رواية
سكان القمر
الجزء 21
تأليف الكاتب محمد أبو النجا
ظل مصطفى صامت طيلة الطريق
وبجانبه أخيه سليم الشارد الذهن
حتى توقف داخل الفيلا وهبط منها
قبل أن يقول سليم فى تعجب :
مالك ساكت من ساعت ما طلعنا من فيلا
ساره ..؟
اكيد صدقتنى ...صح ...!
يسود صمت جديد أثار دهشة سليم
الذى اقترب منه وأشار له بالجلوس
قائلاً : ايه يابنى مالك ..!
ما كنت فرحان والفرحه مش سيعاك. ...!
وعمال تغنى وتتحاكى بالجوازه ..!
غيرت رأيك ..؟
ينفى مصطفى : بيده لا ..لا ...
أنا مقتنع جدا وشايف ساره سمير
عروسه مناسبه جدا ..
وتليق بيك وبينا ..
يضحك سليم : يبقى كلامى خليك
تشك فيها ... صح..!
اعترف ..
ينفى مصطفى برأسه : برضه لاء
ده كلام عبيط ميدخلش الدماغ ..
وعاد للصمت للحظات ثم تنهد :
لكن انا شوفتها عملت حاجه غريبه اوى ..
احظة م انا ماشى بالعربيه ..
حاجه مش مستوعبه ...
عقد سليم حاجباه فى تعجب :
عملت إيه ..؟
مصطفى فى تردد : كانت ..
كانت ..
وعاد يتردد للحظات جديده
قبل أن يطلق سليم تنهيده :
يابنى اتكلم حصل إيه..؟
مصطفى :
حسيت إن فى إديها كوبايه ازاز
بتشرب منها ..
وبعدها ..
بعدها كسرتها بسنانها وكانت بتاكل فيها ..
يتراجع سليم فى صدمه يقول
: غريبه فعلا ..
ريمونا مقالتليش قبل كده
أنها بتاكل كوبيات أو ازاز ..!
يطلق مصطفى زفير غاضب :
ياعم بطل بقى هزارك السخيف ..
اكيد انا كان بيتهيألى. ..
اكيد مكنتش كوبايه ..
جاتووه مثلا ..؟
يضحك سليم : اش جاب
الجاتوه للكوبيات ..!
متضحكش على نفسك يا مصطفى
مصطقى فى عصبيه :
بجد انته مش طبيعى ..
يعنى بعد ما فرحت انك عقلت وهتتجوز
بنت الحلال ..
عروسه تشرح القلب ..
جاى تنكد عليه وتقولى دي ريمونا
وواخده شخصية ساره المحبوسه
فوق على القمر ..
دانته مستفز ...
يضحك سليم بقوه يقول :
مش لازم اصارحك يا اخويا ..
مش سامعها بتقول واضح أننا هتبقى
أصحاب ...
يابختك ياعم ريمونا راضيه عليك ..
مش بعيد يكون عندها اخت ..
وتاخدك هناك فى يوم وتقدمك ليها
وتتجوزها ..
ويبقى أنا وانته نسبنا من سكان القمر ..
يدفعه مصطفى من كتفه يقول :
قوم ياد يا رخم نام ...
يتحرك سليم وهو ما يزال يضحك إلى
حجرته ..
قبل أن يتوقف فجأة عن كل ذلك ..
ويشعر بذلك الحنين الجارف والاشتياق
لحبيبته المفقوده ..
التى جاءت صورتها أمامها فجأة ..
شمس ..
شمس برهان ...
******
فى حفل كبير ضخم داخل قاعه انيقه
تسطع بها الاضواء والألوان المبهره ..
اكتظت بالمدعوين
من كافة أصناف المجتمع
فى حفل زفاف سليم عبد البديع
على الممثله الشهيره ساره سمير
أو ريمونا ..
كانت ملامح سليم جافه وصلبه ..
جامده بلا أى أدنى مشاعر
سواء للفرحه أو الحزن ..
شارد الأعين والذهن ..
أما هي كانت مبتسمه سعيده ..
ترد على كل عبارة التهنئه التى تنصب
عليها من كل مكان بمنتهى اللباقه
والمرح ..
أمر ادهش سليم الذى تعجب من إتقانها
الدور
بهذا التقمص الرهيب ..
أنها تعرف أسماء كل من يقابلها ..
تتحدث بكل طلاقه كأنها بالفعل تلك
الممثله ..
بشكل كاد هو نفسه أن يصدقه ..
قطع تفكيره صوتها وهى تنظر له مبتسمه
: على فكره واضح أوى عليك الكآبه ..
ولا كأنك عريس و بتتجوز اجمل
بنت فى مصر ..!
أصابة جملتها شفتيه بإبتسامه
ساخره يقول :
انتى عارفه وانا عارف انها تمثيليه ..
أنا وانتى عاملنها ..
وحقيقى انا مش عارف ..
اللى بعمله ده صح واللاه غلط ..!
أو ايه اللى خلانى أطاوعك واتجوزك
أصلاً ..!
مش عارف عملت كده ليه ..!
تضحك ساره :
اكيد عشان حبيتنى ...
يبتسم سليم ساخراً من جديد :
بالعكس عشان توصلينى للى بحبها ..
عشان اوصل لشمس ..
وجدتى محاسن ...
جمله جعلت ملامحها تتبدل للغضب بشكل
مفاجىء ..
ولأول مره يشعر سليم بأن الغيره قد
بدأت
تزحف إلى مشارعر ريمونا ..
وكأنها اكتسبتها بوجودها بين البشر ..
ليبدأ فى تغير مجرى الحديث قائلاً
وهو يشير برأسه نحو القاعه
: بس أنا معزمتش كل الناس دى ..
ومعرفهمش ..
قالت بصوت حاد :
أنا اللى عزمتهم ..
فنانين وصحافين وإعلاميين ..
وناس كبيره من كل أنحاء العالم ..
وعادت بنظرات خبيثه تقول :
كل الرجاله اللى واقفه دى لو فتحت
قلوبهم
هتلاقيهم بيحسدوك على مكانك هنا جمبى
..
على انك بتتجوز اجمل ممثله ..
يضحك سليم لحظتها :
انتى بتكدبى وبتضحكى على نفسك ..
انا وانتى عارفين إن أجمل ممثله
اللى بتتكلمى عنها محبوسه فوق عندكم ..
مش انتى ..
انتى مجرد صوره ..
وراها مخلوقه مخيفه ...
تعود للنظر له بغضب من حديثه المستفز
لها
ثم يسود بينهم صمت طويل وثقيل
ومرعب ...
*******
بعد اسبوع
حياة جافه بارده بلا أى مشاعر
سادت بين سليم وساره أو ريمونا ..
داخل الفيلا الخاصه بها ..
الحديث بينهم شبه منعدم ..
لا شىء يعلو فوق لغة الصمت ...
وفوق سفرة الطعام الطويله تقاطع
هذا السكون قائله :
مش المفروض
أننا نقضى شهر عسل ونسافر
أى مكان نتفسح فيه ..
زى اى اتنين متجوزين ..
يرتشف سليم من فنجان الشاى الذى
بين يده يقول بصرامه دون النظر إليها
: ريمونا بلاش تعيشى الدور ..
انتى عارفه وانا عارف أن جوازنا مجرد
لعبه
مش حقيقه ...
لا انتى من جنسى ولا انا من جنسك ..
ريمونا فى لهجه حاده :
بس الوضع اتغير
عقد سليم حاجباه وهو يضع فنجانه
وينظر لها متعجبا :
مش فاهم تقصدى إيه ..!
ساره بهدوء :
يعنى انا مبقاتش غريبه عنكم ...
يبتسم سليم فى سخريه :
قصدك عشان حفلة الجواز
اللى عملناها ..!
دى مسرحيه اوعى تصدقيها ..
تنفى ساره برأسها : لاء ..
مش ده اللى أقصده ..
أنا بقيت واحده خلاص منكم ..
من جنسكم ..
ينظر لها سليم بغضب وصوت ساخر :
ده مش ممكن ومستحيل طبعا ..
مش هتكون بشريه بالقوه ..
أو بالعافيه ...
متحاوليش ..
تبتسم ساخره ثم عادت تضحك بشكل
مخيف ارتجف معه قلبه وهى تكمل :
مش أنا اللى هحاول ..
سليم فى تعجب شديد :
انتى عايزه تقولى ايه بالظبط ..؟
تنظر له ساره أو ريمونا بنظرات حاده
قائله :
عايزه اقول لو أنا مش منكم ولا من
جنسكم ...
اكيد مش هيكون ابنك كده برضه ..
يتراجع سليم وهو يعتدل واقفا يقول
فى غضب شديد :
ايه الكلام الغبى اللى بتقوليه ده ...!
تبتسم ريمونا وهى تعتدل بدورها واقفه
تضع يدها على بطنها :
أنا حامل ..
حامل ياسليم وهبقى أم قريب ..
يبتسم سليم ساخراً :
مش ممكن طبعاً ..!
انتى بكل تأكيد مجنونه ..
أو كنتى حامل قبل ما تنزلى ..
تنفى ساره : لاء ..
أنا حامل وفى بطنى ابن منك ...
يضرب سليم فنجان قهوته ويسقطه
أرضاً ويهشمه فى إنفعال وثوره حاده
: انتى هتجننى ...
أنا متجوزك من أسبوع واحد بس ..!
أزاى هتكونى حامل ..!!!
ساره : قوانين البشر مختلفه عننا
أنا حامل وهكون أم فى خلال شهر ..
شهر واحد بس ...
يتراجع سليم وهو يبتعد عن مقعده للوراء
فى صدمه وهى تقترب منه
تقول بصوت هادىء :
هى دى الحقيقه يا سليم ..
بعد شهر واحد من النهارده هتكون اب ..
وأنا ام ..
هيكون فيه حاجه كبيره تربطنى بيك ..
ابننا
ينفى سليم فى حسره وبأعين متسعه
: مش ممكن ..!!
الناس هتقول ايه ..؟
أخويا مصطفى هيقول إيه ..؟
الناس مش هتتقبل ده
او هتقتنع بيه ..
ساره : عشان كده قولت لك نسافر ..
نسافر مكان بعيد ..
محدش يعرفنا فيه ..
ونرجع بعد وقت ومعانا ابننا ..
سليم : انا لا مصدقك ...
ولا مقتنع بكلامك ..
انتى كدابه ..
ومجنونه ...
تقترب منه ريمونا وتمسك يده واصابعه
البارده وترفع جزء من ملابسها
تكشف عن بطنها وتضعها بهدوء
ليتراجع سليم وقد وقعت على رأسه صاعقه
صاعقه قويه لا يصدقها
لقد كان هناك بالفعل جنين يتحرك ..
جنين من صلبه ..
ابنه وابن ريمونا ..
ساد صمت مخيف بعدها وهو يشعر
برأسه تدور وريمونا تقترب قائله :
دلوقت اقدر اقولك على المكان المناسب
اللى أولد فيه ..
وكانت ما تقوله ريمونا مفاجأة جديده ..
مفاجأة لا يمكن تصديقها ..
حول المكان الذى تنوى أن تلد فيه ..
مفاجأة بمثابة الصاعقه ..
على رأس سليم ...
إضغط فى الأسفل للوصول لأى جزء من رواية سكان القمر
تعليقات
إرسال تعليق