رواية
الروح الثالثة
الجزء
35
تأليف
محمد أبو النجا
بالتأكيد لن يكون هناك إنسان على وجه
الأرض فى مثل حسرة يوسف وجنونه
فى تلك
اللحظه
وهو يستمع لضحكة ناديه محمود داخل
السياره
أنه يعرفها تماماً ويحفظها
عن ظهر
قلب
لا يصدق ذلك الكابوس الجديد الذى سقط
فيه
كابوس يعيشه دون أن يراه
كابوس
لا يمكنه الأستيقاظ منه..
لتقول بصوت يسكنه الشماته :
مفاجأة مش كده..؟
مفاجأة مكنتش تخطر على بالك
كنت متخيل أن ولاء اللى دفعت لك
الكفاله
متخيل أنها اللى فى العربيه معاك
مش مصدق إن حبيتك ناديه هيه اللى معاك
أنا ديما كده بخليك تعيش فى جوه كله
مفاجآت وغير تقليدى
بزمتك مش بيديلك متعه
متعه زى اللى حاسها دلوقتى
ملامحك اللى باقيه فى وشك
اتبدلت واتغيرت
انته زعلت لما اكتشفت أن خطفتك
قبل ما ولاء تجيلك
اكيد هيه كمان هتجنن لما تعرف أن
فيه واحده دفعت لك الكفاله وخدتك
متخيله شكلها
واطلقت ضحكه جنونيه : ياه
دى هتجنن
بس متنساش انك من حقى أنا حبيبتك
مش إنته لسه بتحبنى يا يوسف
ونظرت
له وهى تدور بسيارتها وقد
ساد الصمت بينهم وهى تكرر
: يوسف مبتردش ليه...؟
يتنهد يوسف مستطردًا : منتظره منى ايه
...؟
أنتى إنسانه مجنون مش طبيعيه ...
لا عايزه تقتلينى وتخلصينى..
من كل
اللى بتعمليه فيه..!
ولا
حتى أنا فاهم بتعملى كده ليه..!
ولا عايزه تسبينى فى حالى
أنا
معملتلكيش حاجه..!
هو
ذنبى إنى حبيتك فى يوم..!
ناديه بصوت هادىء :
تحب أخلصك من ده كله ..؟
تحب تموت يا يوسف ...؟
يوسف بصوت قوى : ياريت ..
اموت عشان ارتاح من حياتى ومنك
تطلق ضحكتها الساخره وهى تقول :
طب أنا بقى عندى ليك النهارده مفاجآت
غير كل اللى فات
مفاجآت بالجمله ....
وشعر يوسف مع جملته بقلبه ينقبض بقوه
وبخوف شديد
لا حدود له
وشعر
بأن ذلك اللقاء الذى جمع بينهم
الآن
لن يكون عاديًا...
فصوتها
يحمل الشر له..
وربما
كانت تنوى بالفعل قتله..
*************
تضرب تلك السياره فجأة مكابحها
بيوسف الذى شعر بجسده يتألم
ويهتز بعنف
ويسمع صوت بابها إلى
جواره يفتح وهى تقول بصوت حاد
وقوى :
انزل تعالى ...
إنته
هتنام...؟
يستجيب يوسف لأوامرها فى استسلام
تام
وهى تدفعه بيديها اليمنى وتسوقه
بعنف نحو
الأمام قائله بصوت غاضب :
امشى قدامى
امشى..مالك
الرجل الصناعيه بتوجعك..؟
يشعر يوسف
بالقهر من طريقتها
وهى
مازالت تدفعه قائله :
أمشى
هديت حيلى
يتحرك يوسف وهو لا يعلم إلى أى
مكان تأخذه..!
وما الذى تنوى فعله معه هذه المره ..؟
يبدو أنها النهاية بلا أدنى شك
بالتأكيد ستقتله هذه المره ....
يستمع لصوت باب جديد جديدى يفتح
وينزاح ليرتجف جسده معه..
ويدها ما تزال تدفعه فى عنف للداخل
قائله
اللى عجبنى فيك أنك هادى ومستسلم وساكت
لا حاولت تمنعنى أو تهرب
ولا حتى تصوت وتقول للناس
يلحقوك من ايديه..
يوسف ساخراً : اهرب وأنا أعمى
وضحك يلامس عينيه بأصابعه مش
هتبطلى اسلوبك
المستفز ..؟
اللى من الواضح إنى خدت عليه...
على فكره أنا مش هيفرق معايا أى حاجه
خلاص
ومتفتكريش أنك هتقدرى تعذبينى اكتر
من كده
ياريت تقتلينى ونخلص
تضحك ساخره الموت رحمه ليك وأنا
مش هرحمك..
ولو كنت متخيل إن العذاب انتهى
تبقى غلطان
أنا لسه عندى كروت كتير ملعبتش بيها
يسود صمت بعد كلماتها وهى تصرخ
فى وجهه : إتنيل اقعد هنا
وعادت تدفعه بيديها للخلف
ليجلس يوسف على مقعد خشبى
وهى تقول : عطشان صح..؟
يوسف فى تعجب شديد :
وعرفتى منين ...؟!
تضحك كالعاده بسخريه :
مفيش حد فى الدنيا
يعرفك أكتر منى
ولا هيحس بيك قدى
خود أشرب
يلتقط يوسف زجاجة الماء وهو
يروى ظمأه
ويلتقط أنفاسه
فقد
كان بالفعل يشعر بالظمأ لكنه
لم
يخبره ..
وتعجب
من أنها أدركت ذلك..
لتقول بصوت هادىء :
تعرف أنى لسه بحبك..!
يبتسم فى سخريه : هتقول لى..؟
واضح والدليل على كلامك
حالتى اللى أنا فيها دلوقتى
مش عارف اكتر من كده كنت
هتعملى إيه..!
بجد حبك واضح عليه جدا
مسحتى ملمحى وشوهتينى
ضيعيتى بصرى وعمتينى
قطعتى رجليه وخلتينى بواحده صناعيه..
دمرت مستقبلى وخلتينى اشحت
بالأضافه لجريمة القتل المتهم فيها
ومش عارف
هطلع منها والآه هاخد إعدام..؟
غير العذاب اللى شوفته من يوم
ما عرفتك
اقولك ايه والآه ايه ..
بجد مفيش حد فى الدنيا بيحبنى
قدك..
يسمعها تقترب من وجهه :
أكثر لو فكرت صح وحسبتها
هتعرف أنه حب....
حب كبير كمان...
لو حاسس أو شايف إن حد بيحبك
أكتر منى تبقى
غلطان..
وعادت
تنفجر ضاحكه : وأكيد غلطان..
يوسف بصوت غاضب ممكن
اعرف انتى عايزه
منى إيه دلوقتى..؟
جايبانى هنا ليه..!
تبستم ودى عايزه سؤال :
طبعًا عشان نتجوز
مط شفتيه وأطلق زفير طويل :
مش هنكر أنك احيانا بتجبرينى
اضحك فى عز حزنى وألمى...
تقترب أكثر بصوت هادىء تهمس :
بس قبل ما نتجوز عايزاك تسامحنى
تسامحنى على أى حاجه عملتها فيك
يوسف فى غضب :
بقولك إيه بطلى بقى اسلوبك
المستفز ده وخلصينى
أنا هنا ليه
لو هتقتلينى يبقى كتر خيرك
وتبقى ريحتينى
تنفى قائله : غبى طول عمرك
إنته عايزنى اقتلك يا يوسف
خلاص أصبحت يأس ومعندكش
أى أمل..؟
عايز تموت من غير
ما تعرف أنا عملت
فيك كل ده ليه...!
عقد يوسف نصف حاجبه المشوه
قائلاً :
عارف أنها لعبه زى كل مره
تنفى برأسها : لاء...
المره دى آخر المطاف
وهقول السر
هحكيلك عشان ترتاح...
أو تتعذب أكتر...
يوسف فى حيره شديده :
مش فاهم تقصدى إيه..؟
تقول بصوت قوى :
مش عايز تعرف تفسير
كل اللى حصلك..؟
يسود الصمت بينهم ثقيل
وهى تكمل
: مبتردش يعنى ...؟
ساكت
يعنى ..
مع إن
بعرض عليك فرصه ..
فرصه
مش هتعوضها...
يوسف : لأن عارف أنك مجنونه
وعقلك مختل
مريضه نفسياً
تضحك بالعكس : أنا مجنونه يا يوسف..؟
دنا اعقل واحده فى الدنيا
وهقولك دلوقتى الأسباب اللى هتقنعك
هكيلك
الحكايه من البدايه..
هقولك السر اللى حير
وجنن عقلك شهور طويله..
هقولك سر الروح
الروح الثالثه
تعليقات
إرسال تعليق