رواية
سكان القمر
الجزء 50
تأليف الكاتب محمد أبو النجا
فى مشهد خيالى أسطورى
وجد سليم نفسه من جديد يعود
إلى القمر ..
ولكن هذه المره كان بين حشد كبير
من سكان القمر ..
يصنعون دائره ضخمه حولهم ..
بجانبه ولده أدهم ..
بملامح مختلفه ..
كأنه تخطى مرحلة الطفوله ..
وأصبح فتى ...
ملامح تشبه هؤلاء المخلوقات ..
جسد ضخم ...
شبه عاري الجسد ...
الجميع فى ذهول لوجودهم هنا فجأة ..
دون سابق إنذار ...
دون أن يعرفوا السبب أو الطريقة
التى جلبتهم ..
جابر فى ذهول وصدمه يصرخ
: إيه اللى حصل ...!!
احنا جينا هنا ازاى ..!!
ونظر إلى ولده محمود الذى ارتسمت
على ملامحه علامات الذعر والهلع
ليصرخ فيه وهو يشيح بيده :
محمود ....
خلي الرجاله تفتح النار عليهم ..
على الوحوش دى اللى واقفه حاولينا ...
يرفع سليم يده وهو يصرخ فى لهفه
يحاول منعهم عن هذا القرار :
لاء ..
لاء ياجابر ارجوك ..
بلاش ...
استنى لحد لما نشوف عايزين إيه ...!
انته ..
يقاطعه جابر فى عناد وإصرار :
ينفى جابر فى إشاره إلى رفض
طلب سليم
وهو يصرخ فى رجاله ويأمرهم
بأطلاق نيران مدافعهم الشاهره فى وجوه
المخلوقات ..
وتبدأ المعركه وابل من الرصاص
انطلق فى غزاره ...
فى أجساد سكان القمر ..
فجأة تظهر دائره بيضاء حول جابر
ورجاله ...
كالكره المطاطيه ..
التى سقطت فوق رؤوسهم ...
تمنع رصاصهم ...
وتحصرهم كالأسرى داخلها ..
وتبدأ فى ضمهم ...
كانت تنكمش وهم داخلها يصرخون ..
ويستنجدون ...
لكن لا صوت لهم ...
وتراكموا داخلها ...
ليصرخ سليم فى فزع :
دول هيموتوا ...!
هيموتوا كلهم ..!
تنظر له شمس فى دهشه تقول
: ما يموتوا ..
دول كانوا هيقتلوك من شويه
انته وابنك ..
انته نسيت ...
حياتهم تهمك فى إيه ...!
ينفى سليم :
لاء ..
مش عايزهم يموتوا ..
مش عايز دم ..
تتوقف فجأة الدائره المطاطيه
عن الانكماش
وقتلهم ..
وكأنها استجابت إلى طلب سليم ...
وإلى أمره ...
فجأة يتحرك مجموعه من تلك
المخلوقات الضخمه نحو سليم
ومن معه ...
ويلامس أدهم يد أبيه يقول
: تعالى معايا يا بابا ..
سليم فى حيره :
أنا خايف لو ...
يقاطعه أدهم :
متخفش ..
محدش هيضرهم ..
كلهم فى أمان ...
سليم فى تعجب شديد
: أدهم ...
أنا مش فاهم أى حاجه ..!!
انته بقيت بملامح تشبه المخلوقات
دى ازاى ...!!
انته ..
يقاطعه أدهم من جديد مبتسماً
: تعالى معايا ...
وهتفهم كل حاجه ..
تحرك سليم مع ولده أدهم وحدهم ..
يمسك يده البارده ...
يسير بين منازل تلك المخلوقات
التى تتابعهم فى صمت ..
بأعين واسعه ..
دون أن يعترض أحد طريقهم ..
حتى توقف أدهم أمام شىء
شبيه بنصف كره فضيه ...
انزاح وتحرك للوراء ذلك القرص
وظهر أسفله ادراج سلم نحو يتجه
نحو الأسفل ...
أضواء بيضاء على جوانبه ..
وعطر جذاب لا مثيل له ينبعث ...
تتسع عين سليم يقول :
على فين يا أدهم ..!!
يبتسم أدهم وهو يشير له
: منا قولت لك اطمن ...
ومتستعجلش ...
متخفش وانته معايا ...
ينفى سليم :
أنا
مش خايف ..
انا ..
يقاطعه أدهم :
هتعرف كل حاجه بعد شويه ...
وعاد يرفع يده يقول : اتفضل .
يبدأ سليم فى النزول على أدراج السلم
ونسمة هواء جميله منعشه
تضرب جسده ..
ووجهه ..
إلى أن وصلا إلى حديقه خضراء واسعه ..
لم يتخيل سليم وجودها هنا فوق
سطح القمر ..
الزينه فى كل مكان ..
أشجار جميله مائله نحو الداخل ..
زهور لم يرى مثيل لها ...
احواض ماء داخلها مخلوقات تسبح
لكنها ليست اسماك ...
طيور تعلو فوقه ذات ألوان مذهله ..
لم يرى شبيه لها قط ..
وهناك عذف يضرب أذنيه خافت ..
شىء أشبه بالموسيقى. .
لا يعرف مصدره ..
لكنه ممتع ...
يتوقف سليم من جمال وروعة هذا
المكان الذى يشاهده .
تجمد فى مكانه يحاول فهم ما يراه ..
قبل أن يرى الأرض اسفل قدماه تنشق
من جديد ..
ويهبط فجأة نحو الأسفل ..
ليرى ما هو يفوق ما رآه فى الأعلى ..
فقد كان على ما يبدو قصر ..
قصر ذو مساحه لا نهاية لها ..
هناك حشد كبير من الخدم من
تلك
المخلوقات فى الداخل ..
بصور وأحجام مختلفه ..
كلهم يمارسون اعمال لا يدركها ..
او
يفهم ما هى ..
يعود سليم للتوقف وعيناه تحدق
لا
يصدق هذا الجمال الذى يراه
لبقول فى ذهول :
ادهم ...
انا فين ...!!
أنا مش فاهم انا فين بالظبط ..؟
ادهم بكل هدوء
يرفع يديه ويدور بها
قائلا : ده قصر حاكم القمر ...
يتراجع سليم فى ذهول للوراء يقول
:
يعنى إيه ..
ادهم : يعنى ملك سكان القمر ..
يشعر سليم بقمة الصدمه وهو يستمع
الى حديثه ولده أدهم الذى قال بهدوء
: ملك سكان القمر ..
وجدى ..
سليم فى ذهول تام يصرخ
: جدك ...!!
أومأ أدهم برأسه : أيوه ...
انته نسيت انا ابن مين ..!!
سليم فى ذهول حاد يقول
: لكن ...
لكن انته عرفت منين ..!!
وازاى قدرت تتكلم كده بكل طلاقه ..!
وعقلك مستوعب كل شىء ..!
يضخك أدهم :
مش بقولك بتنسى انا امى
تبقى مين ..
أنا ابن ريمونا بنت حاكم القمر ..
و... زوجتك ..
سليم فى صدمه عارمه يقول :
مين اللى قالك كل ده ...!!
ادهم بهدوء أنا عارف كل تفاصيل
القصه من البدايه ...
بكل دقه ..
مش
هتصدق لو قولت لك
من
اول ما اتولد جدى عبد البديع
نفسه ..
واعرف اللى متعرفوش ...
اعرف واتعلمت كتير ..
اعرف كل لغات الكواكب ..
كل
العلوم ..
درست كل حضارات الأرض ...
والكواكب اللى حولها ...
المخلوقات اللى عايشه فيها ...
سليم فى ذهول ودهشه لا حدود لها
يصرخ :
مش ممكن ..!
مستحيل ..!
وكل ده عرفته امته ..!
وفين ..!
وازاى ..!
ازاى قدرت تستوعبه ...!!
أدهم بصوت هادىء :
لانى مش بشر ...
أنا مش زيكم
عشان تقارن بينى وبينكم
ينفى سليم برأسه فى غضب
: بس انته ابنى من صلبى .
ادهم بصوت حاد :
لكن دمى دمهم ..
ينفى سليم فى إنفعال
:
انته جزء منى
ادهم فى لهجه صارمه اكثر
:
وجزء منهم
سليم فى تعجب يعود للهدوء
فى حديثه يقول :
أنا معنديش اغلى منك ...
ادهم وانا فعلاً بحبك ...
ومفيش اى حد ممكن يدخل المكان ده
غير الاسره الحاكمه ..
لملك سكان القمر ..
انته
أول بشرى يدخله ...
وبطلب وبأمر منى ..
يعقد سليم حاجباه فى حيره شديده
يقول :
ليه ..!
ليه جايبنى هنا ...!
ادهم : عشان تقابلهم ..
يتنهد سليم :
اقابل مين ..!
وليه
..؟
ادهم : هتعرف السبب بعد شويه
لما تقابل جدى ..
يبتلع سليم ريقه فى ذهول
يقول : هيقابلنى انا ..؟
ادهم : ايوه ..
مش
جدى وبس ..
بقيت الاسره ..
لا
يصدق سليم ما يسمعه
ليعود للصمت والسكون ..
ليمد أدهم يده يقول :
تعالى معايا عشان تدخل اوضتك ...
تتسع عين سليم فى تعجب شديد
يقول :
اوضتى .. !!
هز
أدهم رأسه : ايوه ..
لحين موعد اللقاء ...
كمان ...
كمان فى حاجه هناك فى انتظارك ..
سليم فى حيره أكثر
:
حاجة إيه ...!
ادهم مبتسماً : هتعرف لما توصل ..
يكمل سليم السير معه فى تعجب ..
الى أن وصل إلى حجره صغيره
كأنها معده له ...
يدخل سليم ليبتسم له مرة اخرى
ولده أدهم يقول :
ثوانى وهرجع لك ..
متقلقش ..
ينصرف بعدها ويغلق الحجره
يترك
أباه وحده ..
يدور سليم فى أرجاء الحجره الفضيه
الانيقه ..
قبل أن يرى تلك الستائر الحمراء ..
التى تثير دهشته وفصوله بشده ..
ليقترب منها فى حذر .
وفى شغف لمعرفة ما وراءها ..
ويقبض عليها بقبضته ويزيحها فجأة
بقوة ...
ليتراجع فى ذهول حاد ويسقط قلبه
بين قدميه وهو لا يصدق
ما يراها ..
ويشهق بقوة ..
فقد كان شىء يفوق عقله ..
او خياله ..
لقد كان هناك قفص حديدى ..
وقضبان حديده ..
وخلفه تلك القضبان تجلس تلك الفتاه
تحيط بيديها ركبتيها ...
تنظر له فى ذهول تصرخ ثم
تصرخ : سليم ...!
يصرخ سليم مثلها فى تعجب شديد
: شمس ...
تعتدل واقفه تقترب منه تهتف
مرة أخرى : سليم ..!
سليم بهدوء :
رجعوكى تانى السجن ..
هزت رأسها : أيوه ..
يطلق سليم زفيره يقول
: تستحقى ..
انته ياما عملتى كتير شر ..
ياما ظلمتى ..
وخونتى ...
وغدرتى ...
ياما ..
تتسع عين شمس فى تعجب لحديثه
وهى تستمع إلى تلك الضحكه من خلف
سليم الذى يدور بجسده
نحو مصدرها ...
كانت فتاة تحمل
صورة مطابقه لشمس ...
بكل تفاصيل ملامحها وجسدها ..
تضحك بشكل مرعب وجنونى ..
تجعل قلب وجسد سليم يرتجف ....
و فى ذهول ينفى برأسه
: إيه ده ..!!
مش فاهم ..!
تقترب منه الصوره تقول :
ازاى مقدرتش تفهم يا سليم ..!
فين ذكاءك ..؟!
سليم بأعين متسعه منبهره يقول
: افهم إيه ..!!
يتبلور جسد شمس الثانيه التى اقتحمت
المكان وتتموج
وتتضخم إلى أن أخذت صوره لم يتخيلها
ولم تخطر على عقله أو خياله ..
أو يتوقعها ...
صورة ريمونا ...
زوجته التى اعتقد انها قد ماتت ...
يوماً ..
زوجته وأمه ولديه ..
توءمه ..
ريمونا المخلوقه الرهيبه المرعبه
ما تزال على قيد الحياة...
وكانت مفاجأة تفوق كل التوقعات ..
وما كانت تفعله وتقوله ..
يفوق قدرات عقله ...
وخياله ...
إلى أبعد الحدود ...
تعليقات
إرسال تعليق