رواية
سكان القمر
الجزء 36
تأليف الكاتب محمد أبو النجا
كانت مفاجأة صادمه حينما رأى سليم
أمامه على باب الفيلا جدته ...
جدته محاسن ..
لم يصدق نفسه وهو يصرخ فى ذهول
شديد : جدتى ...!
جدتى محاسن ..!
أنا مش مصدق ..!
تبتسم وهى تقول :
ازيك ياسليم ..؟
يحتضنها سليم فى حب يقول
فى سعاده :
انتى خرجتى من المستشفى
امته ..؟
وازاى ...!
هزت رأسها وقبل أن تجيبه
كان يجذبها بهدوء ورفق من يديها
يقول : تعالى ...
تعالى ارتاحى ..
تتحرك معه نحو اريكه كبيره انيقه وهى
تجلس تنظر له تقول :
الدكتور احمد حاتم قالى أنى وجودى
فى المستشفى ملوش اى لازمه ...
وأنى الحمد لله بقيت كويسه جدا ..
وقواى العقليه سليمه ميه فى الميه ...
ولا مجنونه ولا مريضه ...
ولما حاول يتصل بيك عشان يبلغك
اترجيته أنى اعملها مفاجأة ..
خرجنى على مسؤوليته الشخصيه ..
بجد شخصيه مقدرش اوصف أخلاقها ..
لكن قالى أبلغك إنك تتصل بيه ..
وتبقى تعدى عليه تخلص باقى إجراءات
الخروج ...
هز سليم رأسه : بجد احلى مفاجأة ..
والأغرب انك عرفتى كمان العنوان ..
لوحدك ..!
تبتسم ساخره : واضح أنى استسلمت
للأمر الواقع ...
واقتنعت بكلامك ...
وعادت تتنهد :
واقتنعت انك حفيدى ..
وعادت تكمل بملامح وصوت حزين :
وإن عبد البديع جوزى مات ..
يقترب سليم وهو يلامس يديها :
متتصوريش أنا فرحان برجوعك
وبوجودك جمبى قد إيه ...
أنا بجد محتاجلك أوى ...
وحاسس إن ربنا عوضنى بيكى ...
محاسن بصوت هاديء :
لكن ياترى ده هيكون نفس إحساس
اخوك مصطفى ...!
هيكون فرحان ومرحب بوجودى
هوه كمان ..!؟
معتقدتش ..
أشاح سليم برأسه : ولا يهمك منه ..
بكره يستسلم ويصدق بأنك جدته ..
تعالى معايا ...
وعاد يجذبها من يديها وهى تهتف
فى تعجب :
على فين ..؟
سليم مبتسماً : تشوفى أدهم ابنى ..
عقدت حاجبيها فى تعجب شديد
تردد بنبرات تحمل الذهول
فى صوتها :
ابنك أدهم ..!!
هز رأسه : أيوه ...
ابنى وابن ريمونا ..
تتراجع فى صدمه أكثر قويه
وعيناه متسعه من حديثه تقول
: ابنك وابن ريمونا ...!
مش فاهمه أى حاجه ...!
يبتسم سليم ويضحك :
دى قصه طويله اوى .
هحكيهالك فى اوضة أدهم ...
هو شقى شويه ..
بس متأكد انك هتحبيه ...
*******
فى حديقة الفيلا
جلس مصطفى يرتشف فنجان قهوته ...
وملامحه واضح عليها الضجر والغضب
وهو يشاهد على الجانب الآخر منه
محاسن وهى تلاعب الصغير أدهم ..
وتحتضنه وتقبله ...
أطلق زفير طويل قبل أن يسمع فجأة
ذلك الصوت العذب الرقيق يقول :
واضح جداً أنك مش طايق محاسن
ولا أدهم ..
يلتفت مصطفى إلى شمس التى جلست
إلى جواره تبتسم بملامح جذابه جميله
ينظر لها فى تعجب وهو يقول بصوت حاد
: ده صحيح ...
مش طايق أى حد فيكم ..
لا انتى ولا هما ..
ولا حتى سليم أخويا ..
تنظر له فى دهشه :
ياه .. للدرجه دى ..؟
هز رأسه : أيوه ..
وأكتر ..
واحد جايب لى ولد ازرق من البرازيل
بيقول عليه ابنه ..!
لاء وكمان ابن واحده من القمر ..!
وجايب ست اصغر منه يقول عليها
جدتى ..!!
وجايب ..
قطع جملته
وعاد للصمت وهو ينظر لها لتكمل هي
: جايب لك بنت ليل ...
عاهره .. مش كده ...
وبيقول أنها من القرن التامن
وبرضه كانت مسجونه على القمر ..
مش ده اللى عايز تقوله ...؟
هز رأسه فى تعجب :
أيوه ..
فعلاً نفس الكلام اللى كنت عايز
أقوله بالظبط ...
بالحرف ..
بقالكم اسبوع هنا مش طايق حد فيكم ..
ولا طايق نفسي ...
وقريب هنقسم التركه ..
وكل واحد هيروح لحاله ...
تتنهد شمس :
بس أنته كده بتخسر أخوك ..؟
أشاح بيده وهو يرتشف من فنجانه
للمره الاخيره يقول :
مبقاش فارق معايا ..
ده شخص معتوه ..
بزمتك انتى من القرن التامن ..
رفعت كتفيها بثقه : طبعا
ينفى برأسه : بأمارات إيه ..؟
اقنعينى ..
أدينى دليل ..
اثبتيلى ...
يسود صمت بعدها وهو يكمل :
انتى خدعتيه ..
لكن ازاى معرفش ..
سليم اهبل وصدقك ..
والنصيبه يكون حاطط فى دماغه كمان
يتجوزك ..
تنظر له فى غضب قائله :
أنا مبفكرش ارتبط ب سليم ..
ولا عمرى فكرة ..
منكرش إنه شخص طيب وبيحبنى
وساعدنى كتير ..
لكن عمرى ما حسيته .
يجوز لأنه مش من زمنى ..
ابتسم ساخراً : لكن هو حبك ..
تبادله الابتسامه بشكل جذاب
تقول بثقه :
ومين يشوفنى وميحبنيش ...
ينظر لها فى دهشه قبل أن تعتدل من
مقعدها وهى ما تزال تنظر له فى صمت .
وهى تبتعد ....
وهو يبادلها وقلبه دون أرادته كان يخفق
..
لسبب لا يعلمه ...
********
( ووصلت لمرحله عاجز فيها عن التفكير
...
أو إتخاذ القرار )
نطق سليم جملته داخل حجرته بجانب
جدته محاسن التى استمعت إلى قصته
حتى انتهى ..
لتنفى برأسها فى حزن وهى تتنهد
: موقف صعب ...
وإختيار أصعب ...
ومش عارفه أقولك إيه ..؟
سليم : أنا شايف إن شمس
ملهاش ذنب فى كل اللى حصل ..
الظروف أجبرتها ووصلتها للمرحله دى ..
ومينفعش اتخلى عنها .
تتراجع فى صدمه :
أوعى يكون قصدك تتجوزها ..؟
هز سليم رأسه : أيوه ...
هتجوز شمس ..
تتسع عيناه فى صدمه وتنظر له فى شفقه
: لكن أنت عارف اللى حصل لها ...
والسكه اللى مشيت فيها ...
أنا عارفه ومتأكده إنك بتحبها لكن ..
لكن اللى حصل مش هتقدر تنساه ...
هيفضل عقبه ديما فى حياتك ...
وفى بالك ...
كل ما هتتخيل إنها كانت فى يوم ..
بترت عبارتها وهى تأخذ نفس عميق
: فكر كويس يا سليم ..
القرار مش سهل ...
سليم : أنا فكرت كتير ...
ومش لاقى بديل تانى ..
ولا يمكن أتخلى عنها مره تانيه ..
أنا هبدأ صفحه جديده معاها ...
تغلق عينيها وكأنما لا يتسهويها هذا
القرار ...
لتقول بصوت هاديء :
لكن تفتكر مصطفى
هيواقق على قرارك ده ..؟
اعتقد هيرفض ...
يشيح سليم بيده : مصطفى
خلاص خرج من حياتى ...
تتراجع فى حسره وصدمه تقول
: أزاى الكلام ده ...؟!
سليم :
أحنا خلاص إتفقنا نقسم التركه ..
وكل واحد ياخد نصيبه ويروح لحاله ..
تنظر له فى حزن وهى تنفى بيديها
: لاء ..
لاء ياسليم مينفعش ..
انتو ملكوش غير بعض ..
انتو ولاد شريف وأحفاد عبد البديع ..
مينفعش تتفرقوا ..
ده مش هيرضينى ...
سليم فى صوت حاد
: هو اللى إختار كده ..
وصدقينى يا جدتى أنا كده هرتاح ..
هو مش واصى عليه
عشان يعترض على كل قرارتى ..
ولا كل شويه يلوم أفعالى ...
انا حر ..
المحامى على وصول ..
وكويس إنك موجوده عشان تحضرى ..
وتاخدى حقك ..
تنظر فى تعجب وهى تردد
: حقى ..!!
هز رأسه : اكيد طبعاً ..
أنتى ليكى نصيب فى الميراث ..
كمان عمتى شاديه اللى انتى رافضه
لحد دلوقتى تقابليها ..
وتشوفيها ...
تتراقص الدموع فى أعين محاسن
وتتساقط قائله :
مش قادره ..
قلبى مش مستحمل يشوف بنتى
اللى كانت بضفاير فجأة في السرير
وصاحبة مرض ..
وحالتها حرجه ...
واكيد لو شافتنى ممكن تموت فيها ..
مش هتستحمل المفاجأة ..
قطعت حديثها فجأة
طرقات على باب الحجره
وصوت واحد من عمال الفيلا يقول :
الاستاذه شرين شوقى وصلت يافندم
يعتدل سليم من مقعده قائلا
: ثوانى ونازل لها ..
بلغ مصطفى ياعم كامل يحصلنا ...
عقدت محاسن حاجبيها فى تعجب
تقول : مين شرين شوقى دى ..؟
سليم : دى المحاميه الخاصه بالشركه
وبالعيله ..
محاسن فى تعجب :
أنا تصورت من كلامك
أنها محامى مش محاميه ..
سليم يبتسم :
هيه بنت الاستاذ شوقى جميل ..
محامى جدى عبد البديع .. الله يرحمه ..
وهى مديرة مكتبه وبنته لكن شاطره جدا
..
تعالى معايا عشان تشوفيها وتحضرى
اللقاء ..
وبعد دقائق كان الجميع داخل مكتب الجد
عبد البديع ..
سليم ..
ومصطفى أخيه ...
جدتهم محاسن ..
وشمس برهان ...
والمحاميه شرين ..
فتاه فى منتصف العقد الثالث من عمرها
..
جميله ورقيقه وجذابه ..
ترتدى نظاره صغيره فوق عينيها
عسلية اللون ...
تبدأ بسم الله الرحمن الرحيم ..
ثم تعود بعمل سرد وإحصاء لحجم وممتلكات
الجد التى كانت تبهر محاسن التى لم
تتخيل
ان تسمع يوماً أن زوجها يمتلك كل هذا
...
بفضل سرقتها يوماً للتمثال من سطح
القمر ..
تصل شرين إلى اسماء الورثه ..
سليم شريف عبد البديع ...
مصطفى شريفه عبد البديع ..
شاديه عبد البديع ..
محاسن ...
يقاطعها مصطفى فى غضب عارم وهو ينفى
: إيه اللى بتقوليه ده يا أستاذه ...!!
محاسن مين اللى هتورث معانا ...!!
سليم فى سخط يرفع سبابته فى وجهه :
هو أنته ناسي إن جدتك عايشه ..؟
وليها حق فى الميراث ..
يضحك مصطفى ساخراً :
لاء بقى ..
دى لعبه ...
واضح إنك كمان كنت شريك فيها
معاهم ضدى ...
الكلام ده أنا لا يمكن اسمح بيه ..
الست دى ملهاش مليم عندنا .
ولا تقرب لنا ...
وخلينا بقى ندخل في قواضى طويله ..
سليم :
أنا قدرت أوصل لورق يثبت إنها جدتك ..
يضحك مصطفى ساخراً :
محدش فيها هيصدق إنها جدتك ..
كلام أهبل ...
ومفيش أى دليل يدخل العقل حد يصدقه ..
المنطق بيقول كده ..
مش الورق ..
تقاطع شجارهم الحاد صوت محاسن
تقول فى غضب :
أنا لا فكرت فى ورث ..
ولا فلوس ..
ياريت تاخدوها وارجع لزمنى ..
لجوزى وعيالى ..
مصطفى فى سعاده :
كويس نعتبر ده خلاصة الكلام وتنازل
منك عن أى حق ...
ده لو كان فعلا ليكى ..
تبتسم ساخره :
للأسف مش هقدر أتنازل
عن أى حقوق ..
لأنى مملكش ده ..
ينظر لها الجميع فى تعجب شديد
ومصطفى يقول فى حيره :
كلامك مش مفهوم ...!
تقصدى إيه ...!
تلامس محاسن بطنها بيديها :
يعنى فى شخص له حقوق غيركم ...
سليم فى تعجب شديد :
شخص مين ..؟
تنظر محاسن نحو بطنها وهى تلامسها
وتحرك أصابعها نحو الأعلى والأسفل
قائله فى هدوء : عمكم ...
أنا حامل ..
اكتشفت إنى حامل من جدكم عبد البديع ..
وصرخ الجميع من هول الصدمه ..
والمفاجأة ...
فقد فاقت كل الحدود هذه المره ...
أبعد الحدود ...
وكل التوقعات ...
تعليقات
إرسال تعليق