رواية الروح الثالثة
الجزء 57
تأليف محمد أبو النجا
كانت
دموع منصور تتساقط وهو
على
حافة الباب
يدحل وقلبه يحتضنه فى بكاء كالطفل..
يدحل الحجره وهو لا يصدق
أن منى الآن هنا وسيراها..
كانت
راقده وصامته...
يقترب
ببطء ينظر إليها...
ينظر إلى
ملامحها
الجديده المختلفه...
ووجه
لفتاه
لم يراها
ولم يعرفها من قبل
موقف غريب ربما لم يحدث من قبل..
لكنها تبقى فى النهايه أخته..
وحبيبته منى
نفس دماؤها..
نفس
الروح ...
لقد
شعر بأنفاسها...
بنبض
قلبها...
كما هو..
لم
يتبدل أو يتغير...
شىء..
يقترب
وينثنى أرضاً يقبل يديها...
ودموعه
تنهمر..
يقترب
منه ذلك الطبيب
ليهتف
منصور فى لهفه
: إيه الأخبار يا دكتور..؟
هيه عايشه..
الطبيب فى حزن : أيوه لكن الوضع صعب
مكدبش
عليك..
أحنا بعتنا نستدعى أكياس دم
بسبب اللى فقدته بعد قطع شرايين
إديها..
وحالتها
متأخره... وحرجه
منصور
فى لهفه يرفع يده يشير
إلى نفسه :
أنا
أخوها...
شوفوا
فصيلة دمى...
خودوا
دمى كله بس هيه تعيش...
هز
الطبيب رأسه :
تمام
هبعت الممرضه تاخد عينه
ولو
الفصيله مناسبه ...
وعاد
يقطع جملته :
لكن خليك برضه فاكر
إن
الأمل يكاد يكون منعدم بس
أحنا
بنعمل اللى علينا
عاد
منصور يزداد بكاء وهو يهتف
وينادى
:
منى
..
أصحى
يامنى...
أنا
منصور...
أخوكى...
أصحى
أرجوكى...
أنا
جيت يامنى ...
منى
والله أى حد لمسك هقتله...
هانتقم لك منه..
مش
عايزك تموتى..
أنا
مبقاش ليه غيرك...
منى
إنتى سمعانى..؟
الطبيب
بصوت حزين : يا أستاذ مينفعش كده
تعالى
معايا أرجوك
هيه
فى غيبوبه من يوم ما جت...
ولا
هيه سمعاك دلوقت
ولا
حتى حاسه بيك...
ينفى
منصور بدموعه ورأسه :
أنا
فضلت فى
غيبوبه
سنين طويله مسبتنيش
ولا
اتخلت عنى...
أنا بقى
هسيبها
دلوقت...!!
لازم
تقوم وتتكلم...
هيه
سمعانى...
صدقنى..
هيه
عارفه صوتى...
يتنهد
الطبيب : أنا مقدر حالتك صدقنى...
وعارف...
بتر
عبارته وهو يرى أصابعها قد بدأت
تتحرك ببطء ورأسها تهتز
ليصرخ
منصور من الفرحه :
مش
بقولك .
مش
بقولك سمعانى..؟
إنته متعرفش بين قلوبنا إيه..؟
منى...
منى
أصحى ...
أنا
منصور...
أنا
رجعت...
رجعت
عشان أمسح بجثة أى
حد
زعلك الأرض...
تنتفض
منى وهى تحرك رأسها بيطء..
وهو
يلامس بأصابعه جبهتها
وتبلل دموعه شعرها.
لتفتح
عينيها وهى لا تصدق ...
لتحاول
الصراخ لكنها لم تقوى...
لم
تستطع أن تتكلم..
فقد
قالت بصوت هزيل وضعيف :
منصور ..!
منصور
أخويا ..!
يقبل
منصور رأسها وهو يبتسم
رغم البكاء..
:
أنا رجعت يامنى..
أنا فوقت من غيبوبتى...
أنتى
اللى أنقذتينى من الموت طول
السنين
اللى فاتت..
منى
: أنته موجود ...!
أنا
مش مصدقه...!!
يهز
رأسه أيوه : يامنى أنا جيت ..
أنا
جمبك..
منى
فى حزن تتراقص الدموع فى
عينيها
:
ولادى...
ولادى
يا منصور...
خدهم منى...
يوسف خدهم...
وعادت تتوسل بشكل
يمزق القلب : رجعهم ملى يا منصور..
رجع لى ولادى..
يقبض
منصور على يديها :
متخفيش
يامنى
والله
هيرجعوا...
أنا
هجيب هملك...
ودم
محروس وكل اللى عمله فيكم
مش هروح..
منى
فى دهشه وصدمه تتسع
عيناها :
إنته عرفت..!
هز
رأسه : عرفت كل حاجه
الصندوق
اللى سيبتبه فى المستشفى
عشانى
فيه كل الحكايه...
منى
: إنته وصلت لى هنا أزاى...؟
منصور من البنك...
منى
فى تعجب : طب أزاى...
منصور
: فى دكتوره اسمها لينا
هيه اللى ساعدتنى
وعرفت
عن طريق البنك اللى كنت
بتحولى
حساب
منه
للمستشفى عنوانك ..
طبعاً
بصعوبه ..
وده
لأنه ظرف استثنائى...
ولما
وصلت شقتك عرفت بالجريمه ...
طبعا
مصدقتش..
وكنت
متأكد أنه هوه اللى عملها...
يقاطع
حديثه الطبيب وهو يشير
للمرضه
القادمه نحوهم :
معلش
هناخد عينة الدم...
يمد
منصور له بيده وهو لا يفارق
النظر إلى منى
يقول
: وحشتينى يا منى ..
وحشتينى أوى...
أنا
مش مصدق كل اللى حصل...!
منى
فى حزن : أنا أتعذبت كتير أوى
يا منصور..
اتعذبت كتير أوى فى غيابك..
وحاسه
إنى هموت وولادى بعيد عنى...
ينفى
برأسه :
مش
هتموتى يامنى...
النهارده
ولادك هيكونوا عندك ...
لو
كنت بلغتينى من البدايه اللى حصل لك
ومخبتيش
عليه مكنش كل ده حصل...
كنتى
وفرت سنين كتيره من العذاب علينا...
تلامس
بأصابعها وجهها تقول
: ملامحى أختلفت يا منصور صح..!
مش
كده...!
إنته
شايف واحده تانيه غير
اللى تعرفها...
يبتسم
: مهما أتغيرت ملامحك
أو صوتك...
لا
يمكن روحك تتغير...
ولا
قلبك...
هتفضلى منى..
بس
الاول
أحكيلى
حصل إيه ؟
وأزاى
خد ولادك...؟
عايز أفهم..!
وأخذت
تروى له منى بصعوبه ما حدث
تسرد باقى القصه التى لم يعرفها..
وهو يشعر بقمة الغضب ..
مع كل كلمه منها...
وعروقه
ينفجر منها دماء الإنتقام ..
حتى إنتهت
ينثنى منصور على ركبتيه من جديد
ويقبل
: رأسها منى أرجوكى متزعليش..
أنا هرد لك حقك...
اللى زى يوسف ده تعبان مينفعش
أسلوبك اللى عملتيه ده كله..
المفروض يتقتل على طول..
من البدايه..
ينتفض جسد منى فجأة فى ألم
ليهتف الطبيب أرجوك كفايه بقى
يا أستاذ كلام لحد كده
أنا قولت لك حالتها صعبه
وانته تعبتها بالكلام..
ممكن تتفضل معايا...؟
يلامس منصور يديها فى عطف :
منى أرجوكى إتحملى متموتيش..
استنينى...
أنا هرجع لك بعد ما أنتقم لك منه
وأجيب لك حق...
وأرجع لك ولادك...
عادت منى تغلق عيناها فى هدوء
والطبيب يجذبه من يده
ممكن تتفضل بقى معايا..
أرجوك اللى بتعمله ده غلط..
على صحتها...
ينهار منصور وهو يستجيب لطلب
الطبيب ويتحرك معه نحو الخارج..
خارج المستشفى كلها
ينظر للسماء ودموعه
تتساقط وتغرق ملابسه
يدعو الله بكل توسل
أن ينقذ أخته من الموت..
ويشعر بذلك الجحيم المشتعل فى
عروق جسده من شدة الغضب
والثوره والسخط والغل
وقبض على يده بأصابعه
وأقسم على هدف واحد لا رجعت فيه..
قتل يوسف
وإسترداد أولاد أخته منى..
شادى وشريف..
سيفعل ذلك..
واليوم..
ولن يتراجع عن قراره ..
بقتل ذلك الشيطان..
مهما حدث...
سيموت الليله..
يوسف حمدى..
تعليقات
إرسال تعليق