رواية الروح الثالثة
الجزء 34
تأليف محمد أبو النجا
(صدقينى هيطلع براءة)
نطق المحامى صالح جبريل جملته أمام
الدكتوره ولاء التى تهللت اساريرها من
الفرحه قائله
: بجد يا استاذ صالح..؟
يبتسم صالح : أنا قرأت ملف القضيه كله
مفيش اى
دليل ضد يوسف حمدى ..
ثغرات كتير جدا ، ممكن اضمن من خلالها
براءته
وعلى فكره أنا قدمت طلب أننا كمان
نطلعه بكفالة
وإن شاءالله بكره بالكتير يتنفذ
ولاء فى سعاده : مش عارفه اقولك ايه يا
استاذ صالح مش عارفه اشكرك أزاى
أنا كنت متأكدة إن أكبر محامى فى
البلد مش هيكسفنى وهينجح فى تنفيذ رغبتى
يبتسم صالح من جديد : يا دكتوره ولاء انتى
عارفه
غلاوة الدكتور عصام والدك عندنا
تضع ولاء رأسها للحظه نحو الأرض
ثم تعود تقول فى هدوء :
طبعا حضرتك مش هتجيب له سيره ل بابا
زى ما وعدتنى..؟
أومأ برأسه مبتسمًا :
طبعاً ولو أنى كان عندى بعض التحفظ
بس خايف كلامى يضايقك
تنفى ولاء :
لاء طبعًا تحت امرك يا استاذ صالح اتفضل
مط صالح شفتيه مستطردًا :
يعنى مش عارف انتى بتعملى
كل ده ليه مع يوسف ده ..!
أنا شايف أنك بتخسرى مبتكسبيش..
يوسف تقريبا شاب انتهى..
ملامحه تقريبا ممسوحه..
كفيف ..
وفقد البصر..
وكمان
عرفت إنه مركب رجل صناعيه..
بصريح العبارة انتهى ..
اقدر اعرف بتعملى كل ده ليه ..؟
تطلق ولاء تنهيده طويله وبأعين
ترقرقت بالدموع : عشان أبقى عملت اللى
عليه
وعادت تدور بوجهها نحوه :
يا استاذ صالح يوسف كان فى يوم من
الايام دكتور زميلى ..
ناجح ومشهور ..
مط شفتيه ولمس بأصابعه حافة مكتبه
ثم ابتسم بهدوء : ياريت الناس كلها فى
طيبة
قلبك يا دكتوره ..
لو كل الناس زيك مش هيكون فى شر فى
الدنيا
هزت رأسها وهى تغلق عينيها للحظه :
هنتظر من حضرتك تليفون بكره
عشان يوسف يخرج بكفاله
صالح : إن شاء الله
عادت ولاء تعتدل واقفه وهى تجذب
حقيبتها فوق كتفها مبتسمه : بعد أذنك
صافحها وهى تغادر مكتبه نحو سيارتها
وهى تشعر
بإحساس
ملح فى
البكاء
ورغبه عارمه
فى زيارة يوسف والتحدث معه
**************
(مش عايز تتكلم برضه..!)
نطقت ولاء جملتها بصوت يكسوه
الحزن والدموع وهى تتوسل الى يوسف الصامت
المتجمد كالتمثال الحجرى
لتقول له : يوسف أنا بحارب الدنيا كلها عشانك
ليه مش عايز تساعدنى..!ّ
ليه رافض تكلمنى..!
عادت تمسح دموعها وتنظر له يوسف
: أنا همشى..
بس ده مش معناه أنى هسيبك
انا هفضل جمبك ..
مش هتخلى عنك وأكيد أنته عارف السبب
مش محتاجه أقولك
وقبل أن تعتدل من مقعدها للمغادره تسمع صوته
الذى اشتاقت له يقول : مكنش فى أى داعى لزيارتك
ولا فيه داعى للى بتعمليه
تقترب وهى تلامس يده البارده كالثلج تقول
: ليه رافض تكلمنى..؟
يوسف : مبقاش يفرق معايا اى حاجه أنا انتهيت
تنفى ولاء بصوت حزين : متقولش كده
يوسف : انتى ليه متمسكه بيه لحد دلوقت ..؟
مش شايفه أنا وصلت لإيه
دى شوهت ملامحى ومحيتها
ضيعت نظرى
ومش عارف أزاى عملت كده بعد ما
افقدتنى الوعى..
رجليه
وبقت صناعيه ...
ورمتنى اشحت فى الشوارع ..
مش عارف أعمل ايه ...
اصبح عقلى عاجز عن التفكير ...
ضيعت ودمرت مستقبلى...
ولاء : كله هيتصلح اوعدك
انا هعلجك هوديك أكبر مستشفيات العالم
هعمل المستحيل عشان ارجعك زى الاول صدقنى
يبستم يوسف ساخراً : حلم جميل مش هيتحقق
ولاء فى لهجه حاده : انته ليه سايب حالة اليأس
دى تتملك منك ..؟
ليه محبط..؟
ليه مش عايز ترجع زى ما كنت ..؟
خايف منها ..؟
خايف تعذبك تانى ...؟
ليه
قابل الضعف ..؟
وقابل
الإستسلام..؟
يسود بعد كلماتها الصمت
وهى تشعر أنها قد أصابت هدفها
لتقترب وتلامس بأصابعها الرقيقه وجهه
تقول
بصوت رقيق :
يوسف لازم ترجع ...
ترجع وتعاقب بنفسك الشيطانه اللى عملت فيك
كده
مش عايزاك تستسلم وتكون ضعيف
يوسف فى سخريه : انا مستبعدتش تكون
معانا دلوقت هنا
فى الزياره وسمعانا
أنا
فعلًا بيجينى إحساس بإنها شيطانه..
شيطانه
هدفها واحد بس
تدميرى...
وبدون
سبب..
ولاء : انته هتخرج بكره بكفاله
وهتطلع على
أوربا على طول على ألمانيا
وهناك هنبدأ سوى اول رحله فى العلاج
واوعدك هترجع زى الاول وأحسن
بس عايزاك قوى وتساعدنى
وعادت ولاء تغادر وهو يشعر بأن كلمات ناديه
حينما احرقت وجهه تضرب صداها وصوتها فى
مسامعه يردد كلماتها بأن من تحبه هى من ستظل
إلى جواره
بعد أن مسحت ملامحه
وظل السؤال الاخير
هل إن نجحت ولاء فى علاجه كما تقول
هل سيختارها لتكون حبيبته وزوجته ..؟
وظل ذلك السؤال يطوف بعقله
وقلبه
بلا أى رد أو إجابه
*************
(تعالى يا يوسف عشان تخرج
خلاص هتطلع بكفاله .... )
يشعر يوسف أن ذلك الطيف البعيد
من الأمل ينمو ويقترب ويصعد على أبراج اليأس
العاليه ويطلق هتافه بأنه قادم ...
يتحرك بمساعدة رجل الشرطه الذى يجذبه من
يده نحو الخارج قائلًا :
الست دفعت لك الكفاله..
تعالى عشان اوصلك
بنفسي لعربيتها ..
هى مستنياك بره
يبتسم يوسف من قلبه وهو يشعر بمذاق
تلك الابتسامة التى نسيها
ويشعر بباب السياره الذى يفتح
ويجلس على المقعد ...
ويسنشق رائحه عطر نسائى جذاب...
وتنطلق به السياره فى صمت
ليقول فى سعاده :
ولاء مش عارف اقولك ايه ..؟
اللى عملتيه معايا كتير ..
وعاد
يبتسم وهو يتمنى رؤية تلك الشمس
التى
يشعر بلمستها لوجهه :
انا مش مصدق أن ممكن ارجع لحياتى
زى الأول
مش مصدق أنى معاكى وفى عربيتك
انتى بترجعى ليه الأمل من جديد
بترجعى يوسف حمدى ..
بترجعى
السعاده اللى من زمان
محستش
بيها...
فجأة تضرب مسامعه تلك الضحكه
الشيطانيه التى
يعرفها ويحفظها عن ظهر قلب
ويرتجف قلبه ويخفق فى قوة وحسره
إنها
ليست الدكتوره ولاء..
وهو يستمع لذلك الصوت الذى يعرفه تمامًا
الصوت الذى دمر حياته كلها..
لتلك المرأه المخيفه التى عاجز عن
التخلص
أو الهروب منها...
ناديه محمود

تعليقات
إرسال تعليق