رواية
سكان القمر
الجزء 13
تأليف الكاتب محمد أبو النجا
تجمد سليم للحظات فى حالة صدمه
مما يراه أمامه وذلك الحشد يقترب
نحوهم بسرعه
قبل أن يهتف الى عصام الذى انهار
بشكل جنوني وكاد أن يبكى من شدة
الهلع والخوف ..
وينطلق سليم بأقدامه تسبق الريح
فى محاوله للفرار منهم ..
تاركاً عصام يلقى مصيره وحده ..
يأخذ سليم طرق متعرجه من أرجاء
المدينه الفضيه اللامعه ....
والشوارع البيضاء كالثلج ..
يدخل بين منازل ضخمه ...
فجاة يسقط فوق رأسه غطاء أخضر
اللون عملاق يحجب الرؤيه عنه
ويفقد القدره عن الحركه
يشعر بجسده يعلو فى الهواء ..
وكأن شىء ما يحمله ..
إلى أن توقف وإنزاح الغطاء
ليتراجع فى صدمه عندما وجد أمامه
تلك الفتاة العملاقه التى ذهبت
به من قبل إلى سجن جدته محاسن
تنظر له قائله فى إنفعال حاد :
لماذا عدت من جديد ..؟
يسود الصمت بينهم وهى تكمل
فى غضب ولهجه حازمه :
لماذا عدت إلينا من جديد ..؟
تكلم ...
سليم فى هدوء شديد :
عشان ارجع جدتى ..
جدتى محاسن ..
تنفى برأسها العملاقه :
اللصه لن تعود مجدداً لكم ..
لقد سرقت ونالت جزاؤها ...
سليم : وأنا مش ممكن أسيبها ..
دى مهما كان جدتى ..
الفتاة العملاقه تشير نحوه بسبابتها :
لقد كادوا أن يقتلوك ..
أو يتم سجنك بجانبك جدتك اللصه ..
لولا ريمونا ..
عقد سليم حاجبيه فى تعجب
قائلاً : ريمونا ..
هزت رأسها : نعم ... ريمونا
أنا أسمى ريمونا ..
سليم فى حيره على صوته وملامحه
: بس أنتى ليه أنقذتينى ..!
أو ليه بتساعدينى ..!
العملاقه بدون اى مقدمات
: الاجابه واضحه
لأنى احبك ..
يتراجع سليم من إجابتها فى صدمه
وهو يردد فى ذهول
: مش فاهم ..
ريمونا : أعتقد أنك قد استمعت
إلى ما أقوله جيداً
أنا أحبك ..
ولا أعلم السر أو السبب لهذا الحب ...!
فقط أخشى أن يقتلوك ..
سليم فى صدمه : مش فاهم ..!
برضه كلامك يعنى إيه ..!
أنتى بتحبينى ..!
هزت رأسها : نعم ..
أحبك جدا ..
منذ أن رأيتك ...
منذ أن جئت هنا ...
لقد فكرت فى الذهاب إلى الأرض
من اجلك ..
من اجلك رؤيتك ..
يبتسم ساخراً :
أنا مش مقتنع بكلامك
ولا مصدقه ..
اولا مش ممكن واحده تحب واحد
بالسرعه دى اللى بتقولى عليها ..!
ثانيا هتروحى الأرض ازاى بشكلك
العملاق والغريب ده ..!
وبلونك الازرق المرعب ..!
وبملامحك الضخمه المخيفه ..!
اكيد هتبقى حديث العالم كله
لو حد شافك ..
انتى من جنس وأنا من جنس
من فصيله وفصيله ...
تنفى برأسها :
لقد ذهبت إلى الأرض أكثر من مره ..
لكنى لم أحب الذهاب إليها ..
فقط أنت من أحببتك
ينفى برأسه :
مش ممكن تنزلى بشكلك
الغريب ده الأرض ..!
ريمونا : عندما اكون على أرضكم
تتغير صورتى إلى صوره مثلكم
إلى ملامح بشريه ..
حتى يمكننى الحركه بسهوله ..
ويمكننى الحديث بأى لغه ..
تتسع عين سليم فى صدمه :
وانته بقى آخر مره نزلتى أمته ..؟
وفين ..؟
تغلق عينيها بعض الشىء وتقول فى هدوء
: المره الاولى
فى منتصف أفريقا فى القرن الرابع
بالنسبه لكم
والمره الثانيه كانت جزيره فى المحيط
الهادى
من القرن الثامن
والاخيره كانت فى القرن السابع عشر
فى العراق ..
كانت كلماتها تقع على رأس سليم
كالرصاص لا يصدقها
وهى تكمل : كانت رحلات جميله
أحضرنا من الأرض بعض
الهدايا والبشر كتذكار لهذه الرحله ..
سليم فى تعجب أكثر :
انتى كنتى مع حد ..
قصدى لما نزلتى كان معاكى مين ..؟
ريمونا فى هدوء : أختى الكبرى ..
سرناد ...
سليم فى لهجه شبه توسل :
طب ياريت تساعدينى ..
ياريت تساعدنى ارجع ب جدتى ..
تنفى ريمونا براحت يديها :
رجوعها شبه مستحيل ..
بالاضافه إلى أنها سارقه ..
ويجب عودة ما أخذته ..
سليم فى توسل ويأس :
لو بتحبينى ..
زى ما بتقولى ساعدينى ..
أرجوكى ..
تنفى فى إصرار
:
أنا لا أملك المساعده فى ذلك الأمر ...
لقد انقذتك من أيديهم بأعجوبه ..
هذا كل ما يمكننى فعله ..
بدأت ملامح الحزن على ملامحه
لتقترب منه وتنظر له وقد راحت ملامحها
تأخذ شكل الغضب وهى تقول فى إنفعال
: لا أريد رؤيتك حزين هكذا ..
أنا أغضب من أجلك ..
يشعر سليم بالذهول من حديثها الغريب
ليقول وهو يعقد ساعديه أمام صدره
: هفضل حزين عشان جدتى هنا عندكم ..
كمان ..
عاد يتردد فى مصارحتها بشأن شمس
خشيت أن يستفزها ذلك الأمر
أو يثير غيرتها فهى فى النهايه أنثى ..
لتهز رأسها وتدور بجسدها بعيدا بضع
خطوات لتعود للنظر له بأعين مخيفه
تقول : يمكننى أن ادعك تذهب بجدتك
لكن سيكون هذا بعمل إتفاق بيننا ..
يتراجع سليم فى صدمه وهو يردد
: إتفاق ..!
يعنى إيه مش فاهم ..!
تقترب منه وتميل نحوه برأسها العملاقه
ووجهها الأزرق : إتفاق بمعنى
أن أساعدك فى إسترداد جدتك اللصه
محاسن فى مقابل ..
وعادت للصمت من جديد ليقول فى شغف
: أتكلمى إيه المقابل ..؟
تطلق زفير قصير وهى تقول فى حزم
: مقابل الزواج منى
كانت جملتها صادمه له وصاعقه
ليتراجع منها للوراء فى ذهول تام
وهو يردد ورأسه تنفى فى جنون
: مستحيل ...!
مش ممكن ..!
اتجوزك انتى ..!
مينفعش ..!
اتجوزك أزاى ..!
انتى مش من فصيلتى ..!
ولا من جنسي ..!
أنا بشر ..!
تنفى هى برأسها :
زواجنا لن يكون الأول من نوعه
لقد حدث من قبل كثيراً ..
زواجنا منا بالبشر
تتسع عيناه بشده يقول :
عايزه تفهمينى أن فيه بشر اتجوزوا
مخلوقات من عندكم ..!
أومأت برأسها : بالطبع ..
لقد أخبرتك وسمعتنى أن ذلك
قد حدث ...
سليم : مش ممكن أنتى طولك وجسمك
لوحده أضخم منى ..!
وضعفى أكثر من ثلاث
أو أربع مرات ..!
تدور ريمونا بجسدها وتصنع دائره
بنفسجيه
كالأعصار الصغير قبل أن يتلاشى
وقد انكمشت ريمونا بشكل مرعب
وتحولت لفتاه جميله حسناء ..
لم يصدق سليم نفسه وهى تبتسم
وقد تحولت باللون والشكل إلى
هيئة البشر تقول :
هل تفضل هذا الشكل ..
وهذا النوع من الفتيات ..؟
أم اقوم بتغيره لك ..؟
هل تريدنى أن أترك اللغة العربيه
الفصحى
واتحدث مثلك ..
وتقترب خطوه منه قائله :
يعنى اتكلم زيك بنفس الطريقه ..
تصيب رأس سليم صاعقه من الذهول
والدهشه وهو يتطلع إلى ريمونا التى
تحولت إلى صورة فتاة فاتنه
لتعود بالدوران من جديد ويعود نفس
الإعصار قبل أن تتبدل إلى ملامح مختلفه
لفتاة أكثر جمالاً ..
وهى تبتسم : إيه رأيك ..؟
دى صورة بنت كنت شوفتها زمان
وأنا على الأرض فى القرن السابعتاشر ..
وحفظت ملامحها فى ذاكرتى ..
أنا ممكن ابدل صورتى لأى صوره
انته تطلبها ..
أو تحبها ...
أو نفسك تشوفها ...
لم يصدق سليم ما يراه وهى تكمل
: قولت إيه ..؟
موافق ..!
يتجمد سليم من هول ما يراه ويسمعه
قبل أن يقول :
أنتى شيطانه ..
مش ممكن ..!
أنا مش مصدق ..!
أنتى أزاى بدلت ملامحك
وصورتك كده ..!
تبتسم إبتسامه ساحره رقيقه :
أى شىء ممكن يخطر على بالك
ممكن أكون زيه ..
حتى لو صورتك انته نفسك ..
وصوتك ..
سليم : ولو رفضت العرض ده ..؟
تنفى برأسها وهى تقترب منها بجسدها
البشرى الممشوق تقول بصوت ناعم عذب
: يبقى مش هتشوف جدتك تانى ..
وانساها ..
سليم فى صدمه يعود للوراء
قائلاً : خلاص محتاج وقت افكر ...
هزت رأسها : زى ما تحب ...
وعادت تعقد حاجبيها :
بس مينالراجل اللى جه معاك
المره دى هنا ..؟
سليم تقصدى عصام ..!
دى قصه طويله ...
بس مش فاهم هو ازاى وصل معايا ..!
تقترب منه وتلامس يده بأصابعها البارده
: أى شخص أو شىء يلامسك فى
العوده هنا او الذهاب هيكون معاك ..
زى ما جدتك محاسن اللصه سرقت
التمثال ..
وعلى فكره أنا عارفه مكانه ..
يتراجع فى ذهول تام
وهى تبتسم :
أيوه ..
التمثال موجود داخل فيلا فى قصر
فى أسبانيا ..
وصل هناك من اتنين وعشرين سنه
بالنسبه لعمر أرضكم ..
وهنرجعه تانى ..
سليم فى تعجب : طب ليه بقى
واخدين جدتى اسيره عندكم ...!
مدام عارفين
مكان التمثال وهترجعوه ..!
تنفى برأسها : لأنها لصه ..
ولازم تاخد العقاب ..
وتاخد الجزاء ..
ساد الصمت للحظات قبل أن يقول
: ولو افترضنا إنى قبلت العرض بتاعك
هتجوزك فين وازاى ...؟
تبتسم وكأنها حققت ما تمنت أو خططت له
تقول : فى الأرض اكيد ..
هنزل معاك ..
واكون زوجتك ..
كانت كلماته عباره عن صدمات قويه
كاللكمات على وجه سليم الذى قال
: مفيش اى بديل تانى ..؟
تنفى : لاء ..
مفيش ..
يجلس سليم على مقعد جانبى
قبل أن يقول فى إستسلام :
موافق بس بشرط ...
تتهلل اساريرها من الفرحه وهى تقترب
: وأنا موافقه عليه ..
سليم فى تعجب :
مش لما تسمعيه الأول ..!
تتنهد ريمونا : طب قول إيه هو ..؟
وبدأ سليم يخبرها شرطه فى قبول
عرضها فى الزواج منها ...
وكان ما يقوله هو مستحيل ..
أصاب تلك المخلوقه الغريبه ريمونا
نفسها
بالصدمه ..
الصدمه الرهيبه ...
إضغط فى الأسفل للوصول لأى جزء من رواية سكان القمر
تعليقات
إرسال تعليق