رواية
الروح الثالثة
الجزء
36
تأليف محمد أبو النجا
لم يصدق يوسف نفسه وهى أمامه تبدأ فى
سرد اسباب ما فعلته به طيلة الشهور
السابقه ..
الايام الذى رأى فيها أبشع أنواع العذاب
والألم ..
يشعر بأنفاسها تقترب منه ...
يستنشق رائحة عطرها النفاذ وهى
تهمس بصوتها الرقيق :
القصة تبدأ بفنجان قهوة
يوسف فى صدمه يردد بدهشة :
فنجان قهوة..!
هزت
رأسها : أيوة..
يوسف فى تعجب وحيره شديده
: مش فاهم تقصدى إيه..!
تجلس فى المقعد المقابله له : متستعجلش
أنا هحكيلك من البداية
أو من قبل البدايه بالتفصيل...
وتبدأ فى سرد أحداث قصتها الرهيبه
وهو فى قمة اللهفه والشغف والتركيز ...
فقد كانت ما تقوله مذهل
مذهل إلى أقصى حد ....
********
فنجان قهوة على طاوله خشبيه أنيقه فى
كازينو
فى منتصف القاهره
يرتشف منه ذلك الرجل الوسيم
وهو يتابع من الزجاج حركة السيارات
وإزدحام
الطريق فى ذلك الوقت من الظهيره ...
ويرفع يده مشيراً لدفع الحساب قبل
الرحيل
وبعد لحظات
تقترب منه فجأة فتاة شقراء
رقيقه وجميله وجذابه بجسدها الممشوق
تمد له بفاتورة الكازينو
قبل أن يرفع رأسه إلى عينيها الساحره
ويتراجع وقلبه يهتز مع ذلك الوجه الملائكى
الجميل وبعينيها الواسعه الفاتحه
وابتسامتها القاتله
للقلوب تقول : شرفتنا استاذ
يتطلع لها وقد تجمدت الكلمات بين شفتيها
وهى تبادله نظرات صامته
قبل أن يقول : أنتى جديده هنا ..؟
أومأت برأسها : أيوه بقالى يومين
يبتسم قائلًا : أسمك إيه..؟
تبادله الإبتسامة : منى ...
منى أحمد جبريل
هز رأسه : الله أسم جميل ولايق عليكى
تمد يديها من جديد :
الحساب اللى حضرتك طلبته
أومأ برأسه وهو يقول بأرتباك واضح
: أيوه..أيوه..معلش نسيت
اتفضلى وخلى الباقى علشانك
تنظر للنقود فى دهشه : بس...بس ده كتير
ينفى برأسه : مش كتير يا منى
بجد أنا مبسوط بوجودك فى المحل
أنا أسمى يوسف ..
يوسف حمدى
تقول بصوتها العذب : فرصه سعيده
يا استاذ يوسف بعد أذنك
وتغادر منى وما تزال عيناه متعلقه بها
حتى ابتعدت
وهناك تقابلها سيده ضخمه بدينه فى العقد
الخامس من عمرها تقول :
مبلاش رغى كتير
مع الزباين
تنفى منى برأسها :
أنا يدوب خدت منه الحساب
ومشيت
تنظر للنقود التى بين أصابعها :
على فكره الكازينو هنا
بياخد نص البقشيش
تطلق منى تنهيده قصيره :
لو حابه البقشيش كله
تاخديه معنديش مانع
تطلق السيدة كلماتها بغضب :
أنتى هتردى عليه من أولها
من ساعت ما اشتغلتى وكل الزباين هنا حالها
اتشقلب
يقترب رجل رفيع يشارب ضخم فى نهاية
العقد السادس من عمره يقول : فى ايه
يا عواطف مالك ..؟
تشير إلى منى : البت اللى انتى جايبها دى
لسانها طويل وبترد ديما عليه ..
منى فى دهشه : والله ما اتكلمت ولا رديت يا
استاذ سالم ..!
يشير لها سالم برأسه :
طب روحى أنتى يا منى
شوفى شغلك ..
تنصرف منى ليعود بعينه نحو عواطف
: مالك حصل ايه..!
البنت معملتش حاجه
انا بتابعها كويس..!
البت ماشاءالله نشيطه وشايفه شغلها تمام..!
عواطف : دى ملخبطه حال كل الزباين الرجاله
اللى بتدخل
ينفجر سالم ضاحكاً :
هو ذنبها أن ربنا خلقها جميله
ياسيتى سيبها تاكل عيش وبعدين بقى
على فكره جمالها ده فى مصلحتك
ومصلحة الشغل
كمان
تنظر له فى تعجب : طب أزاى بقى فهمنى..؟
سالم الزباين : هتزيد عشان تقعد وتشوف وش
جميل وبشوش وفترة وجودهم هتزيد..
وطبعًا طلبات المحل تزيد
وكل شىء بحسابه
مطت شفتيها وهزت رأسها : جايز
سالم : دى بنت غلبانه جدآ
وظروفها وحشه اوى
عواطف : بس أنته قولت لى
إن عندها أخ بلطجى
سالم : قصدك منصور..!
البت ملهاش دعوه بيه
البنت طيبه ومحترمه ومشوفناش منها
حاجه وحشه
وياسيتى سيبها شهر اتنين
وبعدين احكمى عليها
والاه عجبك البت هدى الحراميه
اللى مشيت قبلها..!
والآه كريمه اللى شبهت المحل
بأسلوبها مع الزباين ..!
هزت رأسها : أيوه عندك حق
أومأ سالم رأسه وهو يشعر أنه نجح فى
إقناعها وعادت عواطف تتابع منى
من بعيد ولم تكن وحدها من تفعل ذلك
فقد كان أكثر من شخص يفعل ذلك
وبالأخص ذلك الشخص داخل سيارته
فى الخارج
كان يتابعها عبر الزجاج
يوسف حمدى
*********
اليوم التالى
الخامسه مساءاً
تخرج منى بعد انتهاء عملها مسرعه
تنظر إلى ساعة هاتفها وتأخذ نفًس عميق
وتتجه صوب المحطه تأخذ اتوبيس عودتها
إلى منزلها قبل أن تعترض طريقها تلك السياره
الحمراء ويطل من نافذتها ذلك الرجل الذى ابتسم
وهو يقول : مساء الخير يا استاذه منى
تعقد منى حاجبيها فى تعجب : حضرتك تعرف
إسمى منين..؟
الرجل :
أنا زبون قديم عندكم فى الكازينو بتاع
عواطف وأخوها سالم..
وعرفت
أنك بقالك كام يوم جديده ما تيجى تتفضلى
اوصلك أنا أسمى قاسم ..
قاسم سكر
تنفى منى برأسها : اشكرك مفيش داعى
أنا هستنى الاتوبيس
يبتسم ساخراً : ياسيتى تعالى أريحك من
تعب الموصلات
تطلق منى زفيرها مبتعده قبل أن يوقف
سيارته ويخطو مسرعاً نحوها يهتف
: استاذه منى ممكن تسمعينى..؟
منى فى غضب : من فضلك ممكن أنته تسيبنى
فى حالى
قاسم : والله أنا عايز أخدمك
منى فى سخط ودهشه قائله :
تخدمنى فى ايه بالظبط..؟
قاسم :
أنا أعرف كازينو بتاع واحد صاحبى
اقسم لك هديكى ضعف اللى بتاخديه عشر
مرات وهتكونى مبسوطه هناك
تتنهد منى :
أنا مرتاحه فى شغلى هنا ..
ومن فضلك
بقى أرجوك ممكن تبعد عنى
قاسم : طب خودى الكارت
وأنا همشى
وفكرى...
فكرى مش هتخسرى ولو ضاقت بيكى
وعايزه تشتغلى هنكون فى إنتظارك...
تلتقط منى الكارت بأصابعها..
ليبتسم بعدها مغادرًا فرصه سعيده
*********
اليوم التالى
جلس يوسف يرتشف فنجان قهوته ...
وعيناه زائغه تبحث عنها ..
لقد جاء خصيصاً اليوم لرؤيتها..
جاء مبكراً..
فجأة تقتحم المكان وتستقبلها عواطف
فى غضب وضجر وتبدأ فى توبيخها بعنف..
لم يسمع يوسف الحوار ولكن على ما يبدو
أنها أسأت لها
شعر يوسف بالثوره داخله من أجلها
كان يرغب بصفع تلك المرأة البدينه التى
رسمت الحزن على الملامح الجميله
ل منى
شعر بأنها مجبره وبلا حيله من أمرها...
عادت تنصرف بعد درس قاسي
وكلمات قبيحه من عواطف
تكمل عملها ..
وبعد دقائق كان يوسف يشير لها
: استاذه منى فضلك
نظر يوسف إلى عينيها التى ترقرقت
بالدموع
وقال :
واضح أن الست دى مش عارفه قيمتك
إن جيتى للحق المفروض أن هيه وكل
اللى هنا اللى يخدموكى أنتى..
تتطلع منى لوجهه فى دهشه وهو يبتسم
: أنتى نسيتى أسمى
أنا يوسف ..
يوسف حمدى ...
هزت منى رأسها : ايوه فاكره حضرتك ...
يوسف :
طب إيه رأيك أنا عندى ليكى فكره
تريحك وتخلصك من الست دى خالص ..
ومن لسانها وبجاحتها
منى فى تعجب : فكرة ايه ...؟
وأخذ يوسف يخبرها بكلمات
غريبه..
وكان يقوله أمر
لا تستطيع منى تصديقه ...
أمر جعل قلبها ينقبض...
ويرتجف فى رعب ...
قمة الرعب...
تعليقات
إرسال تعليق