القائمة الرئيسية

الصفحات

رواية الروح الثالثة
 
الجزء ٢٤
 
تأليف محمد أبو النجا

 

يستعيد يوسف وعيه و هو يفتح عينيه ببطء

 

شديد لا يدر كم من الوقت قد مر عليه

 

يتفحص بعينيه المكان من حوله

 

يحاول إدراك الصوره

 

فراش ناعم كبير ، شاش أبيض حول رقبته ووجهه

 

يتذكر تلك اللحظه المفزعه التى يرتجف لها قلبه

 

وكل جسده يدعو فى أعماقه عقله أن يكون كل حدث له

 

ما هو  إلا كابوس يستيقظ منه الآن

 

لكن على ما يبدو أن ما حدث كان واقع

 

وهو يلامس وجهه ويهوى قلبه من الحسره

 

يتحرك فجأة باب الحجره ويدخل شابا طويل القامه

 

يقترب منه ويمسك يده يقول : دكتور يوسف

 

حمد الله على سلامتك بلاش من فضلك تلمس وشك

 

يبتلع يوسف ريقه : انا فين ..؟ وايه اللى حصل..؟

 

يشير الشاب الطويل إلى نفسه قائلاً : 

أنا الدكتور ياسر عبد الحليم

 

 وحضرتك جيت المستشفى من يومين وكنت 

فى غيبوبة بسبب...

 

وعاد للصمت قليلا

 

ليقول يوسف فى حسره : بسبب ايه يا دكتور ياسر..؟

 

ياسر فى حزن  : بسبب حرق من الدرجه الثالثه

 

يوسف فى حزن : مش ممكن يعنى مكنش كابوس..؟

 

اللى حصل لى ده كان حقيقه..!

 

ياسر : مين اللى عمل كده فى حضرتك يا دكتور..؟

 

انته محتاج تاخد الإجراءات بسرعه  ويتم القبض عليه

 

ولازم ..














 

يقاطعه يوسف : هو انا ممكن اشوف وشى يا دكتور ..؟

 

ينفى ياسر برأسه : مفتكرش يا دكتور يوسف على الأقل

 

فى الفتره دى وبعد..

 

بتر عبارته وهو يرى يوسف فجأة قد اعتدل

 

من فراشه صوب المرآة التى فى الجانب ..

 

ينزع من فوق وجهه القناع المصنوع من الشاش

 

 لينقض بسرعه الدكتور ياسر يمسك على يده

 

 يحاول منعه وهو يهتف : بلاش

 

بلاش يا دكتور غلط...مش وقته ...

 

انته كده بضر نفسك والجروح هتعرضها

 

يقاطعه يوسف بلهجه حاده قويه عنيفه : قول اللى حصل

 

ياسر: ارجوك ارجع سريرك اللى بتعمله ده

 غلط وسياتك دكتور وعارف

 

يوسف : إيه اللى حصل لوشي اتكلم من فضلك

 

ياسر فى حزن تام يدور بوجهه بعيداً عن مواجهة ياسر

 

: حرق كامل للوجه

 

يفقد النطق يوسف من حسره والصدمه

 

ليلامسه الطبيب كتفه فى ود ورأفه : آسف يا دكتور يوسف

 

انا بجد مش عارف اقولك ايه لكن اكيد الطب


 وصل لمرحله كبيره ممكن بيها

 

يقاطعه يوسف : اقدر أخرج من المستشفى امته

 

يتنهد الدكتور ياسر : افتكر هتحتاج لفتره

 طويله مش هقدر احددها دلوقتى

 

يوسف : هو مين اللى جابنى هنا...؟

 

(أنا)

 

يلتفت يوسف إلى مصدر الصوت للدكتوره ولاء

 

التى تقترب منه تقول فى حب وبصوت حنون

 

: الحمد لله أنك بخير

 

يوسف فى حزن : فين الخير ده يا دكتوره...!

 

انا أصبحت مشوه بعد ما حرقتنى...

 

حرقت وشى من غير اى رحمه

 

من غير اى ذنب

 

ولاء : أنا بلغت عنها وفى دايرة بحث كبيره

 

إن شاء الله يتم القبض عليها قريب وهتاخد عقابها

 

يوسف : انتى عرفتى منين إللى حصل..؟

 

ولاء : هيه اللى اتصلت عليه وقالت لى أنها حرقتك

 

مش قادره اوصف لك حالتى













 

يوسف : هيه بالفعل حرقتنى حرقت حياتى كلها ومستقبلى

 

قضت عليه...قتلتنى وانا حى

 

الموت كان هيكون ارحم من اللى هشوفوه فى ايامى

 

اللى جايه

 

تتساقط دموع ولاء فى حزن قائله : يوسف أنا كنت فاكره

 

انك اقوى من كده

 

مش عايزه اشوفك ضعيف ومستسلم بالشكل ده

 

ينفى يوسف برأسه : انا بقولك الحقيقه يا دكتوره ولاء

 

انا انتهيت

 

ولاء : أنا مش هسيبك انا هوديك لأكبر دكاتره فى العالم

 

وصدقنى الامل موجود ترجع زى الاول

 

يوسف : مفيش حاجه بترجع زى الاول يا دكتوره

 

المخلوقه دى قدرت أنها تخلص عليه من غير ما اعرف

 

السبب أو عملت كده ليه

 

أنا انتهيت

 

ولاء مش عايزه اسمع الكلمه دى تانى

ومش عايزاك تكلمنى وعنيك ووشك بعيد عنى

 

يوسف : ممكن تسبينى لوحدى يا دكتوره ..؟

 

ولاء : أنا مش هسيبك أبدا أنا هفضل..

 

يقاطعها يوسف فى حدة :

 

ارجوكى يا دكتوره...من فضلك محتاح اكون لوحدى

 

ترقرقت الدموع فى أعين ولاء وهى تغادر مسرعه فى

 

حزن شديد وهو يتابعها من بعيد حتى اختفت

 

لينهار على ركبتيه يبكى

 

فى حسره وفى ألم وشعور باليأس يسكنه

 

ويحتل عقله وجسده

 

وروحه

 

                                                     *************

 

(انتى اتجننتى)

 

نطق الدكتوره عصام والد الدكتوره ولاء جملته فى عنف

 

وغضب وهو يعتدل واقفا من مقعده على مكتبه

 

ويدور بجسده بالقرب منها وهى تتابعه بنظرات حاده قويه

 

تقول : افتكر يابابا دى حياتى وأنا اقدر اختارها كويس

 

واعرف..

 

يقاطعها وقد اشتعل غضبه : أنا مش مصدق اللى بسمعه ..!

 

دكتوره زيك مشهوره وناجحه وبنت اكبر دكتور فى مصر

 

جميله أى شاب يحلم بالارتباط بيها

 

بتفكر تتجوز إنسان تقريبا انتهى

 

شخص مبقاش له وجود

 

ولاء فى غضب : يوسف ما مامتش عشان تقول كده

 

الدكتور عصام : يوسف مات وانتى عارفه كده كويس

 

عارفه إن مبقاش له مستقبل ولا هيقدر يشتغل تانى

 

بعد ما أصبح شخص دميم مفيش حد يقدر يتحمل

 

النظر له

 

أنتى أزاى عايزة ترتبطى بيه وتتجوزيه..!

 

أزاى هتواجهى المجتمع..!

 

أزاى هتتعاملى قدام الناس لما يكون معاكى..!

 

انتى اكيد فى غيبوبه مش حاسه باللى بتقوليه...!

 

متخيله حجم الشفقه او الاشمئزاز لما هتقابلى الناس

 

وهوه معاكى ..؟

 

ولاء : اى شخص معرض يكون مكانه

 

معرض يكون في نفس الموقف

 

ينفى ابيها بيده : مليش فى اللى بتقوليه

 

أنا لو مكانه مش هتجوز خلاص هبعد عشان مسببش اى

 

ضرر للى حاوليه مش هبنى اسره تتحطم فى وجودى

 

ولاء فى حزن : انته بكده حكمت عليه بالموت

 

رساله بأنه خلاص مش هينفع يعيش

 

أبيها : يعيش بس بعيد عن بنتى وعنى

 

واسمعى كويس الجوازه دى مش هتحصل ولا هتم

 

مهما كانت النتيجه

 

انا مش هسمح به يدخل حياتك أو حياتى

 

مهما كلفنى الأمر سمعانى

 

تطلق ولاء تنهيده وهى تشعر بما يرمى له أبيها

 

من تهديد صريح

 

وصادق

 

                                               *************

 

قطار ينطلق بسرعه ليلًا

 

رجل يميل بجسده ويرتكز برأسه على شباك الجانبى

 

يغطى وجهه تماماً بعقال حوله

 

لا يظهر سوى عينيه

 

لم يكن هذا الرجل سوى يوسف الذى قرر

 

الرحيل من القاهره الى الاسكندريه

 

لم يعد يفكر فى اى شىء

 

سوى النسيان

 

تدفق الإحباط فى دمه وتفجر من اوردته اليأس

 

فكر كثيراً في الانتحار لم يعد لديه الرغبه فى كشف

 

اسباب ما حدث له وما فعلته به تلك الشيطانه ولماذا ..!

 

فقد الامل في الوصول إلى الحقيقة

 

كان عليه أن يبتعد عن كل شىء

 

يحتاج لبداية مجهوله بالنسبه له يرى ويتعامل فيها

 

مع بشر لا يعرفونه ولا يعرفهم

 

ولا يدركون حقيقته

 

لا يريد رؤية الشفقه فى وجوههم

 

تمنى من أعماق قلبه الموت

 

فجأة يقتحم خلوته تلك الفتاة الرقيقه بحقبيتها

 

تجلس على المقعد المقابل له تتطلع له بنظرات مريبه

 

قبل أن تلامس هاتفها وتشعر بالبرد فتعود لمحاوله

 

إغلاق النافذه التى بالقرب منها فتفشل فى ذلك

 

ليعتدل يوسف فى محاوله لمساعدتها قبل

 

إن يسقط العقال فجأة من على وجهه






 

ليكشف عن صورته التى كان يخفيها

 

لتشهق الفتاة فى رعب وتبحث فى سرعه

 

عن حقيبتها وتفر مسرعه هاربه ...

 

حينها تأكد بأنه كان صادق حينما أخبر

 

ولاء أنه قد انتهى

 

لم يعد ذلك الشاب الوسيم التى تتنافس على

 

قلبه النساء لقد أحرقت تلك الملعونه

 

كل أحلامه

 

لقد بدأ يبغضها.... يكرهها...

 

الآن يتوقف القطار

 

لا يدر إلى أين تأخذه أقدامه..؟

 

إلى أين تأخذه الأقدار ..؟

 

يسير فى شوارع الاسكندريه وعقله بعيد عن ما حوله

 

يشعر بالجوع والتعب والرغبه فى النوم

 

حتى جلس على مقعد عريض على أحد الارصفه

 

إلى أن غلبه النوم

 

ليستيقظ على صوت ضجيج وحديث لمجموعه كثيره من

 

الرجال بالقرب منه

 

يتابعهم فى صمت وقد دار شجار بصوت مرتفع بينهم

 

وأحدهم يقول : باقى خمس رجاله مجوش ياجماعه ..؟

 

النظام ده مينفعش أحنا كده بندلع

 

مش فيه مواعيد ..!















 

رد الآخر : ياعم هما بقى حوريين مع المعلم

 

يعود الأول : ابقوا شوفوا حد مكانهم العيال دى

 

يوم يشتغلوا ويومين لاء

 

عايزين رجاله

 

لم يدر يوسف سبب لما فعله جعله يعتدل واقفًأ

 

ويتجه بالقرب منه ويهمس لأحدهم

 

: هو انا ممكن الالقى شغل معاكم..؟

 

يتطلع له الرجل فى دهشه يردد: تشتغل معانا..؟

 

يوسف : ايوه اى لقمة عيش معاكم انا غريب مش هنا

 

الرجل : هو انته عارف احنا بنشتغل ايه ..؟

 

يوسف: اى حاجه انا موافق

 

مط الرجل شفتيه : والله اللى يحدد ده بقى المعلم

 

يعلو صوت آخر وهو يشير برأسه ناحيه يوسف

 

:عايز ايه ده ..؟

 

يوسف :عايز اشتغل

 

عقد الرجل حاجبيه: انته مين ..؟ واسمك ايه ..؟

 

يسود الصمت لحظات حتى قال يوسف وقد أخفى

 

حقيقة أمره واسمه قائلًا : أسمى جابر

 

من الفيوم وجيت هنا اسكندريه ادور على اى شغل

 

الرجل فى حيره : ومخبى وشك كده ليه بالكوفيه دى

 

ما ترفع الغطا كده عشان نشوفك

 

يسود الصمت للحظات ليقول يوسف : معلش عشان

 

تعبان شويه وكمان

 

يرد الآخر  وهو يقاطع الحديث : ياعم هو احنا هناسبه..!

 

 خوده معانا للمعلم وهو بقى اللى يقرر

 

يتنهد الاخير طب يالله عشان اتأخرنا

 

أركبوا بسرعه

 

يدور يوسف مع كلمته : نركب فين ..! انا مش شايف

 

يشيرالرجل بيده : فوق

 

هتركب معانا فوق العربيه النقل

 

لم يتردد يوسف وهو يقفز معهم للأعلى

 

وينحشر بين زحامهم

 

لا يعلم لماذا فعل هذا ..؟

 

هل ينوى عقاب نفسه بما يفعله الآن..!

 

لا يدرى..؟

 

لكنه كأنه ينوى الرحيل عن كل عالمه السابق

 

حتى الدكتور يوسف نفسه

 

الذى يحاول قتله أمام الناس

 

ويصنع الآن رجل جديد يدعى جابر

 

ينتقل بين عمال بسطاء لا يعلم إلى أين

 

يحملونه معهم ..؟

 

لكنه كان يشعر ببعض الرضا

 

دون أن يدرى أنه ينتقل معهم لعالم جديد

 

ومصير مخيف وغامض ينتظر

وأيام مرعبه قادمه إليه..


إضغط هنا الجزء 25

 

 لمتابعة جميع أجزاء الرواية


إضغط على الجزء المطلوب فى الأسفل

إضغط هنا الجزء 1                                                             


إضغط هنا الجزء 2                                                                    

إضغط هنا الجزء 3

إضغط هنا الجزء 5

إضغط هنا الجزء 6

إضغط هنا الجزء 7

إضغط هنا الجزء 8

إضغط هنا الجزء 9

إضغط هنا الجزء 10

إضغط هنا الجزء 11

إضغط هنا الجزء 12

إضغط هنا الجزء 13

إضغط هنا الجزء 14

إضغط هنا الجزء 15

إضغط هنا الجزء 16

إضغط هنا الجزء 17

إضغط هنا الجزء 18

إضغط هنا الجزء 19

إضغط هنا الجزء 20

إضغط هنا الجزء 21

إضغط هنا الجزء 22

 إضغط هنا الجزء 23

إضغط هنا الجزء 24

إضغط هنا الجزء 25

إضغط هنا الجزء 26

إضغط هنا الجزء 27

إضغط هنا الجزء 28

إضغط هنا الجزء 29

إضغط هنا الجزء 30

إضغط هنا الجزء 31

إضغط هنا الجزء 32

إضغط هنا الجزء 33

إضغط هنا الجزء 34

إضغط هنا الجزء 35

إضغط هنا الجزء 36

إضغط هنا الجزء 37

إضغط هنا الجزء 38

إضغط هنا الجزء 39

  إضغط هنا الجزء 40

إضغط هنا الجزء 41

إضغط هنا الجزء 42

إضغط هنا الجزء 43

إضغط هنا الجزء 44

إضغط هنا الجزء 45

إضغط هنا الجزء 46

إضغط هنا الجزء 47

إضغط هنا الجزء 48

إضغط هنا الجزء 49

إضغط هنا الجزء 50

إضغط هنا الجزء 51

إضغط هنا الجزء 52

إضغط هنا الجزء 53

إضغط هنا الجزء 54

إضغط هنا الجزء 55

إضغط هنا الجزء 56

إضغط هنا الجزء 57 قبل الأخير 

إضغط هنا الجزء 58 والأخير

هل اعجبك الموضوع :

تعليقات