القائمة الرئيسية

الصفحات

رواية
 
سكان القمر
 
الجزء 2

 

تأليف الكاتب محمد أبو النجا

 

 

 

ظل ذلك الرجل متجمدا فى مكانه

 

 وبين أصابعه ذلك الشىء الذى

 

 ‏ أخرجه من العلبه التى سقطت

 

 ‏من جثة الرجل المجهول ...

 

 الذى مات داخل سيارته ...

 

كانت مفاجأة مهوله

 

لا يمكن تصديقها ...

 

كانت عيناه تتسع وهو ينظر إلى ذلك البريق

 

الذى لم يراه من قبل ...

 

لقد كانت جوهره ..

 

جوهره زرقاء ...

 

جعلته يفقد القدرة على التركيز

 

والتفكير والنطق ..

 

لا يعلم ماذا عليه أن يفعل ..!

 

هل يحتفظ بها ..؟

 

ام يقوم بتسليمها ...؟

 

عاد ينفى برأسه بعد لحظات أنها من حقه ..

 

لقد فاز بها ...

 

وهب يقفز و يسرع بالرحيل عائدًا إلى منزله

 

وهناك كان الجميع نائم ..

 

يغلق باب حجرة نومه فى هدوء

 

ويبدأ فى إيقاظ زوجته محاسن

 

التى قالت وهى تحمل بين ملامحها نعاس شديد

 

وفى تعجب وبأعين خامله مرهقه

 

تقول : مالك ياعبد البديع ...؟

 

داخل كده زى ما يكون

 

فى حد بيجرى وراك ..؟

 

يجلس عبد البديع بالقرب منها

 

يلتقط أنفاسه المتسارعه من هول الصدمه

 

التى حدثت له ....

 

قبل أن يدور برأسه

 

نحوها قائلاً بصوت ضعيف يكاد لا يسمع

 

: مش هتصدقى ..

 

مهما احكيلك اللى حصل يامحاسن ...

 

 مش هتصدقى ..

 

فيلم ..

 

عارفه الافلام ..

 

اللى بتشوفيها فى السيما ...

 

اهو اللى حصلى اكتر منها ..

 

أو زيها بالظبط ....

 

هزت رأسها وهى تتثاوب فى خمول

 

مش  فاهمه ...

 

اخذ يكمل حديثه فى حماس

 

 : انا كنت فى فيلم النهارده ..

 

دارت بجسدها ناحيته

 

: متتكلم دوغرى وبلاش ألغاز ياراجل أنته ...

 

حصل ايه فاهمنى ...

 

قول فى إيه ...؟

 

عبد البديع :

 

حاجه لا على البال ولا الخاطر ..

 

وبدأ يروى لها كل ما حدث ...

 

وعيناها تتسع فى تعجب

 

 وذهول حتى انتهى ..

 

وهو يخرج لها الجوهره الزرقاء

 

من جرابه ..

 

لتنظر فى صدمه وهى تبتلع ريقها قائله

 

وهى تشير بسباتها :

 

 دى حقيقي ..!

 

دى جوهره حقيقه ...!

 

رفع كتفيه ومط شفتيه :

 

انتى شايفه ايه ..؟

 

وبعدين بقولك راجل مات

 

فى التاكسي بتاعى بسببها ..

 

يعنى اكيد حقيقيه ...

 

التقطتها من بين أصابعه

 

وهى تقربها من حدقت عيناها

 

قائله بكلمات متقطعه : ودى ...

 

ودى ... تسوى ..قد إيه...؟

 

 كام .. يعنى ...؟

 

غمغم عبد البديع :

 

مش هتقل عن خمس تلاف جنيه ..

 

يا محاسن ..

 

ارتجفت كل خلاياها عند سماع المبلغ وشعرت

 

بارتفاع حرارة جسدها ..

 

وإزدياد دقات قلبها وهو يكمل :

 

ويمكن أكتر ...

 

بس مش هبعها دلوقت ..

 

هستنى لما الموضوع يهدى شويه ..

 

وينام ...

 

عقدت حاجبيها الأيمن قائله

 

 وهى ترفع جسدها البدين الممتلىء

 

 ‏ لأعلى قليلا : مش فاهمه بقى

 

الحته دى ...!

 

يعنى ايه الموضوع يهدى شويه وينام ...!

 

عبد البديع : يعنى نشوف فى حد

 

بيدور لسه عليها ...؟

 

انتى ناسيه إن فى واحد مات بسببها ..

 

يعنى اكيد اللى بيدور عليها مش ساكتين ..

 

احنا هنحطها شويه كده فى حته أمينه ...

 

ولما نحس إن الأمور هاديه ..

 

نطلعها .. ونبعها ..

 

تشير نحوه بسبابتها اوعى يكون ياراجل

 

انته عامل عامله ومخبى عليه ...

 

يطلق زفير قوى وهى يلوح بيده فى

 

وجهها غاضباً : هو فى عامله اقدر اعملها

 

تجيب جوهره زى دى ...

 

بطلى ظن بقى ...

 

دنا جاى احكيلك بنفسي كل حاجه ...

 

تشعر بسعاده غامرة وهى تقول :

 

وبعد ما نبعها ....

 

هنعمل إيه بفلوسها ...؟

 

ينظر للسقف للحظات ثم عاد يقول

 

: نشترى كل اللى نفسنا فيه ...

 

كل اللى ناقصنا ....

 

 بيت مثلاً ..

 

وبيت يكون كبير ..

 

وعربيه جديده ...

 

بدل التاكسى الكحيان بتاعى ..

 

هزت رأسها وهى تتنهد :
























 

ياخوفى ياعبد البديع تتجوز عليه

 

أول ما الفلوس تجرى في أيديك ...؟

 

منا عارفاك رمرام ودنى ....

 

وعينيك طول عمرها زايغه ....

 

 

 

                      *********

 

بعد شهر من الأحداث ....

 

ظل ذلك الرجل العجوز

 

يتفحص الجوهره الزرقاء ..

 

تحت مرآة العدسه المكبره لدقائق ..

 

ثم رفع رأسه يتنهد ليقول له عبد البديع

 

فى لهفه :

 

أيه تسوى كام ياعم جبريل ...؟

 

ينظر له جبريل فى تعجب قائلاً :

 

جبتها منين البتاعه دى ...؟

 

يخفق قلب عبد البديع بقوه

 

وهو يشعر بالخوف من سؤاله

 

ليقول : لقيتها ...

 

جبريل يمدها له : روح ارميها

 

مطرح ما لقيتها بقى ..

 

يشعر عبد البديع بقمة الصدمه

 

والحسره وهو يقول : ليه ...!

 

مالها ..!

 

دى جوهره تسوى ألوفات ...

 

ينفى جبريل فى سخريه :

 

ألوفات ...!

 

يابنى ايه اللى انته

 

جايبه ده ...!

 

مش عارف أفسر البتاع دى

 

ولا اقول عليها إيه ...!

 

عبد البديع فى توتر أكثر

 

: يعنى مش جوهره ..؟

 

ينفى جبريل برأسه : لاء

 

مش جوهره ..

 

بس هيه تقليد كويس ...

 

عبد البديع فى هم ويأس شديد

 

: يعنى تسوى كام ياعم جبريل ...؟

 

تشتريها بكام ..؟

 

يبتسم جبريل :

 

 ولا بسحتوت واحد ...

 

ولا تسوى حاجه ..

 

عبد البديع : طب خودها بأى تمن ...

 

أى فلوس ....

 

جبريل فى غضب :

 

بقولك ارميها مطرح ما لقيتها ...

 

يشعر عبد البديع بقمة خيبة الأمل

 

وهو يعود إلى منزله منكسر الخاطر ..

 

حزين ...

 

بخطوات ثقيله ..

 

بعد أن ماتت الفرحه فى صدره ...

 

ولم يعد يدر كيف يخبر

 

زوجته محاسن التى تنتظر البشرى ..

 

بهذا الخبر الأليم ...!

 

وعلى مشارف أعتاب باب الشقه ..

 

كانت تنتظره فى لهفه شديده ..

 

قبل أن تتبخر إبتسامتها سريعاً

 

 وهى تنظر إلى ملامحه

 

الصلبه المتجدده لتقول فى خوف

 

: مالك يا عبد البديع ..!

 

مرحتش تبيع الجوهره ...؟

 

يخرجها عبد البديع من جرابه

 

ويمدها لها وهو يتنهد : لاء

 

مبعتهاش ...

 

ولا تسوى حاجه ..

 

طلعت فالصو ...

 

تقليد ...

 

تضرب صدرها براحتك يديها

 

وهى تتحسر فى حزن :

 

جت الحزينه تفرح مالقتلهاش مطرح ...

 

يا فرحه ما تمت ...

 

خدها الغراب وطار ..

 

قوم يا عبد البديع شوف اكل عيشك

 

روح اسرح بالتاكسي شوف

 

رزقك ورزق عيالك ..

 

هو احنا وش غنى وجواهر

 

احنا وش فقر ...

 

ينفى برأسه :

 

بقولك إيه انا تعبان وداخل أنام ...

 

ومش عايز حد يدخل عليه ...

 

ولا يصحينى ...

 

كفايه اللى أنا فيه ..

 

عاد يتجه صوب حجرته يغلقها على نفسه ..

 

ويلقى بجسده فوق الفراش ..

 

يحاول أن يبعد شعوره بالحزن الذى يخيم عليه

 

دون جدوى ...

 

يمسك تلك الجوهره الزرقاء فى قبضته ..

 

لا يعلم ماذا يفعل بها ...!

 

هل يلقى بها من النافذة ....؟

 

لقد أصبح يشعر بأنه يبغضها ..

 

وينوى التخلص منها ...

 

قبل أن تساومه تلك الرغبه الملحه

 

فى النوم ...

 

وتتثاقل عيناه ...

 

ويستسلم ....

 

ويذهب فى سبات ونوم عميق ...

 

ليجد نفسه يسبح فى الهواء ...

 

لا يعلم كم من الوقت قد مر عليه ...

 

ظلام دامس ...

 

فجأة تلامس أقدامه تلك الأرض اللامعه

 

البيضاء ...

 

الشفافه ...

 

 الزجاجيه ..

 

وأمامه باب ضخم مفتوح على مصراعيه ...

 

يخطوا ببطء وحذر نحوه ...

 

ليجد نفسه أمام مدينه ضخمه ...

 

ذات منازل فضية اللون ..

 

زحام شديد بها ...

 

لبشر عملاق ...

 

أو مخلوقات تشبه البشر ...

 

لكنها مختلفه ...

 

فى الملامح والجسد ...

 

واللون ...

 

ذو ملابس غريبه شبه عاريه ..

 

ضخام الجثة ...

 

ملامحهم حجرية جافه ...

 

جامده ..

 

الطفل الصغير منهم طوله

 

يقترب من المترين ...

 

يلتفون حوله حين رؤيته ..

 

يتهامسون بلغه غير مفهومه ...

 

وهم يصوبون سبابتهم نحوه ..

 

يمد أحدهم يده يلامس كتفه

 

وكأنه يتفحصه ...

 

ليهتف عبد البديع فى رهبه

 

 وخوف شديد وحيره :

 

انتو مين ...!!

 

انا فين ...!!

 

عاد ينتبه إلى يده التى ما تزال تقبض

 

على الجوهرة ...

 





















وهو يتسأل هل ما يراه وهم ام حقيقه ..!

 

أم خيال ...!!

 

هل هو داخل حلم ..!!

 

أم كابوس ..!!

 

يقترب منه أحد سكان ذلك المكان

 

 بجسده الضخم ويهمس بالقرب

 

 ‏ من رأسه بلغه عربيه فصحى :

 

من أنت ...؟

 

يتراجع عبد البديع فى ذهول تام

 

لا يستطيع الرد او الكلام ..

 

لقد تجمدت الحروف بين شفتيه ...

 

والضخم يقبض بكلتا يديه على كتفيه

 

ويرفعه عاليا ويتفحصه كالدميه

 

ليصرخ عبد البديع وهو يحاول

 

إن يفلت من يده

 

والضخم يكرر سؤاله

 

بصوت غليظ :

 

من أنت ...؟

 

تكلم ...

 

من أى مكان قد جئت ...؟

 

عبد البديع بصوت هزيل :

 

من مصر ...

 

انا ساكن فى الجيزة ..

 

هز الضخم رأسه وكأنه فهم

 

إجابته ويسأله من جديد

 

 : وما هو اسمك ..؟

 

يبتلع عبد البديع ريقه فى خوف :

 

أسمى عبد البديع ..

 

عبد البديع ابراهيم ..

 

يهز الضخم من جديد رأسه العملاقه

 

كما يراها عبد البديع قائلاً  :

 

 إذن انت من سكان الأرض ...؟

 

هذا واضح ...

 

لقد علمت هذا منذ أن رأيتك ...

 

يتراجع عبد البديع فى ذهول تام يردد

 

: سكان الأرض ..!!

 

هز الضخم رأسه وهو يرفع

 

 سبابته العملاقه نحو السماء

 

 ‏ البعيده السوداء ...

 

نحو تلك الدائره هناك يقول

 

: الأرض ..

 

: هناك ...

 

: انت من هناك ...

 

يشعر عبد البديع بالحسرة الرهيبه والصدمه المفجعه ...

 

وهو لا يصدق ذلك الكابوس المذهل

 

الذى يعيشه

 

ليتراجع خطوات قليله للوراء ..

 

وبأعين متسعه تكاد تنفجر من شدة ما

 

يراه وما يسمعه لينفى برأسه

 

: لاء ..

 

لاء ..

 

مش ممكن ...!!

 

مستحيل ..!!

 

أنا اكيد بحلم ...!

 

وهصحى من الكابوس ده دلوقتى ...

 

عاد الجميع يتهامسون بلغتهم الغريبه ..

 

وهو يتابعهم فى فزع يكاد يصل

 

به إلى حد الجنون ...

 

 ويشعر برغبه عارمه

 

فى الصراخ من هول ما يراه ...

 

ينظر إلى تلك النقطه البعيده فى السماء

 

والتى أشار لها العملاق منذ لحظه واحده ..

 

 على أنها الأرض ..

 

ليقترب منه ذلك الفتى الصغير

 

يبتسم ...

 

 وعبد البديع يتفحص ملامحه ولونه القريب

 

من الازرق قائلاً : انتو مين ..؟

 

 ‏مين ..!

 

 ‏يعود الضخم يقترب منه قائلاً :

 

 ‏كيف جئت إلى هنا ..!

 

 ‏كيف ..!

 

 ‏كيف وصلت لنا ...!

 

 ‏عبد البديع فى ذهول لا حدود له

 

 ‏يردد سؤال الضخم :

 

 ‏وصلت لكم ...!

 

هو ‏انا فين بالظبط ...؟

 

 ‏يجيبه الضخم :

 

 ‏انت على القمر ..

 

 ‏وبين سكانه ...

 

 ‏سكان القمر ...


إضغط هنا الجزء 3

 

 إضغط فى الأسفل للوصول لأى جزء من رواية سكان القمر 














 إضغط هنا الجزء 21

 إضغط هنا الجزء 22

 إضغط هنا الجزء 23

 إضغط هنا الجزء 24

 إضغط هنا الجزء 25

إضغط هنا الجزء 26

إضغط هنا الجزء 27

 إضغط هنا الجزء 28

 إضغط هنا الجزء 29

 إضغط هنا الجزء 30

 إضغط هنا الجزء 31

 إضغط هنا الجزء 32

 إضغط هنا الجزء 33

 إضغط هنا الجزء 34

 إضغط هنا الجوء 35

 إضغط هنا الجزء 36

 إضغط هنا الجزء 37

 إضعط هنا الجزء 38

 إضغط هنا الجزء 39

إضغط هنا الجزء 40

إضغط هنا الجزء 41

 إضغط هنا الجزء 42

 إضغط هنا الجزء 43

 إضغط هنا الجزء 44

 إضغط هنا الجزء 45

  إضغط هنا الجزء 46

 إضغط هنا الجزء 47

 إضعط هنا الجزء 48

 إضغط هنا الجزء 49

إضغط هنا الجزء 50

إضغط هنا الجزء 51

 


هل اعجبك الموضوع :

تعليقات