رواية
سكان القمر
الجزء 22
تأليف الكاتب محمد أبو النجا
لم يصدق سليم ساره أو ريمونا وهى تخبره
بقصة حملها منه ..
رغم أن يده قد أحست بتحرك الجنين
حين لمس بطنها ..
لكن زواجهم لم يتجاوز الاسبوع بعد
وهى تخبره أنها ستلد بعد شهر
واحد من الآن ..
كيف حدث هذا ..!!
وطبيعتها تختلف عن طبيعة البشر ..
وها هى تدور بجسدها الممشوق حول
سليم الصامت ينتظر حديثها
وهى تقول فجأة :
(البامايو)
يعقد حاجباه فى تعجب شديد
يردد : البامايو ..!!
مش فاهم تقصدى إيه بالكلمه دى ..!
تبتسم :
ده المكان اللى هولد فيه ..
مط سليم شفتيه فى حيره :
أنا مش مصدق لحد دلوقتى انك اصلا
حامل ..!
تتوقف عن التحرك وتعقد يداها على صدرها
: مش انته شوفت يعنيك بطنى بدأت تكبر
ازاى ..
ولمست بإديك حركت ابنك جوايا ..
يقول فى تعجب :
ما يمكن مش حامل وبطنك فيها مرض ..
مرض من أمراض مخلوقاتكم ...
وسكان القمر ..!!
تنفى : لا ..
مش مريضه ...
يطلق زفيره الساخن :
واشعرفك بقى أنه ولد مش بنت ..!
تبتسم وهى تلامس بطنها
: حاسه بيه ..
وحاسه بملامحه الجميله ...
ينفى سليم فى صدمه
: مش ممكن فى اسبوع واحد
تبقى حامل ..!!
تبتسم : وكمان شهر بالظبط
وهتكون اب . ..
ابو ابنى ...
ينفى من جديد فى غضب
: كلام مجنون ..
ميدخلش العقل ..
ولا حد يصدقه ...
هزت رأسها : لو مش مصدقنى دلوقت
هتصدقنى بعدين ....
لحظة ما انجب لك ابنك قريب ..
وتشوفوا يعنيك ..
يتنهد :
والبامايو ده يبقى ايه بقى ...!!
مستشفى ..؟
تنفى فى هدوء : لاء ..
ده جبل ...
جبل البامايو .. فى بيرو ..
دولة بيرو ..
يتراجع فى صدمه حاده لا يصدق ما تقوله
ويسود صمت للحظات قبل أن يقترب ويجلس
من جديد على مقعد ذهبى انيق
يقول فى صدمه :
يعنى حامل ...
وكمان عايزه تولدى فى جبل
فى دولة بيرو ...
اسمه البامايو ..
هزت رأسها : أيوه ..
وهسافر بكره ..
واعمل حسابك هتيجى معايا ..
يبتسم ساخراً :
يعنى سايبه كل مستشفيات مصر
ورايحه تولدى على جبل فى اخر الدنيا
تزداد ملامحها للصلابه قائله :
فى كهف هناك فى الجبل ده ..
هسكنه الشهر الجاى كله ..
سليم فى غضب :
اشمعنا يعنى مش فاهم ...!!
غرضك ايه ...؟
تسكنى فوق جبل ..
وجوه كهف ..!!
تبتعد بجسدها وهى تنصرف
قبل أن تدور برأسها وبأعين ساره
الجميله
تقول :
لما نوصل هناك هتعرف ليه ...
وياريت تكون معايا ...
ياريت ..
غادرت المكان وهو فى حاله من الذهول
والحيره ..
صامتا ..
لا يدر ماذا عليه أن يفعل ..؟
وهل يصدقها أم لا ..؟
وهل بالفعل هى حامل منه ..؟
وذلك الشىء الذى لمسه يتحرك فى
أحشاؤها هل هو بالفعل ابنه ..؟؟
*********
لم يجد سليم من مفر أو طريق آخر
سوى أنه يتبع ريمونا إلى حيث تريد ..
ليذهب معها إلى بيرو ..
إلى جبل البامايو ..
كان بالفعل جميل الشكل والهيبه ..
مشهد الجبل أنساه مشقة السفر إليه ..
لكنه لم يعرف بعد ...
لماذا اختارت ريمونا
هذا المكان البعيد للغايه ..!!
الشمس توشك على الغروب ..
يقف إلى جانبها أسفل الجبل ..
لتقاطع الصمت الطويل والدائم بينهم
فى اغلب الأوقات تقول :
إيه رأيك فى الجمال ده ..؟
سليم : صراحه الجبل والمكان كله جميل
لكن مفهمتش ليه قطعتى المسافه دى
كلها وجبتينا هنا ..؟؟
مش فاهم عرضك ايه ..؟
رغم انى طاوعتك ..
وبرضه معرفش ليه ..!!
تبتسم ريمونا وهى تشير بسباتها :
الجبل ده يشبه مكان على القمر بحبه ..
سليم فى حيره :
وعرفتى منين الجبل ده ..؟
ريمونا :
كنت بشوفوا من اوضتى فى بيتى
يتراجع سليم فى صدمه :
بتشوفيها ازاى ..!!
تبتسم من جديد :
أنا أقدر اشوف اى مكان
على الأرض ..
وبسهوله مهما كان بعيد ..
سليم فى تعجب شديد :
ازاى بقى ..!!
عن طريق منظار مكبر مثلا ..؟
تنفى : لاء ...
عن طريق مرايتى ..
عقد حاجباه فى حيره كبيره
: مش فاهم ...!!
هزت رأسها : مش ضرورى اشرح لك ..
لو طلعنا تانى هناك هتعرف الطريقه ..
يتذكر أمر الجوهره ليقول :
لكن أنا نسيت أسألك ...
هيه ليه الجوهره فقدت قوتها ..
فى أنها تطلعنى تانى على القمر ..!!
تغمغم وتلامس بأصابعها شفتيها
: مش قادره حقيقى اعرف السبب ...
يتنهد :
طيب ودلوقتى هتعملى ايه ..؟
هتطلعى الجبل ده ازاى ..!!
دحنا قدمنا شهر لما نوصل فوق ..؟
كمان الشنطه الكبيره اللى جايباها
معانا
دى فيها ايه مش فاهم ..!!
وهتشليها ازاى و ..
بتر عبارته فجأة وهى ترفع الحقيبه
الضخمه
فوق ظهرها
وتقترب من ملمس الجبل الصخرى
وتشير إلى سليم :
امسك فى رقبتى ..
يتراجع سليم فى صدمه
وهو ينفى : مش فاهم تقصدى إيه ..!!
انتى هتشيلى الشنطه ...
والآه هتشلينى ..!!
فجأة يتبدل جسد ريمونا أو ملامح ساره
وتنتفخ بشكل مموج ..
إلى هيئتها الحقيقه التى كانت عليها
على القمر ..
لتصبح بحجمها الكبير الضخم ...
وتجذب سليم وتلقى به فو الحقيبه
وتهتف : خلى بالك من نفسك ...
وأمسك كويس ..
فجأة تزحف ريمونا على جدار الجبل ..
تزحف كالثعبان ..
بشكل مذهل تصعد نحو الأعلى ..
پمخالب حاده ..
وأصابع قويه ..
واذرع من فولاذ ..
وكأنها لم تكن من قليل فتاه حسناء
رقيقه ..
كان جسد سليم يتحطم
مع التأرجح والارتجاج ..
والتمايل القوى الذى يحدثه صعودها ..
وعيناه تشاهد الأرض تبتعد ..
فى مشهد مروع ومرعب ...
خفق له قلبه ...
وجعله يغلق عيناه للحظات ..
كانت تصعد بشكل سريع وغريب ...
حتى توقفت ..
لقد كانت على وشك بلوغ القمه ..
قبل أن تنحنى وتدخل كهف كبير
وتتوقف داخله ..
ويهبط سليم ويعود جسدها كمان كان ..
ينظر سليم نحو الأرض الممتده البعيده
كان المشهد خيالى ومبهر ...
أخذ عقله يسبح فى تلك الصوره الربانيه
البديعه ..
تقترب منه ريمونا وتقبل خديه فجأة
ليتراجع فى تعجب يقول :
مش فاهم ..!
انتى جبتينى هنا ليه ..!!
كان ....
بتر عبارته فجأة وهو ينظر إلى بطنها
التى
بدأت تعلو .. وتتضخم بسرعه لم يتوقعها ..
ليقول فى ذهول :
انتى مكملتيش عشر أيام فى
الحمل ..!!
بطنك انتفخت بالشكل ده .. !!
تعود بوجه ساره الجميل تدور حول نفسها
كراقصة الباليه فى رشاقه تقول :
شهر ..
شهر هنا أنا وانته بس ..
هخليك تعيش اجمل ايام عمرك ..
سليم فى صدمه :
انتى متخيله إن كهف زى
ده ممكن يخلينى سعيد ..!
تبتسم وهى تقترب منه :
لاء طبعا ..
انا هكون مصدر السعاده عشانك ..
كل يوم هكون لك اجمل بنت تختارها ..
أو تخطر بعقلك ..
او نتمناها على ...
ينفى سليم :
أنا اوقات كتير بلوم نفسي ..
وبسألها أنا ليه طاوعتك ..!!
او اتجوزتك ..!!
ليه جيت معاكى هنا ..!!
كأنك مسيطره على عقلى ..
بشىء من السحر ...
وعاد ينظر إلى الحقيبه الضخمه يقول
: انتى جبتى شنطه بالحجم ده منين ..؟
وفيها ايه ... !
تخطو بالقرب منها وتشير نحوها بسبابتها
: اكيد اكل ولاوزم عشان
تقضينا لحد معاد ميلاد
ابنتا ..
ارتجف قلبه مع كلماتها وهو لا يصدق
او يستطيع أن يرسم فى خياله
أن تلك المخلوقه المخيفه تحمل فى
احشاؤها ابنه ...
فجأة تصنع أعصارها البنفسجى
وتصنع صوره شمس له ..
شمس حبيته ..
بتفاصيل ملامحها بكل دقه ..
وهى تقترب منه قائله :
كويس كده الصوره دى ....؟
اكيد مبسوط ...؟
ينفى فى ضجر وهو يغلق عينيه
: أرجوكى ..
ارجوكى بلاش تكونى شمس ..
ارجوكى ..
تهمس بصوت شمس الذى مزق قلبه
: طب تحب اكون إيه ..؟!
اتمنى ..
يبتعد ويقترب من حافة الكهف ينظر للسماء
ويسود صمت طويل بينهم ...
وتتوالى الايام الثقيله على قلبه ..
من يصدق ما يحدث له ..!
يسكن مع ريمونا يعيدا فى كهف
داخل جبل البامايو فى بيرو ...
بطنها تعلوا بشكل غير طبيعى ..
وتنتفخ بشده فى وقت قياسى
حتى جاء الموعد المرتقب الذى
لا يستطيع عقله أو قلبه تخيله ..
لقد اشتد لونها إلى الأزرق ..
وعاد جسدها لطبيعته الاولى ..
كانت تصرخ بشكل بشع ..
تصرخ وهو يضع يده على أذنيه ..
خشيت أن يفقد سمعه ...
كانت ترقد على ظهرها ..
انيابها بارزه ومخالبها ...
تضرب الأرض بيديها بقوه ..
يشعر ان صراخها يكاد يسمعه كل أنحاء
المدينه ..
بل العالم كله ...
الى أن صمت كل شىء وهدىء ..
ووقعت عيناه على اللحظه المرتقبه ..
لقد انجبت ريمونا ولده كما قالت ..
ولكن ما كان يراه سليم غير ممكن ..
فقد كان ولده بصوره لم يتخيلها ..
او يتصورها ..
صوره رهيبه ..
رهيبه إلى أقصى حد ...
إضغط فى الأسفل للوصول لأى جزء من رواية سكان القمر
تعليقات
إرسال تعليق