رواية
سكان القمر
الجزء 33
تأليف الكاتب محمد أبو النجا
فى ترقب شديد كان مصطفى ينتظر
كلمات صفوت الذى قال بأعين وصوت
ونبرات يسكنها الدهشه الشديده
: أدهم لونه اتغير ..
مبقاش ازرق ...
عقد مصطفى بسرعه حاجباه قائلاً
: يعنى ايه مش فاهم ..!!
صفوت : يعنى بقى لونه طبيعى ...
عادى زى اى حد ..
أى طفل ...
التقط مصطفى نفسا عميقا قائلاً
: حرام عليك أنا أعصابى باظت ..
وقعت قلبى ..
وأطلق زفير قصير وقال :
وإيه يعنى لما لونه يتغير ...؟
إيه الغريب فى كده ...!!
هيكون اكتر ما شوفته ماشى على سقف
الاوضه ..!!
دا واد شيطانى ..
مش من بنى البشر ...
صفوت :
بس سليم طالب انى اروح له الفيلا ..
ينفى مصطفى برأسه :
سيبك منه هو والواد
ده اللى جايبه ...
هتعمل له إيه يعنى ...؟
أنا وصلت لمرحله لا بقيت طايق سليم
ولا الواد اللى جايبه فى الفيلا ...
ونفسي اخلص منه ..
كمان أنا كلمت محامى على توزيع التركه
وكل واحد فينا هيروح لحاله ..
صفوت فى صدمه يشيح بوجهه :
مكنتش متخيل إن الأمور
توصل بيكم للشكل ده ..
مط مصطفى شفتيه :
هو اللي إختار كده ...
وعاد ينفى برأسه مستنكراً :
بقولك إيه
سيبك من القصه دى بقى وتعالى نروح
المشوار اللى اتفقنا عليه
يبتسم صفوت : ياه دانته اتحمست أوى
للفكره ..
يغمغم مصطفى : مش هنكر ..
ومش هنكر كمان إنى قلقان ...
قلقان جدا ومتوتر ....
**********
كانت زياره غريبه ومفاجأة حينما وجد
سليم
فى الفيلا أمامه كريمه عبد الغفار
التى ابتسمت فى رقه تقول بصوت عذب
: أنا عارفه أنها زياره غير متوقعه ..
ولا على البال ...
لكن هعمل إيه كنت مضطره ...
يسود صمت للحظات بينهم ..
وهى تكمل حديثه مبتسمه :
ياريت لو فيه
عصير ليمون يبقى احسن ..
مط شفتيه فى تعجب وهو يتنهد
وهى تخطو جالسه على الأريكة الحمراء
الكبيره تقول :
وبعد ما تطلب الليمون تعالى
جمبى عشان فيه موضوع خطير جداً
لازم تعرفه ...
يتنهد سليم وهو يجلس إلى جوارها
قائلاً : خير ..!!
فى إيه ...!!
كريمه : معلومه رهيبه ..
غير متوقعه ...
مفاجأة ..
يزداد سليم حير وشغف وهو يقترب منها
أكثر يقول : مش فاهم ...!
تقصدى إيه بكلامك ...!!
كريمه : هقولك ولو أنى مضايقه
من كلامك آخر مره
وسخريتك منى ...
لما بتقولى ...
يقاطعها سليم بلهجه حاده
: مش وقت عتاب وكلام من ده ...
وفهمينى سبب زيارتك ...؟
تتنهد كريمه وهى تقول بصوت رقيق
: أنا...
انا عرفت شخصية الراجل
اللى اشترى الطفل ...
يتراجع سليم فى صدمه حاده وهو يقول
: وانتى اهتميتى اوى بالموضوع ده ليه
..؟
مش غريبه ..!
يهمك فى إيه تعرفى حقيقة شخصية
الراجل ده ..؟!
وازاى قدرتى تعرفى هو مين ..!
تضحك كريمه ورأسها تعود للوراء
ثم تعود قائله :
بالراحه شويه ...
وانا هفهمك ...
أولاً مفيش حد هيسمع القصة دى الا
وهيستغرب ..
مش هيستغرب وبس دا هيتجنن كمان يمكن ..
أولاً انك تسافر البرازيل تشترى طفل
ازرق
ده لغز غريب ..
فى ظروف من المفترض أنها صعبه ..
شخص فقد زوجته الممثله المشهوره
الجميله
ساره سمير ....
ورايح يشترى طفل ازرق ..!!
ده فى حد ذاته لغز كبير . ..
وبعدين شخص تاني غامض ومجهول
يشترى الطفل بمبلغ خيالى ...!!
ويفرط فيه بسهوله عشانك ...!
أمر بجد محير جداً ..!!
فيه حلقات مفقوده كتير ..
اكيد ..
يقاطعها سليم بصوت صارم :
بقولك ايه فاهمينى جايه ليه بالظبط
...؟
وعايزه ايه ...؟
كريمه :
يعنى هو ده جزاتى لأنى جيت اساعدك ..!
وقدرت اكشف لك حقيقة شخصيه
الراجل ده ..
يتنهد سليم قائلا :
ويبقى مين بقى الراجل ده ...؟!
كريمه : منا قولت لك صدمه غير متوقعه
...
سليم فى حدة : قولى بقى ...
وخلصينى ..
كريمه فى صوت هادىء وملامح بارده
: يبقى زعيم مافيا فى البرازيل ..
هز سليم رأسه ومط شفتيه فى تعجب
: مش شايفه إن وجودك هنا
مكنش له أى داعى ..؟
كريمه فى تعجب :
ليه بقى ..؟
سليم :
لأنى كنت متوقع أنه يكون حاجه
زى دى ..
كريمه :
ده اكيد عشان ضخامة المبلغ اللى دفعه
..
كمان عشان ملامحه المريبه .
والرجاله الضخمه المخيفه اللى كانت
ماشيه
حاوليه ...
يغمغم سليم : ممكن ...
تضحك كريمه فى سخريه دون أن تتكلم
لتشعل الغضب فى رأسه أكثر ليقول :
أقدر افهم ايه اللى بيضحك بالشكل ده
..!
كريمه :
لأنى قولت أنى معايا مفاجأة رهيبه
لا يمكن تخطر على بالك ..
سليم فى حيره شديده من حديثه الغربيه
يقول : ما انتى قولتيها ..!
وعرفت إنه زعيم مافيا ...
تنفى كريمه بعد أن ذابت ضحكتها تقول
: لاء طبعا مش دى المفاجأة اللى جيت
علشانها ...
يزداد الشغف إلى أقصى حدوده مع سليم
وتتجمد الكلمات فى فمه
وهى تقترب منه وتميل نحوه قائله
: المفاجأة إن الشخص ده ملوش وجود ..
يتراجع سليم فى قمة تعجبه وهو
يردد دون أن يفهم ما ترمى فى حديثه
يقول متعجباً :
ملوش وجود ...!
ملوش وجود يعنى إيه ...؟!
كريمه يعنى شخص مقتول من سنتين ..
شخص ميت ...
يعتدل سليم من مقعده واقفاً وقد اتسعت
عيناه بشكل مخيف وهو يصرخ
: شخص ميت ..!
هزت رأسها إيجابيا تقول :
أيوه .
شخص مقتول فى عمليه إغتيال كبيره ..
حادثه شهيره ...
سليم فى صدمه : طيب ما اكيد الحادثه
دى كان فى حد من الموجودين
والواقفين معانا يوم المزاد عارف بيها
.
تبتسم : هو ده اللى حصل فعلا ..
بس مقدرتش أفسر حالة الفزع الرهيبه
اللى كنت بشوفها فى عيون بعض الناس
اللى كانت واقفه ..
تصورت فى البداية
أنهم مرعوبين من شخصية
الراجل ده ..
أو إنه خطر ..
ومجرم معروف ..
كمان حديثهم باللغه بتاعتهم مقدرتش
افهم
بيقولوا ايه ...
وكانت هى دى المفاجأة ..
سليم فى تعجب :
وده معناه ايه ...؟!
إنه شبح مثلاً ..!!
تغمغم كريمه :
أنا مبعترفش بالأشباح ..
سليم : يبقى مفيش قدمنا غير أنه مامتش وحادثة الإغتيال
اللى بتحكى عليها محصلتش ...
أو ..
تقاطعه كريمه مش ممكن فى صور
على النت لعملية الإغتيال ..
وجثته ..
تتجمد ملامح سليم :
يعنى إيه مش فاهم ...!
لا شبح ...!
ولا عايش ...!
يعنى يبقى مين ..!
كريمه :
تفسيرى أنا بقى أنه شبيه ..
شبيه للزعيم ده ...
وعصابة المافيا جابته تحل محله ..
سليم فى حيره :
وليه يعملوا كده ..؟
ليه يعملوا حاجه زى دى ..!!
ايه وجه الفايده ..!
تشير كريمه بأصبعها نحوه تقول :
هو ده اللغز ...
يأخذ سليم نفسا عميق يقول
: تمام اشكرك على معلوماتك ..
فى حاجه تانيه ..؟
كريمه :
اكيد طبعاً ....
انا لسه مخلصتش كلامى ..
سليم فى قلق :
فى ايه تانى ..؟!
وتبدأ كريمه إخباره بمفاجأة جديده ..
مفاجأة صادمه أخرى ....
********
داخل مستشفى الامراض العقليه والنفسيه
يجلس الملازم صفوت ثابت مع مصطفى عبد
البديع
أمام مكتب الدكتور أحمد حاتم ..
الذى رحب بهم وعلى شفتيه ابتسامه هادئه
..
وهز رأسه قائلاً :
أنا حاولت محاوله يائسه
عشان اوصل لحد من عائلة الست دى
لكن ماقدرتش ..
خصوصا معلومات الاستاذ سليم عنها
شبه منعدمه .
مجرد ام صديق له ..
والملف فاضى ..
اسمها نفسه مجهول ...
مصطفى فى تعجب :
هو لازم اى مريض
هنا يكون فيه بيانات عنه ..؟
يجيبه الدكتور أحمد بهدوء :
هيه بتكون محاوله لمجرد التواصل
مع أهل المريض ..
لكن الاستاذ سليم دفع كل مصاريف العلاج
كامله ...
لكن ده مش مهم اكتر من التواصل مع أهل
المريض نفسه
صفوت فى حيره يقول :
وايه السبب بقى ..؟
يعود الدكتور أحمد للوراء ويمسك
بأصابعه قلم احمر اللون فوق مكتبه يقول
: لأن ده هيكون له دور كبير فى تحديد
سبب مرض الشخص ...
وهيساعد كتير جداً فى طريقة علاجه ..
مصطفى بصوت حاد :
كل ده مش مهم عندى ...
عقد احمد حاتم حاجباه فى دهشه
ومصطفى يكمل حديثه
: أنا المهم اعرف مين الست دى ..
قصدى ليه سليم أخويا مهتم أوى كده بيها
..
يجوز أنا كمان أعرفها ..
هز الدكتور أحمد رأسه وهو يعتدل من
مكتبه ويشير لهم :
اتفضلوا معايا ...
يشعر مصطفى بقلبه يخفق بقوة ..
وجبهته تنصب عرقا ..
واقدامه متخبطه ..
لا يعلم السبب ..
سوى أنه ذاهب لمقابلة إمرأة ربما كانت
جدته التى لم يراه طيلة عمره ..
الذى تصور أنها ماتت منذ خمسون عاماً
..
هو الآن سيراها ..
بالتأكيد موقف صعب ..
موقف لم ولن يتكرر ...
توقف الجميع أمام حجره صغيره فتح
بابها الدكتور أحمد حاتم
ودلف نحوها بقدمه اليمنى ..
وهناك كانت تجلس وحدها فوق فراش
صغير ..
تلتفت حين سماع وقع أقدامهم ..
ومع نظرات عينيها يسقط قلب مصطفى
بين أقدامه ...
ويرتجف ..
وتتجمد الدماء فى عروقه ..
وجف حلقه ...
ومصطفى يتابع ذلك فى تعجب وصمت ..
ومصطفى يقترب منها فى هدوء ..
يتبادل الاثنان نظرات تفحص ثاقبه
ببعضهم ..
يلامس صفوت بيده كتف مصطفى يقول
: ها ..
ساكت يعنى مبتتكلمش ..!
لكن مصطفى لم يجيبه ..
كانت عيناه تتسع فى صدمه واضحه ...
وهى تنظر له ..
قبل أن ينفى برأسه فجأة
ويشيح بيده اليمنى قائلاً
: لاء ..
مش هيه ..
مش هيه ..
يتابع الدكتور أحمد ما يحدث فى تعجب
هو الآخر ...
لا يفهم ما يحدث وما يدور حوله ..
وهو يسمع صوت مصطفى :
أنا كنت متأكد يا صفوت ...
هيه تشبهها ...
تشبه جدتى محاسن لكن مش هيه ...
وعلى فكره الشبه كمان بعيد ..
جدتى محاسن كانت مختلفه خالص ..
كانت ..
بتر عبارته فجأة وتلك المرأة تقفز من
فراشها
بشكل مخيف وتنظر له
وتقترب منه فى هدوء قائله
: أول مره أشوفك يامصطفى ..
ومع حديثها يتراجع الجميع بما فيهم
الدكتور
أحمد حاتم ...
ومصطفى فى قمة الذعر يشير إلى نفسه
يقول :
أول مره تشوفينى أنا ..؟!
هزت رأسها :
اول مره اشوف حفيدى التانى ..
حفيد عبد البديع ..
مصطفى عبد البديع ..
وكانت صدمه رهيبه جديده فوق رؤوس
الجميع ...
ومصطفى يصرخ وهو ينفى بيده فى فزع
: لاء ..
مش ممكن ..!
انتى مجنونه ..
كدابه ..
انتى مش محاسن ..
ولا جدتى ..
تبتسم محاسن وهى تقول
: بس انته حفيدى ...
وعندى الدليل ..
وبدأت محاسن تتكلم بطلاقه ...
وبمنتهى الهدوء ..
والاتزان ....
وتفجر بينهم مفاجآت مذهله ..
مفاجآت لم يتخيلها أحد ...
أو يتوقعها ...
تعليقات
إرسال تعليق