القائمة الرئيسية

الصفحات

رواية
 
سكان القمر
 
الجزء 23
 

تأليف الكاتب محمد أبو النجا


لم يصدق سليم نفسه أمام هذا المشهد

 

الرهيب الذى لم يتخيله يوماً ..

 

أن يرى ولده يخرج أمامه أرضاً داخل

 

كهف فوق جبل فى بلد بعيد عن وطنه ..

 

يخرج من أحشاء مخلوقه مرعبه ..

 

تصرخ فى صوره مفزعه من ألم الولاده ..

 

لقد كان طفل ازرق اللون ..

 

تجمدت اقدام سليم ولم تقوى

 

على الحركه ..

 

عيناه متسعه لا يستوعب ما يراه ..

 

كان بكاء صغيره يمزق قلبه ..

 

أما هى لم تكف عن الصراخ

 

 بشكل مخيف متكرر  ..

 

وبعد دقيقه واحده كان هناك طفل ثان يولد ..

 

لقد كان توءم ..

 

ولدين ...

 

كل هذا وهو واقف يشاهد كالتمثال

 

الحجرى ...

 

إلى أن اعتدلت هى ..

 

وأخذت تحمل صغارها وتعد لهم كل شىء

 

وحدها ..

 

بلا أى مساعده ..

 

أو طبيب ..

 

كانت تعلم وتدرك جيداً ما تفعله ..

 

وأخذت بعد دقائق تحتضنهم ..

 

وترضعهم ..

 

وتبتسم وهى تشير له بالقدوم

 

: مش هتشوف ولادك ...

 

لكن سليم ظل ساكن الحركه والمكان ..

 

إلى أن اوقظه بكاء الصغيرين ..

 

هناك حنين غريب وعاطفه لم يعدها

 

 من قبل نحوهم ..

 

وشعور بالأبوه قد نمى فجأة

 

 فى قلبه وصدره ..

 

ليقترب يرى بين احضان ريمونا طفليه ...

 

كان لا يختلفان عن أقرانهم سوى

 

فى حجم الجسد ولونهم الأزرق ...

 

دقات قلبه تتسارع بشده ..

 

يشعر بدماؤه تتدفق بقوه فى عروقه ..

 

تمد له ريمونا بواحد منهم وهى تهتف

 

امسك يا سليم ..

 

ابنك ..

 

لم يتمالك سليم نفسه من الشعور بالصدمه

 

 وهو يحمل الصغير

 

ذو اللون الازرق الذى كف عن البكاء بين

 

حسن حمله يده  ..

 

وكأنه استشعر قربه ..

 

وتندفع تلك الدمعه التى لم يستطع

 

منعها من عينيه ...

 

لا يصدق أنه يحمل ولده بمثل هذه السرعه

 

التى لم يتخيلها ...

 

وعاد يحمل الثانى ..

 

وريمونا تعتدل واقفه كأنها لم تلد منذ

 

قليل أو تصرخ ..

 

وتخطو بهدوء بالقرب من سليم

 

: اظن دلوقت أنا مبقاتش غريبه ..

 

وكمان ولادك أصبحت دليل أنى بقيت منكم ..

 

سليم بصوت متلجلجل :

 

 انا مش قادر

 

استوعب اللى حصل ..

 

أنا لآخر ثانيه كنت بقول من جوايا

 

انك بتكدبى ..

 

أو ممكن يكونوا مش ولادى ...

 

تنظر له بملامح الغضب وهى تفهم

 

ما يرمى إليه لتقول فى حدة :

 

جنسنا ميعرفش الخيانه زيكم ..

 

طبيعتنا مش زى البشر ..

 

من شهر واحد كانت بطنى مفيهاش اى

 

علامه للحمل ..

 

سليم فى تعجب وهو ينظر للصغرين

 

الذان بدأ يذهبان فى نوم عميق

 

ليضعهم أرضاً وتقوم ريمونا بتغطيتهم

 

وهو يكمل :

 

 لكن دول مش نفس لون البشر ..!!

 

هزت رأسها :

 

اكيد هيكون فيهم منى ومنك ..

 

متنساش مين امهم ...

 

سليم فى صدمه :

 

 افهم من كده أنهم هيفضلوا

 

بنفس اللون ..؟

 

تنفى برأسها : كل شىء هيبان ..

 

متستعجلش الأحداث ..

 

كمان ..

 

عادت تتراجع وعيناها تتسع نحو

 

السماء البعيده المظلمه ..

 

التى ظهرت بها بقعه بيضاء فجأة ..

 

لمحها سليم لكنه لم يهتم ..

 

ولم يدر لماذا تنظر لها ريمونا

 

بكل هذا الإهتمام المبالغ والتعجب ..

 

ليقترب منها قائلاً :

 

 فى ايه ..؟

 

مالك سكت فجأة ..؟!

 

بتبصى على ايه ..؟

 

لكن ريمونا لم تجيب ..

 

ظلت متجمده ..

 

شاردة الذهن ....

 

ليتابع فى تعجب أكثر وحيره وهو يسأل

 

: مش بتجوبينى ليه ..!

 

ريمونا فى ايه ..؟

 

مالك ..!!

 

تدور ريمونا فجأة نحوه تقول وهى تجمع

 

متعلقاتها فى سرعه تقول :

 

 لازم نمشى من هنا بأسرع وقت ....

 

لازم ..

 

تتسع عيناه فى صدمه يقول

 

















فى قلق : ليه ..؟

 

لم تجيبه وهى تحمل صغارها فى حقيبه

 

صغيره على كتفيها ..

 

وهو يقول فى إنفعال

 

: مش بترد ليه ..!!

 

أتكلمى ..

 

إيه اللى حصل ..؟

 

تنظر له ريمونا وقد بدأ جسدها يتضخم

 

بشكل مخيف ..

 

وملامحها تصبح أكثر شراسه ..

 

وهى تقول بصوت أجش صلب صارم

 

: لأنهم عرفوا مكانا ..

 

عرفوا طريقنا ...

 

عقد حاجباه فى تعجب شديد يردد

 

وتوتر : هما مين ..؟

 

مين اللى عرفوا ..!!

 

ريمونا بنفس اللهجه الحاده ترفع يديها

 

نحو البقعه البيضاء البعيده

 

تشير بسبايتها قائله :

 

سوفر ..

 

سوفر أخويا ..

 

يخفق قلب سليم فى صدمه عارمه

 

وتتبدل ملامحه إلى الفزع يقول

 

: سوفر اخوكى ..!!

 

وعرفتى منين وازاى ..!!

 

هيعرف مكانك أزاى ..!!

 

ازاى قدر يوصلك ..؟

 

ريمونا : سمع صراخى ..

 

سمعنى وأنا بولد ..

 

سليم فى ذهول حاد

 

لا يصدق : سمعك وانتى بتصرخى ..!!

 

عايزه تفهمينى أنه سمعك وهو على

 

القمر ..!!

 

مش ممكن طبعاً ..!!

 

مستحيل ..!!

 

أنا مش مصدق ..!!

 

تتنهد وقد زادت أنيابها فى البروز

 

تقول :

 

مفيش وقت اشرح لك اكتر من كده ..

 

لأنه بعد وقت مش كتير هيكون هنا ...

 

ولازم نرجع مصر ..

 

لازم نهرب ..

 

ينفى فى يأس : مش بسهوله ..

 

لازم إجراءات كتير ناخدها ..

 

كمان متنسيش أننا بقينا اربعه ..

 

وكنا جايين هنا اتنين بس ..

 

وع..

 

تقاطعه ريمونا فى غضب :

 

 لازم نبعد عن بيرو ..

 

لأنهم اكيد هيوصلوا هنا ..

 

نظر لها فى تعجب :

 

يوصلوا ازاى مش فاهم ..!!

 

واضح انك كنت عارفه اللى هيحصل ..؟

 

هزت رأسها : طبعاً ..

 

واكيد عملت حسابى ..

 

وحطيت احتمال واحد فى الميه ..

 

واهو حصل ..

 

عشان كده جيت بيرو ..

 

على جبل البامايو ..

 

يغمغم سليم :

 

 أنا كده وضحت لى الصوره اكتر

 

انك تعمدتى لو سمعوا صراخك ونزلوا

 

هنا هتكونى انتى فى مكان تانى

 

هزت رأسها :

 

بالظبط هو ده اللى أقصده ..

 















عملية تضليل ...

 

وحاولت اكون فى الكهف هنا عشان يمنع

 

صعود الصرخه ليهم ..

 

لكن للأسف مقدرتش ...

 

سليم فى قلق واضح :

 

طيب ولو وصلوا هنا وشافوكى ايه

 

اللى ممكن يحصل ..؟

 

تبتسم ساخره :

 

 اكيد هيقتلونا كلنا ..

 

 ‏انا وانته وولادك ...

 

يخفق قلبه ويرتجف جسده وهو

 

ينظر لصغاره النائمان فى شكل ملائكى ..

 

لقد بدأ ذلك الاحساس بالخوف من أجلهم

 

يتفاقم ويتصاعد ..

 

وأصبح حقيقه فجأة ..

 

لم يتوقعها ...

 

إنه يحبهم ..

 

ويشعر بالخوف الشديد من أجلهم ..

 

يوقظه صوت ريمونا من غفوته التى

 

سرح فيها بخياله للحظات وهى تقول :

 

انته نسيت أنى فى نظرهم ملعونه ..؟

 

ومحكوم عليه بالموت ...

 

ومفيش اى سبيل للعفوا أو الرحمه منهم ..

 

ده جزاء وعقاب اللى يخالف قوانين

 

شعبنا ..

 

وعشريتنا ...

 

سليم :

 

 وهنروح فين دلوقت ...؟

 

تجذبه ريمونا وهى تحتضنه ..

 

وتبدأ فى الهبوط من سطح الجبل

 

بعد شهر من مكوثها هناك ...

 

إلى أن وصلت بهم إلى الأرض ..

 

وأخذت تعدو مسرعه ..

 

تسبق أقدامها الريح ...

 

وهى تحمل سليم وأطفالها ..

 

فى مشهد يصعب وصفه ..

 

حتى توقفت تلتقط أنفاسها ..

 

وتجلس وسليم ينظر لها ويشعر

 

للمره الأولى بالشفقه نحوها ..

 

وهى تنظر له قائله وهى ترفع يديها

 

تشير نحو محطة قطار قائله :

 

هنركب القطر اللى هيكون هنا بعد شويه

 

وبعدها ...

 

عادت للصمت من جديد ..

 

وقد اتسعت عيناها فى خوف واضح

 

 إلى أقصى حد ..

 

وهى تعتدل واقفه تقول فى ذهول تام

 

وصوت مرتجف متعجب

 

: سوفر ...!!

 

يدور سليم حيث تنظر عيناها ..

 

لقد كان سوفر أخيها أمامه ..

 

وكان مخلوق بشع يصعب وصفه ...

 

ويصعب قول ما فعله ...

 

حين وجدهم ..

 

من انتقام يحمل داخله براكين

 

ثائره من الغضب ..

 

ولا يمكن لأحد صده ..

 

أو إيقافه ...

 

أو الهروب منه ...

إضغط هنا الجزء 24

 

  إضغط فى الأسفل للوصول لأى جزء من رواية سكان القمر 














 إضغط هنا الجزء 21

 إضغط هنا الجزء 22

 إضغط هنا الجزء 23

 إضغط هنا الجزء 24

 إضغط هنا الجزء 25

إضغط هنا الجزء 26

إضغط هنا الجزء 27

 إضغط هنا الجزء 28

 إضغط هنا الجزء 29

 إضغط هنا الجزء 30

 إضغط هنا الجزء 31

 إضغط هنا الجزء 32

 إضغط هنا الجزء 33

 إضغط هنا الجزء 34

 إضغط هنا الجوء 35

 إضغط هنا الجزء 36

 إضغط هنا الجزء 37

 إضعط هنا الجزء 38

 إضغط هنا الجزء 39

إضغط هنا الجزء 40

إضغط هنا الجزء 41

 إضغط هنا الجزء 42

 إضغط هنا الجزء 43

 إضغط هنا الجزء 44

 إضغط هنا الجزء 45

  إضغط هنا الجزء 46

 إضغط هنا الجزء 47

 إضعط هنا الجزء 48

 إضغط هنا الجزء 49

إضغط هنا الجزء 50

إضغط هنا الجزء 51

 

 

 

 

 


هل اعجبك الموضوع :

تعليقات