رواية الروح الثالثة
الجزء 45
تأليف محمد أبو النجا
بدأت منى تنهار فى البكاء وهى تستمع
إلى
كلمات قاسم سكر الذى قال :
صدقينى يا منى
أنا مكنتش عارف اقولك أزاى...
بس هو ده اللى حصل...
وكان
لازم تعرفى..
منى فى حسره تنهار تبكى وتنفى
بيديها : أنا مش مصدقه بابا وماما
البيت ولع بيهم...
مش ممكن...
مش ممكن تكون صدفه
أكيد هو اللى عمل كده
أكيد يوسف هو اللى حرقهم ..
مط قاسم شفتيه وهو يعقد
ساعديه أمام صدره :
مقدرش أجزم بكده....
بس أستبعد...
دا من
وجهة نظرى..
أصل هيقتلهم ليه...!
هيستفيد
إيه..!
منى : أكيد
عشان محدش ينتقم منه بعد اللى عمله...
بعد اللى عمله فيه وف محروس
يأخذ قاسم شهيق ممكن والله
بصراحه
يوسف وحسان دول يعملوا أى حاجه
يزداد بكاءها : وأخويا منصور...
فى غيبوبه..؟
قاسم :
أيوه وحالته صعبه بين الحياة والموت
تغلق منى عينيها لحظات فى حزن
عميق وعادت تقول وهى تفتحهم ببطء :
أنا عايزه أطلب منك طلب ...
عايزاك تنقله مستشفى كويسه
وأنا هكفل بعلاجه..
قاسم فى دهشه :
قصدك منصور أخوكى..!
منى : أيوه..
قاسم : منين...؟
دانتى لسه أول أسبوع فى شغلك...!
منى :
أنا هعمل المستحيل عشان أنقذه
قاسم أنا خايف أقولك إن دى فلوس
فى مايه ..
وإنتى أولى بيها...
منصور حالته صعبه جداً..
أنا أتأكدت من كده...
تفى منى برأسها :
مش هسيب أخويا منصور يموت
مبقاش ليه غيره...
قاسم : إنتى حره ...
أنا
نصحتك..
منى :
منصور لو كان موجود وعرف اللى
حصل ليه أنا ومحروس كان كلهم بسنانه...
قاسم :
عشان كده أداله عربيته وقطع له الفرامل
حب يتخلص منه بطريقه ذكيه ...
أنا عرفت كل اللى حصل بطريقتى ..
وعرفت كمان إن يوسف سافر أمريكا...
وحسان أختفى...
منى : لازم منصور يعيش...
ولازم فى أقرب فرصه أشوفوا...
قاسم : حاضر ..
أوعدك هعمل اللى أقدر عليه...
وهنفذ
طلباتك..
ولو
إنى مش مقتنع..
**************
بعد أسبوعين....
تقترب منى من ذلك الفراش الذى يرقد
فوقه أخيها منصور فى غيبوبه عميقه
تمسح دموعها..
و بجانب ذلك الطبيب القصير
الذى قال وهو ةيتابعها فى
حزن وراء نظارته السميكه :
حالته الحمد لله مستقره ..
منى فى صوت حزين :
هو هيفوق إمته من الغيبوبه يا
دكتور..؟
عقد الطبيب ساعديه أمام صدره
ولمس
بأصابعه نظارته :
فى الواقع صعب أحدد ..
ممكن النهارده بكره..
بعده...اسبوع ...شهر...أو أكتر ..
مقدرش أجزم....
منى فى حزن تمسح دموعها قائله :
طيب ممكن لو سافر بره ...
يكون
فى أمل أكتر..
أنا
مستعده أعمل أى حاجه فى سبيل
إنه
يعيش..
إنته
متعرفش أخويا ده بالنسبه لى إيه..؟
يقاطعها الطبيب وهو ينفى بيده :
صجقينى
ملوش لازمه..
أحنا عندنا هنا الرعايه الكافيه..
مفيش فرق ملحوظ لو سافر...
حالته
مش هيحصل لها أى تغير..
لو كان
فى أى فرصه تساعدنا
كنت
بلغتهالك..
كل
اللى محتاجه إنك
تدعيله بس ربنا يساعده
ويقدر يقوم من الغيبوبه
عادت منى تنظر إلى أخيها النائم
والصامت فى سبات عميق..
لا
تعلم فى أى عالم هو الآن يسكن ..
أو
ينتمى..
أو
يشعر..
داخل غيبوبه ..
هل
سيعود أم إنتهى أمره..
ويلحق
بأخيها الآخر محروس..
وتلامس أصابعه بيديها وتنثنى
بجسدها وهى تقبلها...
وتغادر آثار دموعها باقيه
فى أرجاء كل حجرته..
*********
بعد شهر
(اللى بتطلبه ده مستحيل ياعاشور...)
نطقت منى جملتها بعنف أمام مكتب عاشور
الذى ابتسم بين ملامح خبيثه
وهو ينفث سيجارته العملاقه
: مفيش حاجه إسمها مستحيل...
وقاسم سكر يستمع لحوارهم فى صمت
دون أن ينبس بطرف كلمه..
ومنى تحرك أعينها وتنظر برأسه
فيما بينهم تقول
:
أنا من يوم ما جيت واشتغلت عندك
بعمل كل اللى بتطلبه منى ...
عاشور
فى غضب : أنا كمان بعمل كل
اللى
بتطلبيه وبتحتاجيه..
وعاد يخرج من جرابه ورقه ووضعها
أعلى سطح مكتبه قائلًا وهو يشير نحوها
: ده وصل أمانه على بياض
إنتى مضيتى عليه وخدت فلوس
عشان مصاريف أخوكى منصور اللى فى
المستشفى...
منى : أيوه أنته عرضت عليه المساعده
يبتسم عاشور : مفيش حاجه فى زمنا
ببلاش..
منى : أيوه بس ميكنش التمن جسمى...
إنته عايزنى أبيع جسمى...
أسدد
الفلوس اللى عليه بالطريقه دى..!
يضحك عاشور :
أومال إنتى فاكره إنك هتدفعى
الفلوس اللى عليكى دى أزاى..
بشغلك هنا فى الكباريه...
تقدمى
الطلبات بس..
إنتى
هبله والاه بتستهبلى..
وعاد
يطفىء سيجارته بطريقه عنيفه
يقول
فى حدة :
بقولك إيه في واحد من الناس التقيله
شافك
وعايزك وأنا مش هرفض له طلب..
ومش
هزعله..
مهما
حصل..
منى : ولو رفضت...
ينفى
عاشور برأسه : ملكيش حرية الإختيار..
منى فى
تحدى : مش هعمل حاجه غصبن عنى..
يضحك عاشور : أنا مش هددك بوصل الامانه
اللى معايا لاء..
أنا هبعت رساله صغيره أبلغ فيها يوسف أو
حسان بالمستشفى اللى فيها أخوكى منصور
وساعتها أكيد هيقتلوه
تتسع عين منى فى صدمه لا تصدق
وهو يبتسم : أيوه قاسم قالى على كل حاجه
قاسم راجل من رجالتى ومبخبيش
عنى أى حاجه
وبعدين
ياسيتى أعتبرى الزبون ده يوسف حمدى
إتيعت
عين منى فى غضب وهى تحاول
صفعه
ليمسك يديها فى غضب
قبل أن
تصل وجهه : إنتى هتتجننى
هتتضربى
كمان..
بصى الخلاصة إنتى هتسمعى الكلام هشيلك
فى عنيه هتكفل بكل مصاريفك...
ومصاريف الولاده كمان
ومصاريف مستشفى منصور
وسرك فى بير ومحدش هيعرف لك طريق
تقولى لاء وترفضى أنسى كل ده
هقلب حياتك
سواد أكتر ما هى سوده..
وصل الأمانة هيسجنك بيه وهفضحك..
وهبلغ يوسف عن مكان منصور ..
عشان
يقتله..
وأكيد
هيقتلك..
يسود الصمت بينهم
وهى
تفكر فى حديثه..
وتشعر بالعجز وقلة الحيله..
وبالمرار داخل صدرها ...
وتتجمد الكلمات فى حلقها...
وتشعر برغبه عارمه فى البكاء..
ورغبه أكثر فى الموت ..
*********
بعد
عدة شهور..
(توءم زى القمر)
نطقت سعاد صديقة منى فى العمل جملتها
داخل المستشفى وهى تبتسم
إلى صديقتها :
حمد الله على السلامه يا منى...
جبتى ولدين زى القمر...
منى فى فرحه عارمه : بجد يا سعاد...
هزت سعاد رأسها :
أيوه ربنا يبارك لك فيهم ثوانى
هخلى الممرضه تساعدنى عشان
ترضعيهم..
تتنهد منى : يامنت كريم يارب..
سعاد : ها...هتسميهم إيه بقى ...؟
تفكر منى للحظات ثم عادت تقول :
مش عارفه ...!
مفكرتش خالص فى النقطه دى...
سعاد :
أنا كان عندى أخ زمان مات فى حادثة
قطار إسمه شريف..
منى :
أيوه إنتى قولت لى عنه قبل كده
إسم جميل شريف...و...
وشادى...
إيه رأيك ...!
تغمعم : سعاد شريف وشادى...
الله جميل .. أسماءهم...
منى : شريف يوسف حمدى
وشادى يوسف حمدى ..
تتراجع سعاد فى دهشه :
يوسف حمدى..؟
أنا أول مره اعرف إن أبوهم
إسمه يوسف حمدى..!
تتنهد منى : ومحدش يعرف غيرك..
سعاد :
فى موضوع مهم جدا
محتاجه أقولك عليه
بخصوص شادى وشريف
تتسع عين منى فى تعجب
: موضوع بخوص أولادى..!
هزت سعاد رأسها : أيوه
منى فى شغف : خير...
وبدأت سعاد تخبرها بكلمات غريبه
وتروى لها قصة لم تتخيلها منى
أو تخطر على عقلها...
قصه
جديد..
وصدمه جديده
فى حياتها...
تعليقات
إرسال تعليق