رواية
سكان القمر
الجزء 44
تأليف الكاتب محمد أبو النجا
الجميع فى
صدمه لا حدود لها
محاسن التى
ترى بجانبها عزة ومصطفى
قد جاءوا
بطريق الخطأ معها ...
شاديه التى
تشعر كأن ما تراه هو كابوس
او هلوسة
الموت ...
أو أنها تحتضر
...
عزة التى لا
تستطيع تحريك شفيتها
تسأل فى صمت
عن ما تراه
وما حدث .
وسر هذا
المكان الذى دخلت إلبه فجأة ..!
مصطفى الذى ظل
فترات كثيره ينكر
وجود سكان
القمر ..
الآن تحقق
الأمر ..
إنه أمام
مدينتهم ..
يرى منازلهم
..
يراهم من بعيد
...
لقد كان كل ما
مر به وكذبه ..
يراه الآن
حقيقه ..
قلبه الآن
يقسم ويصدق قصة جده
عبد البديع ..
وجدته محاسن
...
وأخيه سليم ..
سليم الذى
طالما وبخه وعنفه..
وتحداه وقسى
عليه ...
وحاربه ..
ينظر إلى
محاسن وهو يشعر للمره
الأولى فى
أعماقه بأنها حقا جدته ..
تلك المرأة
صغيرة السن هى بالفعل جدته ..
لكنه يأبى
الاعتراف بذلك ..
ينتفض الجميع
من ذلك السكون المرعب
مع صوت محاسن
تصرخ :
انتو إيه اللى
جابكم معانا ...؟!
ليه ...!
عزة : أنا
دخلت لقيتك انتى وامى
نايمين
وساكتين ..
ولما قربت
منكم
وحاولت ألمس أدين امى
لقيت نفسي هنا
..
مش عارفه حصل
كده أزاى. .!
مصطفى فى صدمه
:
هو احنا فين ..!!
محاسن فى غضب
:
يعنى مش عارف
..!
يا مصطفى انته
مش على الأرض ...
انته فوق ..
فوق بعيد على
القمر ...
تصرخ عزة فى
ذهول :
قمر إيه مش فاهمه ...!
شاديه فى تعجب
:
هو أنا بحلم والآه
اللى بيحصل ده
حقيقه ..!
مصطفى فى
تكابر :
مستحيل ...
انتى كدابه ..
محاسن فى سخط
وضجر :
مش وقت تكدبنى
أو تصدقنى ..
ولا وقت غرور
..
المكان ده فى
خطر على حياتك
وحياة عزة
...
مفيش أختيار تانى
الموت أو السجن ...
مصطفى فى صدمه :
إيه اللى بتقوليه ده ..؟
هزت رأسها : هي دى الحقيقه ..
ولو اتاخرت هنا اكتر من اللازم
هترجع الأرض ممكن تلاقى سليم
اخوك بقى جد ...
وله احفاد ..
نفس اللى حصل لى
وانته كدبته ..
رجعت لقيت نفسي بعد خمسين
سنه من زمنى ....
عزة فى حسرة :
انا مش فاهمه أى حاجه ...!!
انا خايفه ..
محاسن : ياريت متبعدوش عنى ..
عشان نرجع سوا ..
انا هاخد شاديه عشان تستحمى
بالمايه اللى هنا ..
المايه دى مش عاديه ..
انا جربتها ...
هتقدر تشفيها باذن الله ..
المهم مش عايزه صوت .
خليكوا جمبى .
وربنا يعديها على خير ..
عادت تمسك بيد شاديه تقول :
تعالى من هنا معايا شاديه ..
وانتو كلكم ورايا ..
بكل هدوء ..
ولم يجد مصطفى أو عزة بديل سوى
ان يتبعوها فى صمت ...
وقلوب ترتجف ..
حتى وصلت إلى مكان خالى
وقالت محاسن بصوت خافت
: خليكم هنا
وانا هرجع لكم ..
تتسع عين
مصطفى فى صدمه :
انتى معاكى
الجوهره اللى هيه المفروض
ترجعنا تانى
للأرض مش كده ..؟
هزت محاسن
رأسها : أيوه
يشير مصطفى
بيده :
يعنى عدم رجوعك
معناها اننا
كمان هنفضل هنا لحد ما نموت
محاسن : مفيش
بديل تانى قدامى
الجوهره جوه
كف أديه مقفول عليها
ولو خدتكم
معايا ده معناه أنى بحكم
عليكم كلكم
بالإعدام ...
المكان كله
خطر .
وشاديه مش
ممكن تقدر تمشى .
مصطفى : يبقى
مش هسيبك ...
هاجى معاكى
عزة فى صوت
متوتر تنظر فى عين
مصطفى :
وهتسيبنا
لوحدنا يا مصطفى
انا وماما ..!
مصطفى :
بصراحه انا لحد دلوقت مش
واثق فى الست
اللى بتقول جدتى دى ..
ومش عارف جت
هنا ازاى
فى المكان
الملعون المخيف ده ..
محاسن فى غضب
: بقولك ايه
مفيش وقت
أضيعه معاك ..
ولا أجادل ..
عايز تيجى
معايا تعالى .
براحتك ...
ثم نظرت الى
شاديه فى شفقه
: هرجع لك يا
شاديه ...
متخفيش ...
خلى بالك من
نفسك انتى وعزة ...
وبعدها انصرفت
محاسن مبتعده
ومن خلفها
مصطفى يتبعها فى حذر
بأعين زائغه
..
ينظر حوله فى
كل مكان في
إنبهار لا
حدود له ..
محاسن بصوت
صارم :
قرب منى هنا
...
وخلى بالك
متعملش اى صوت ..
عشان محدش
ياخد باله من وجودك ..
مصطفى فى قلق
:
انتى هتروحى فين دلوقت ..!
لم تجيبه
محاسن وهى تأخذ مسار ضيق ..
وتصعد فوق شىء
أشبه بالتل الصغير
ذو رمال فضيه
لامعه ناعمه ..
نظر لها مصطفى
فى ذهول وهو ينثنى
يلامس تلك
الرمال بكف يده .
وبدأت تأخذ
طريق آخر خافت الأضواء ...
إلى أن وصلت
إلى شاطىء ...
تتسع عين
مصطفى فى ذهول تام
وهو يصرخ يشير
بيده نحو المياه
الفضيه التى
يشع منها لون أشبه بالذهب
من أعماقها
يقول فى ذهول :
إيه ده ...!
بحر فوق على
القمر ...!
مش ممكن ..!
هزت محاسن
رأسها تبتسم
فى سخريه :
كويس إنك مقتنع
واعترفت دلوقت
إنك فوق على سطح القمر ..
يقترب مصطفى
من الماء ويلامسه بأقدامه ..
ويشعر بتلك
البروده القاسيه
التى سرعان ما
ذهبت ..
وبدا شعور
بإنتعاش لم يرى له مثيل ...
ينساب إلى كل
خلاياها ..
ليبدأ فى
الزحف نحو الاعماق ..
ومحاسن فى قلق
تهتف :
مصطفى ارجع ..
انته رايح فين ..!
مصطفى فى صوت
خافت :
مش ممكن إحساس
لا يمكن أوصفه
فى المايه دى
..
متعه عمرى ما
حسيت بيها قبل كده ...
حاسس بقوة غير
عاديه فى كل مكان
فى جسمي ..
محاسن فى قلق
:
طب تعالى نرجع
نجيب عمتك شاديه ...
انا كنت بدور
على مكان البحر ده ..
وخلاص اتأكدت
من وجوده ...
ولقيته ...
ينفى مصطفى :
المتعه اللى حاسس
بيها بتجبرنى
افضل هنا مطلعش .
ده شىء ولا
السحر ..
محاسن فى توتر
تصرخ :
مفيش وقت انا
ممكن ارجع
الأرض فى اى
لحظه ..
وساعتها رجعوك
تانى هيكون
شبه مستحيل
ينتفض مصطفى
مع صوتها ويعتدل
ويبدأ فى
التحرك نحو المكان
الذى ترك به
عمته شاديه وعزة .
لكن حدثت
المفاجأة ..
فلم يكن هناك
أحد ...
كان المكان
خال ..
خال تماماً
...
وصرحت محاسن
بكل حسره ..
***********
منتصف الليل
توقفت سيارة
سليم أمام منزل عمته شاديه
وهبط منها ...
وتحرك ببطء
وحوله حاله من السكون والظلام
الدامس ..
سار نحو الضوء
الوحيد من مصباح فوق باب
المنزل ..
وطرقه للحظات
قبل أن يفتح فريد بوجه
شاحب انتفضت
ملامحه حين رؤية
سليم ليهتف
بصوت ضعيف هزيل
: سليم ...!
دلف سليم نحو
الداخل يقول :
إيه يابنى
مالك ...!
شكلك زى اللى
ما يكون منمش بقاله اسبوع
ودار برأسه
نحو حجرة جدته وقال
: هيه جدتك
محاسن صاحيه ..؟
لم يجيبه فريد
..
ليثير حاله من
الدهشه على وجه سليم
الذى عقد
حاجبه واقترب منه يقول
: مالك يابنى
...!
مبتردش ليه
..؟
أشار له فريد
وقال : تعالى معايا ..
إزداد الحيره
فى قلب وعقل سليم
إلى أقصى حد
وهو يتبعه نحو حجرة
عمته شاديه
وهناك عندما فتحها كان
الحاج منتصر
زوج عمته يجلس
على أريكه فى
صمت تام
بأعين مغلقه
..
ورأسه نحو سقف
الحجرة ...
قال سليم فى
لهفه وقلق :
فى إيه ياجماعه ..!
حد يفهمني ..؟
أنا م ...
بتر عبارته
فجأة وهو يشاهد هذا المشهد
الغريب إلى
أقصى حد ..
لقد كان هناك
أربعة أجساد ممدة ونائمه ..
متلامسه مع
بعضها ..
عمته شاديه
...
وجدته محاسن
وأخيه مصطفى
..
وعزة ...
اتسعت عين
سليم إلى أقصى حد ممكن
أن تصل له ..
ليقول فى ذهول
لا حدود له :
إيه اللى حصل
...!
حد يتكلم ...
فريد فى حزن :
زى ما انته شايف ...
بقالهم أسبوع
كده ..
من ساعة ما
انته مشيت ..
يبتلع سليم
ريقه فى صدمه
: اسبوع ...!
مش ممكن ..!
أومأ فريد
برأسه : هو ده اللي حصل
نايمين زى ما
انته شايف ..
زى الأموات ..
من غير أكل
ولا شرب ..
خفق قلب سليم
وهو يشعر بتلك الفكره
المرعبه تسكن
عقله ليقول فى فزع
: طلعوا القمر
..!!
هز فريد رأسه
: هو ده نفس الكلام اللى قالته
شمس ...
سليم فى صدمه
يردد :
شمس ..!
شمس برهان
...!
هيه فين ..؟
نفى فريد
برأسه من جديد
: معرفش ...
هيه قالت لى
محدش يقرب منهم ..
ومفيش علاج
ليهم غير بعودة
جدتك محاسن
بالجوهرة اللى فى إديها ..
سليم فى صوت
منفعل
: الجوهرة
الزرقاء ..!
وازاى جدتى
وصلت ليها ...؟
ومع نهاية
كلماته يعتدل الحاج منتصر
من مقعد فجأة
يقول فى غضب
وصوت صارم :
بقى مش حرام
اللى بيحصل ده ..
عمتك كانت بين
الحياه والموت ..
تعذبوها
بالشكل ده ...
من ساعة ما
جبت الست الشيطانه دى
وعمال تقول
جدتك محاسن اللى ماتت
وحال البيت
اتشقلب. ..
وفى النهاية
زى ما انته شايف دخلو
فى غيبوبه
ملعونه كلهم ..
جبت دكتور هنا
مقدرش يفسر
اللى بيحصل
لهم ...
وطلب نقلهم
للمستشفى عشان
يكونو تحت
الرعايه ...
وانا مقدرش
اعمل كده ..
ولا معايا
الإمكانيات لدفع مصاريف
علاج ليهم
كلهم ..
وانته اختفيت
ومنعرفش لك ارض ..
ولا تليفون
بيرد ...
وبعدين تيجى
اللى اسمها شمس برهان
دى ..
وتحكى لنا
حكايه متتدخلش العقل ...
يقاطع فريد حديث والده :
اللى مصبرنا
أنهم فعلا محتاجوش لا لأكل
ولا شرب
الاسبوع ده .
وجسمهم بخير
..
سليم : بس هيه
دى الحقيقه فعلاً
عقد الحاج
منتصر حاجبيه فى تعجب
يقول :
حقيقة إيه مش
فاهم ..!
سليم بصوت
هادئ :
أنهم فعلاً دلوقتى فوق على القمر ..
يطلق الحاج
منتصر زفير قوى غاضب :
ياعم سليم
ارحم عقولنا ...
سليم فى إصرار
: صدقنى يا حاج ..
جدتى محاسن قالت
لى
إن الأمل
الأخير لعلاج عمتى شاديه
هى المايه
اللى فوق على القمر ..
ينظر له الحاج
منتصر فى قمة
الغضب ويتحرك
مسرعاً نحو النافذة
يزيح ستائرها
ويشير بأصبعه نحو السماء
نحو
القمر يقول فى ضجر :
يعنى تقصد
إن الاربعه
النايمين دول دلوقتى معانا
فوق على القمر
فى نفس الوقت ...!
بالزمه ده
كلام حد يصدقه ..؟
كلام يدخل
العقل ...!
وعاد يطلق
زفير طويل وهو يكمل :
ياسليم متحطش الهم اكتر فوق قلوبنا ...
وضع سليم رأسه
أرضاً فى حزن
وهو يقترب منه
ويلامس كتفه بيده اليمنى
: اقسم لك
ياحاج منتصر إنى بقول الحقيقه
ويارتنى كنت
معاهم ...
مش قادر افهم
ازاى جدتى قدرت توصل
للجوهرة ..!
ولا ازاى كلهم
راحوا مع بعض ...!
اكيد فى سر ..
فى حاجه حصلت
وانا مش معاهم ..
فريد : هو
انته اختفتيت رحت فين
كده فجأة ..؟
اختفيت اسبوع
كامل لا حس ولا خبر ..!
يعود سليم
للجلوس على مقعد خشبى
قديم متهالك
يقول
: كنت فى جنوب
افريقيا ..
تراجع فريد
للوراء فى صدمه
: جنوب
افريقيا ..!
غريبه ..!
إيه السفريه
الغريبه اللى جت لك فجأة
بالشكل ده ..!
سليم : بدور
على ابنى ..
فريد فى صدمه
جديده مع الحاج منتصر
الذى يستمع فى
تعجب شديد ..
يقول فى ذهول
:
ابنك ..!
هز سليم رأسه
: ايوه ابنى ..
ابنى أمجد ...
وبدأ بروى لهم
قصته ..
التى لا يمكن
لعقل تصديقها ..
قصة سكان
القمر ...
من البدايه
...
*******
( يعنى راحوا
فين ...! )
نطق مصطفى
جملته فى غضب وانفعال
حاد أمام
محاسن الصامته وهو يكمل
: انتى السبب
فى كل اللى بيحصل ...
فين عمتى ياست
انتى ...!
وفين عزة .
لو حصل لهم
حاجه أنا هقتلك ..
مش هرحمك ...
محاسن بصوت
حزين :
أكيد حد شافهم ..
وخدهم ..
أكيد وقعوا فى
أديهم ...
مصطفى فى صدمه
:
وقعوا فى أدين
الشياطين دول
...!
اللى طول
الواحد فيهم خمسة أمتار ..
وإيه المفروض
نعمله دلوقت ..!
نروح نخلصهم
..؟
مش كده ...؟
انتى قتلتيهم
...
قتلتيهم لما
فكرتى تجيبهم فى أرض
الأبلسه دى ..
محاسن :
ممكن تهدى
شويه عشان اقدر
افكر ..
واشوف هتصرف
ازاى ..
مصطفى فى سخط
:
لسه هتفكرى ..؟
تنفى برأسها :
هما أكيد مبعدوش عن هنا ..
أحنا مغبناش
عنهم كتير .
انا هروح ادور
عليهم ...
أنا ...
بترت عبارتها
فجأة وقد اتسعت
عيناها فى ذعر
وهلع
وهى ترى خلف مصطفى
واحد من
مخلوقات سكان القمر ...
عملاق الجسد
..
شبه عاري ...
ينظر لهم بغضب
لا حدود له ..
عيناه متسعه
سوداء مظلمه ..
يتساقط فوقها
شعر حجباه الكثيف .
على شفتيه من
الجانبين أنياب حاده .
بارزه ..
بيده شىء أشبه
بالمطرقه الخشبيه ...
رفعها عالياً
.
وأنقض يضرب
بقوه فوق رأس
مصطفى ومحاسن
يقتلهم ...
ولم يكن هناك مفر
هذه المره من الموت .
الموت المؤكد
.
فوق سطح القمر
..
إضغط فى الأسفل للوصول لأى جزء من رواية سكان القمر
تعليقات
إرسال تعليق