رواية
أحزان قسمت
الجزء 23
تأليف الكاتب محمد أبو النجا
تستعيد قسمت وعيها ببطء داخل
غرفة بيضاء انيقه فى واحده من
المستشفيات الكبرى..
لتجد أمها تمسك على يدها اليمنى
برفق وتهمس :
حمد الله على سلامتك ياحبيبتي..
قسمت فى قلق واضح وخوف
: هو إيه اللى حصل ..؟
أنا فين ..؟
أمها : انتى بخير متخفيش..
قسمت فى إعياء شديد وبكلمات ثقيله
تخرج بين شفتيها :
ماما هو انا لسه عايشه ...؟
لسه مموتش..!
تضع أمها راحت يديها على جبينها البارد
قائله : إيه الكلام ده ياقسمت ...!
الحمد لله أنتى بخير ...
واطلقت زفره مشتعله من صدرها :
العيال ولاد الحرام ولاد خميس
كانوا شاربين واتهجموا عليكى
وواحده من الجيران شافت اللى حصل
وراحت ضاربه بالصوت ...
والناس اتلمت عليهم واتمسكوا ...
وإن شاء الله يتسجنوا ويتعلموا الأدب ..
قسمت فى حزن ودموع :
أنا خايفه اوى يا ماما ..
مش قادره انسى شكلهم
وهما بيضربونى بالسكينه ..
إحساس مرعب ..
أمها فى حزن :
ربنا ينتقم منهم ...
ثوانى اشوف الدكتور وأناديه ..
عشان يطمنا عليكى ...
كمان اتصل ابلغ ابوكى وأخواتك
انك فوقتى بالسلامه ...
عشان يطمنوا ...
وقبل أن تتحرك أمها كان قد دلف نحو
الحجره رجل تناهز الستين من عمره أصلع
الرأس ممتلىء الجسد يبتسم إبتسامه
طيبه قائلاً :
حمد الله على السلامه يا دكتوره
قسمت..
قسمت فى تعجب تردد :
دكتوره ..!!
اومأ الدكتور برأسه :
اللى عرفته من اخواتك
هنا اول إمبارح إنك فى كلية طب ..
قسمت فى تعجب ودهشة تقول
: اول إمبارح ..!
أمها فى إرتباك :
انتى...اصل ...
انتى...
فى غيبوبه بقالك يومين ياقسمت ...
تتسع عين قسمت فى صدمه شديده
والطبيب مازال يبتسم :
لكن الحمد لله
الخطر زال وإن شاء الله تبقى بخير ..
ابتسم قسمت بوجه شاحب والطبيب
يقترب يتفحصها قائلاً :
لكن هتحتاجى راحه كامله شهر على الأقل
شهر مفيش اى مجهود ..
انتى نزفتى كتير ..
قسمت فى حزن وخوف تقول متلعثمه
: لكن يا دكتور انا عندى إمتحانات
وكمان ...
ينفى الطبيب وهو يقاطعها بإشاره من
يده : للأسف مفيش قدامك بديل ....
الحركه والمجهود الفتره
اللى جايه غير مسموح بيها ..
قسمت فى فزع : بس
انا كده السنه هتروح
عليه ..
مط الطبيب شفتيه :
للأسف يا دكتوره
مفيش قدامك بديل ...
أنتى انكتب لك عمر جديد بمعجزه ..
خصوصا إنك كمان حامل ..
وربنا يعوضك السنه الجايه تب..
تقاطعه قسمت فى رفض برأسها
: انا لازم اذاكر وادخل الإمتحان ..
حرام السنه تروح عليه ..
ينفى الطبيب برأسه من جديد دون
ان ينبس بطرف كلمه وينسحب مغادرا
الحجره فى هدوء ...
وقسمت تبكى وهى لا تصدق
وترفض ما قاله الطبيب .
ترفض أن تستسلم ...
او يضيع حلمها ...
************
(ارجوكى ياقسمت لازم تتنازلى)
نطق خميس جملته وهو يتوسل إلى
قسمت التى رفضت بإصرار وهى
تنفى برأسها :
اللى بتقوله ده يا خميس مستحيل
اعمله ...
ولادك الاغبيه حاولوا يقتلونى..
وانته جاى تطلب منى أتنازل عن حقى..
مش ممكن ..
يكاد خميس يبكى قائلاً العيال كانوا
شاربين مش فى وعيهم ..
الولاد مستقبلهم هيروح...
تبتسم قسمت ساخره :
مستقبلهم ..!!
انا السنه دى بسببهم هعيدها...
مش هعرف اذاكر ولا ادخل إمتحان..
خميس : عشان خاطرى ياقسمت...
تنفى قسمت : ملكش خاطر عندى ..
يتراجع خميس فى صدمه من أسلوبها
الحاد والجاف والعنيف يقول :
طب عشان خاطر
اخوهم اللى فى بطنك ..
متعمليش كده فى اخواته ..
ونعمل تنازل ... المحامى أكد لو ..
تقاطعه قسمت فى حدة :
بقولك إيه يا خميس عشان نختصر
ون ناقصه مناهده ....
انا اقسم بالله ما هتنازل..
مهما حصل ..
انا كنت هضيع بسببهم ...
ولازم أخد حقى ..
وحقى إنى أشوفهم فى السجن...
شعر خميس بخيبة الأمل
وعدم الجدوى من الحديث معها
ليقول فى يأس : يعنى خلاص ده
آخر كلام عندك ..
هزت قسمت رأسها : أيوه...
فجأة طرقات على باب الحجره
وترى قسمت صديقتها رحاب قادمه
تحمل بين يديها الورود بصحبت
الدكتور مصطفى مخلص ..
تشير قسمت إلى خميس بوجه جاف
وصلب:
ممكن بقى تتفضل وتسيبنى
ارتاح ..عشان اقابل ضيوفى...
ينصرف خميس وهو يشعر بالإنكسار
والذل ..
وملامح قسمت تتبدل إلى الإبتسامه
ورحاب تقترب منها تميل وتقبل جبينها
: حمدا لله على سلامتك ياقسمت ...
ومصطفى يهمس بنفس الكلمات
: حمد الله على سلامتك يا دكتوره
قسمت..
قسمت بأعين حزينه :
الحمد لله انا بخير..
لكن للأسف مش هقدر ادخل الإمتحان
الدكتور رافض اى حركه ...
بسبب اللى حصل لى ..
تربت رحاب برفق على كتفيها
: كل حاجه هتتعوض يا حبيبتي...
إن شاء الله...
المهم تكونى بخير ...
هز مصطفى رأسها : المهم صحتك
يا دكتوره...
أى شىء تانى ممكن يتعوض
ثم عاد ينظر إلى رحاب :
مش ياالله بينا احنا ...
عادت رحاب تميل وتقبلها من جديد
: إن شاء الله تبقى بخير ..
هعدى عليكى تانى ...
اشوفك على خير...
وانصرفت رحاب مع مصطفى ..
مبتعده ...
وقسمت تتابعهم وقلبها دون أن تملك
أن تمنعه
أو تملك السيطره عليه ...
كان يشتعل غيره ...
بل يحترق ...
*******
( انته لازم تقابلهم وتتكلم معاهم )
نطقت نعيمه جملتها أمام زوجها صلاح
الذى نفى برأسه ويده :
الكلام مش هجيب
نتيجه معاهم يا نعيمه صدقينى ...
نعيمه فى غضب : دى حرب ..
المطبعه دى أصحابها فاتحين عشان
يدمرونا ...
دول متعمدين .. الأذيه...
وضغطت على أسنانها ضيقاً
: تصدق إن نفسي اولع فيهم ...
يقاطعها صلاح وهو
ينفى بيده :
مفيش داعى يا نعيمه للعصبيه..
كل واحد بياخد على قد نيته ...
وربنا اعلم بالقلوب...
نعيمه :
انا عرفت إن المطبعه دى بتاعت
واحده ست ..
متعرفش هيه مين ...؟
أو منين ..؟
أو اسمها إيه ...؟
انا ممكن اقابلها..
واكلمها..
يمكن تحس ويكون عندها دم ..
يتنهد صلاح وهو ما يزال يخفى
عنها أن من تتحدث عنها وصاحبت
تلك المطبعه هى أختها قسمت ...
صلاح بصوت هادئ يحاول صرف
نظرها :
كبرى دماغك يا نعيمه ...
كل واحد بياخد على قد نيته ...
فجأة طرقات على باب الشقه
ومحمد يدخل بوجه متجهم
صلاح فى قلق يقترب منه
يتطلع إلى ملامح الجاده يقول :
مالك يا محمد ....؟
فى إيه ...؟
وشك مقلوب ...!
يطلق محمد زفره حاره :
المطبعه ياصلاح
تقريبا حالها وقف خالص ..
مفيش عميل عندنا الا وراح للمطبعه
التانيه ..
بعد خفض اسعارها ..
والعروض اللى عملتها ...
كمان سرعة الشغل بسبب آلات الحديثه
وارتفاع نسبة الجوده ...
نظر صلاح فى حزن :
كل واحد بياخد رزقه ..
نعيمه فى غضب :
لاء بقى ده كتير ...
دول ذودوها ....
أحنا لازم نتكلم معاهم..
لازم يكون فى حل ونوضع حد للى
بيعملوه...
نظر محمد وهو يكاد يصرخ بغضب
يخبرها أن من يدير تلك المطبعه
هما إخوتها معتز ومراد
تحت إشراف قسمت ...
لكنه أمسك لسانه وفاء بوعده
لصلاح بعدم البوح لها بذلك السر...
ونظرات صلاح التى تخبره بكل وضوح
ألزم الصمت ..
صلاح بكل هدوء : ياجماعه ربكم كبير ..
وشايف وعارف أننا عمرنا ما أذينا حد ..
أو نتمنى الشر لحد ..
احنا ..
بتر عبارته فجأة
مع رنين هاتفه ....
عقد حاجباه فى تعجب
وأخذ يلامس شاشاته
ويضع الهاتف على أذنه يتحدث ..
ثم اتسعت عيناها فى ذهول شديد
وواضح ...
واغلق المحادثه ونظر نحوهم وهو
شارد الذهن على نحو عجيب ..
محمد فى تعجب وحيره
: مالك ياصلاح ...؟
فى إيه ..؟
مين اللى كان بيكلمك ...؟
نعيمه فى توتر فى :
إيه بإصلاح ..!
حصل إيه ...!
مين اللى كان بيتصل عليك ...؟
صلاح بوجه يسكنه الصدمه :
دى الاستاذه كوثر اللى كانت
بتكلمنى ...
تتسع عين نعيمه فى لهفه وهى
تدفع بيديها عجلات كرسيها
المتحرك
تقترب من صلاح وتصرخ
: يبقى النتيجه
ظهرت صح ..
ظهرت ياصلاح ..
صلاح فى ذهول : أيوه...
وجبتى مجموع كبير ..
كبير جدا يا نعيمه ...
الاستاذه كوثر نفسها مش مصدقه ..
بتقول ...
وعاد يتلعثم وهو يكمل فى ارتباك واضح
بتقول : إن المجموعه اللى جابته
نعيمه ممكن ...
ممكن ..
محمد فى شغف يلوح يشيح بيده :
يابنى اتكلم فى إيه ...؟
صلاح فى ذهول :
مجموع نعيمه ...
ممكن يدخلها كلية طب ...
تراجع محمد فى صدمه عنيفه للوراء
ونعيمه تصرخ فى جنون وسعاده ..
: بجد ...!
بجد ياصلاح ...!
أومأ صلاح برأسه : ايوه
الأستاذه كوثر أكدت لى دلوقت ..
مجموع نعيمه مفاجأة. ..
ممكن تدخل بيه كلية طب ..
محمد ينفى بملامح وجه مبهور
: انتو عارفين ده معناه إيه ...؟
يدور صلاح برأسه له يقول
: معناه إيه يا محمد ..؟
محمد بصوت مرتبك :
معناه إن نعيمه هتكون زميلة
اختها قسمت فى كلية طب ...
وسقط قلب صلاح بين قدميه ...
وهو لا يتوقع أو يتخيل
ما حدث ....
ولم يكن أحدا يوماً يصدقه ....
قصص قصيرة
روايات أخرى يمكنك متابعتها
إضغط على الرابط واسم الرواية فى الأسفل
تعليقات
إرسال تعليق