
المغفل الساذج ….
أنا من
كنت أقوم بتعليق السمك لك و لزميلى
الذى حصل
على أموالك...
عليك
بالرحيل من هنا أيها العجوز المغفل وأن تحترس
فى المره
القادمه من النصابيين..
ليضحك العجوز بشدة وتبرز أسنانه
المحطمه من شفتيه فى مشهد غريب
وحده وهو يكتب الرد من جديد فى ورقة أخرى ويلقى به
.. نحو الماء
عليك أن تخبر صديقك حين تلقاه أن النقود
الذي
حصلتم عليها هى نقود مزيفه..
محمد أبو النجا
مصر
3/5/2018
تعليقات
إرسال تعليق