رواية
سكان القمر
الجزء 16
تأليف الكاتب محمد أبو النجا
كان سليم فى منتهى الشوق لمعرفة
ما يود أخيه مصطفى قوله ..
كان الأخير ينظر له وكأنه يتلاعب
بأعصابه قبل أن يطلق زفير قصير
يقول وهو يخرج واحده من سجائره
يقول بعد إشعالها وبزفير دخانها
وسط حاله من ترقب شديد من سليم
: انته قولت إن عصام جالك الشقه ....
وطلع معاك القمر ..؟
هز سليم رأسه : أيوه
يبتسم مصطفى وهو يميل بصدره
للأمام : طيب لو اثبت لك
إن كل كلامك ده كدب ..
ومحصلش ..
تتسع عين سليم فى صدمه وهو ينفى
: مستحيل طبعاً ...
أنا متأكد من نفسي ومن اللى قولته ..
نظر له مصطفى بنظرات ثاقبه
يقول بصوت حاد وحازم :
عصام اسماعيل موجود هنا متحركش
من مكانه ...
موجود فى محل الاخشاب بتاعه ...
لا طلع قمر ولا مريخ ..
ينفى سليم فى صدمه وجنون :
مش ممكن طبعاً ..
عصام طلع معايا القمر ..
وأكيد هو لسه هناك ..
محبوس أو قتلوه ..
أو ..
وعاد للصمت للحظه ثم عاد ينظر
إلى مصطفى الذى ابتسم ابتسامه باهته
قائلاً يكمل ما كان يود أخوه قوله :
أو مطلعش قصدك خالص ...
ينفى سليم بيده : أو نزل اقصد
بأى طريقه تانيه غير الجوهره ..
مط مصطفى شفتيه وعاد يهز رأسه ينفى
: مفيش فايده ..
يابنى انته مش عايز تفهم ليه ..؟
إن اللى فى دماغك دى أوهام ..
تهيؤات ...
هلوسه ..
سليم : يبقى لازم اقابل عصام بنفسي
وانته تيجى معايا بنفسك ..
ولازم
..
قطع عبارته فجأة ومصطفى فى صوت
منفعل يضرب براحت يده الحائط
: أهو ده اللى ناقص ..
عايزنا نروح نواجهه ونقابله ..
واطالبه يعترف ويفسر لنا
ازاى نزل من على القمر ...
وعاد يمسح براحت يده شعر رأسه فى
غضب ويطلق زفيره :
بقولك ايه ..
انتى هتيجى معايا ..
عقد سليم حاجبيه فى تعجب يقول
: معاك فين ...؟
مصطفى : أمريكا ..
تعيش معايا هناك ..
يجوز حالتك وقتها تتحسن ..
ينفى سليم برأسه وهو يتحرك مبتعدا
: أنا لا همشى ولا هسيب مصر ..
وعن إذنك ...
يعود سليم للصعود إلى حجرته
يغلقها فى إحكام ويخرج من جرابه
جوهرته الزرقاء ويضمها بيده
ويداهمه النعاس الشديد المفاجيء ..
وتضرب أعينه اضواء مبهره
قبل أن يجد نفسه على أعتاب بوابة
سكان القمر ..
ويأخذ طريقه الذى بدأ يحفظه عن
ظهر قلب ..
يسير بهدوء وحذر شديد ..
حتى صعد إلى هناك ..
حيث توجد حبيبته شمس ..
وجدته ...
وريمونا التى كانت متوقفة أمام القفص
كما تركها ..
ليقول فى حيره : اتاخرت عليكم ..
تبتسم شمس : مش كتير ..
ريمونا : مجرد دقائق مقارنة بزمنكم ..
أنا استنيتك وكنت عارفه أنك راجع ..
وبسرعه ..
يقترب سليم من القضبان الحديديه
ينظر إلى شمس يقول بصوت يسكنه
مشاعر فياضه وهو يتطلع إلى وجهها
الملائكى وعيناه الساحره :
لكن أنا حاسس
إنى غبت سنين عنكم ...
وعاد ينظر إلى ريمونا قائلاً :
هتتفذى وعدك صح ..؟
هزت ريمونا رأسها وهى تقول
: ايوه لكن انته لسه مخدتش رأيها
تنظر شمس فى حيره :
انا مش فاهمه حاجه ...!
سليم مبتسماً : هتخرجى ..
هتخرجى معايا يا شمس وهنتجوز ...
تتراجع شمس من الصدمه
لا تستوعب ما يقوله
وهو يكمل : ايوه هتجوزك ..
شمس فى ذهول :
مش فاهمه برضه ..!
تتجوزنى أزاى ..!
وهخرج من هنا أزاى ..!
يشير سليم إلى ريمونا برأسه
قائلاً :
ريمونا هيه اللى هتساعدنا ..
شمس فى ذهول : مين ريمونا ..؟
ريمونا فى هدوء تام :
مش مهم تعرفى أنا مين
المهم تعرفى انى هساعدك ترجعى الأرض
ونتجوز سليم ...
تتراجع شمس وهى تنفى برأسها :
مش فاهمه جملتك الاخيره دى ..!
نتجوز يعنى ايه ..!!
تبتسم ريمونا وهى تقترب من القضبان
الحديديه لتيرز بشكل ملفت ومرعب أنياب
صغيره لها وهى تقول :
يعنى انا وانتى هنتجوزه ..
هنتجوز سليم ..
مقابل خروجك انتى وجدته اللصه محاسن
من السجن هنا ..
تنفى شمس فى تعجب شديد وتبتلع
ريقها : مش عايزه أخرج
يخفق قلب سليم مع رفضها وهو يقترب
ويميل فى صدمه يقول :
ليه ..!!
ليه ياشمس ..؟!
شمس بأعين حزينه تبكى
: أنا مش هخرج ...
مش هخرج ..
ولا هتجوز سليم
ولا عايزه اتجوز ..
سليم فى حزن :
دى فرصه
مش هتيجى كتير ياشمس ..
ومش هتتكرر ..
أنا بحبك ...
بحبك بجد ..
بحبك من أول لحظه شوفتك فيها ..
رغم الزمن البعيد بنا ..
لكن حبيتك ..
ومحتاجلك ...
تنفى شمس :
انا هفضل هنا ..
هعيش باقى عمرى ..
أنا اتعودت على ال..
يقاطعها سليم فى غضب :
مدام قدامك فرصه للخروج مضيعهاش
أنا مش هحط قدامك شرط ..
أى شرط ..
حتى لو كان
وأخذ ببطء يبتلع ريقه فى أسى
وهو يكمل : حتى لو كان الجواز منى ..
المهم تبقى حره ..
مش هتعيشى عمرك فى الأسر ..
أخرجى وخلاص ...
ومش ضرورى نتجوز ..
المهم إنى اخلصك من المكان ده ..
تعود شمس للصمت وهو يشير الى
ريمونا بيده اليمنى :
ارجوك خرجيها
من هنا بسرعه ...
تبتسم ريمونا وهى تهز رأسها بالموافقه
وسط صدمه شمس التى تنفى وترفض
ما يفعلونه ..
وريمونا تقبض بكلتا يديها على القضبان
الحديديه وترفع القفص بشكل مذهل عالياً
وهى تقول لشمس المتجمد أخرجى ..
أخرجى ..
لكن شمس ظلت متجمده ..
صامته وساكنه دون حركه .
ليمد سليم يده ويجذبها فى قوة
رغما عنها لتجد نفسها بين أحضانه
تشعر بانفاسه ..
وحرارة جسده ..
وعطره ...
لينظر إلى عينيها
وهو لا يصدق أنها بين يديها
ليسقط القفص الحديدى ليوقظهما
من ذلك السبات والسكون
لهذا العشق الذى سبحا فيه ..
ينتفض سليم وهو يمسك يديها
البارده ويجذبها يسير نحو قفص
جدته محاسن التى نظرت لهما فى صدمه
وهى تقول :
رجعت تانى ليه ياجدع انته ..؟
سليم : عشان تخرجى ياجدتى ..
عشان ترجعى معايا ..
تطلق زفير طويل وهى تقول فى إنفعال
: بقولك إيه حل عن دماغى ..
يشير سليم إلى ريمونا قائلاً
: خرجيها من هنا
تقترب ريمونا وتفعل نفس الشىء
وسط ذهول وصدمه محاسن
والغطاء الحديدى أو القفص يرفع
وتقفز محاسن نحو الخارج ..
فى ذهول تام وارتباك ..
لا تصدق ما يحدث ولا تفهم ...
وسليم يبتسم لها حمد الله على
السلامه يا جدتى ..
محاسن فى ذهول بلا حدود تهز رأسها
: انته موادينى على فين يامنيل ..
يا ابن المجنونه انته ..
ياللى عمال كل شويه تقولى ياجدتى ..
جدتى ..
دنا قد عيالك ..
يضحك سليم وهو ينظر إلى ريمونا يقول
: هنرجع أزاى دلوقتى الأرض ..؟
تبتسم ريمونا وهى تمد يديها تقول
: كلنا هنمسك إدين بعض فى
شكل دائرى ..
وانته هتقفل عنيك وتنام ...
سليم فى تعجب ودهشه يردد ..
: انام ...
أومأت ريمونا برأسها أيوه تنام ..
أو تحاول تنام ..
ساعتها الجوهره هتقع منك ..
تنفى محاسن وهى ترفض خوض
التجربه ..
ليقول سليم فى محاوله لأقناغها
وثنيها عن رأيها :
ارجوك مش هتخسرى حاجه ..
وعاد يبتسم :
مش هتخسرى حاجه ياست البنات ..
زى ما كان ديما جدى عبد البديع
بيناديكى
فاكره ..
هو ديما كان بيقولى كده ..
تتراجع محاسن وهى تتطلع إلى ملامحه
فى حيره شديده من أمره ..
قبل أن تمد يديها فى أستسلام ..
ويغلق سليم عينيه ...
وتسقط الجوهره ..
ليعود إلى حجرته ..
ولكن هذه المره لم يكن لوحده ..
كان معه جدته ..
وحبيته ..
وريمونا ...
لتبدأ احداث جديده ..
مختلفه ومثيره ..
ولا يمكن توقعها ...
أو تصديقها ...
إضغط فى الأسفل للوصول لأى جزء من رواية سكان القمر
تعليقات
إرسال تعليق