رواية
سكان القمر
الجزء 35
تأليف الكاتب
محمد أبو النجا
توقف سليم
بسيارته وهبط منها وهو
يخطو ببطء
وبأقدام ثقيله لا تقوى
على حمله ...
يسير بهدوء ..
وبأعين مرتجفه
وقلب تتسارع دقاته ..
وبعد دقائق
كان أمام مكتب صديقه
الملازم صفوت
ثابت ..
وبعد لحظات
تمت المقابله بطريقه جافه ..
وسليم لا يدرى
بأى كلمات يبدأ ..
إلى أن قطع
هذا الصمت الطويل
صوت الملازم
صفوت يقول :
أنا عارف إنى
جايز اكون غلطان إنى
بلغتك بس ...
بس ..
وعاد للصمت من
جديد وهو يفتح ملف ورقى
فوق سطح
كلماته دون أن يقرأ ما به يعود
للنظر نحو
سليم :
بس الصداقه
اللى بنا تجبرنى اقولك
وأبلغك ..
عن الشبه رهيب
بين الصوره اللى
شوفتها مره
عندك وبين ...
يقاطعه سليم
بصوت صارم
منفعل : ممكن
أشوفها ..؟
نظر له صفوت
فى تعجب وأومأ
برأسه : ثوانى ...
وعاد يغلق
الملف وهو يعتدل من
مكتبه ويشير
له : تعالى معايا ...
بس على فكره
... البنت اللى مسكنها
فى شقة
الدعاره اسمها أمنيه ..
مش شمس ..
وأكيد ده مش
اسمها الحقيقى برضه ..
سواء كانت شمس
أو لاء ...
تحرك صفوت بعد
كلماته وهو يشير له
: تعالى معايا
ياسليم ...
بدأ دقات سليم
تتسارع بشكل مخيف ..
وهو لا يتخيل
أن تكون تلك الفتاة التي
أحبها فى حياته هى من تم القبض
عليها فى قضية مثل هذا ..
لا يتمنى ذلك ..
بالتأكيد لن تكون هي ..
لن تكون هي كما حدث في المره السابقه
عندما ذهب لرؤية جثه لم تكن شمس ..
دخل سليم حجره خاليه وصفوت يقول
:
اتفضل هنا ياسليم استريح ..
ثوانى و هجيب لك البنت تشوفها ..
شعر سليم بالغثيان ..
كلما تخيل رؤيتها ..
أغلق عيناه وهو ينفى برأسه يحاول
إبعاد تلك الصوره المخيفه الملحه على
خاطره ..
ومع صوت فتح باب الحجرة وانزاح
وكشف عن وجه من وراءه ..
هوى قلبه بين قدميه ..
وتراجع فى ذعر
واتسعت عيناه أقصى حدها الطبيعى ..
وهو يرى شمس قد دلفت نحو الداخل
بملابس مختلفه وهيئه لم يكن يتخيل
رؤيته بها ...
مستحيل أن تكون هي .
لكنها تبادله نفس نظرات الصدمه ..
وقع المفاجأة واضح على ملامحها ...
يعتدل واقفاً متجمدا يتطلع لها فى ذهول
يقترب ببطء يتفحصها ...
لقد تبدلت تماماً ..
ينفى برأسه فى صدمه
: مش ممكن ..!
مستحيل تكونى شمس ...!
انتى شبهها اوى ...
شبهها جدا ..
لكن مش هيه ...
لم تجيبه ..
ظلت واضعه رأسها أرضاً فى صمت
وإنكسار ...
مما زاد الشك واليقين أكثر بأنها هيه ..
تنهيده طويله ملتهبه من صدره ..
وهو ينفى مجددا برأسه :
انتى مبترديش عليه ليه ..!!
قولى انك مش شمس ...
اتكلمى ...
ترفع رأسها فجأة نحوه وتغلق عينيها
وتعود فتحهم تقول : أنا شمس ..
شمس برهان ...
تمزقت ضلوعه مع سماع صوتها ...
لقد كان يعرفه تماماً ..
تتراقص الدموع فى عينيه وهو يتراجع
يسقط جالساً على مقعد خشبى صغير ..
وتسقط معه دمعه حاره ملتهبه من عينيه ..
ليقول بصوت وبكلمات ثقيله :
ليه ياشمس ...!!
ليه عملتى كده ...!!
انتى قتلتينى ...!
الموت كان ارحم من اللى بشوفوا ...
وبسمعه ..
تبتسم ساخره :
أنا معملتش حاجه غلط ..
ينفى فى حسره بيده : لاء ..
عملتى ..
تقول بصوت حاد عنيف :
عملت إيه ..؟
ممكن تفهمني ...!
يسود الصمت مع حروفها المكان
وهو يقول بصوت حزين :
انتى عارفه كويس أنا حبيتك قد إيه ..
وعملت عشانك إيه ..
تبتسم ساخره : اتجوزت ...
مش كده ..؟
اتجوزت ساره سمير الممثله الشهيره ..؟
هو ده اللى انته علمته ..
يعتدل واقفاً في غضب يقول
: دى مش ساره
سمير ...
دى ريمونا ..
اللى ساعدتنا ننزل من القمر ..
تنفى وهى تبتسم ساخره :
بلاش تضحك عليه ...
انته خاين ..
أنا تخيلت
فعلا لوقت انك بتحبنى ..
ومخلص وعايز
تساعدنى ...
وبعد ما اخوك
طردنى من الفيلا مشيت
فى الشوارع مش
عارفه اروح فين ..
نمت على الأرض
...
وعلى الرصيف
...
فى عالم ومكان
وزمن مختلف ..
لكن قدرت اكمل
..
كان جوايا
رغبه كبيره أنى انتحر ..
لكن قلبى رفض
..
كان جوايا أمل
أنى ممكن اقابلك تانى ..
اشتغلت فى محل
كبير ..
وصاحبته كانت
طيبه ..
أو اتهيألى
أنها طيبه ...
سمحت لى أنام
فيه ..
لكن للأسف كنت
مصدر لطمع كتير
من الرجاله
...
عشان طبعا بنت
وحيده وغلبانه ...
ومتشرده ...
أكيد هتكون
فريسه سهله ...
لحد ما شوفت
وسمعت خبر جوازك
من ممثله
مشهوره ساعتها بالظبط
حسيت انى مت
..
أو اتقتلت ...
اسودت الدنيا
فى عنيه ..
مبقاش لها طعم الحياة ..
وبقيت اسأل
نفسي ليه خدعتنى ..!
ليه ساعدتنى
اخرج من السجن ..!
وارجع الأرض ..!
وليه اتجوزت واحده غيرى ..!
كان لازم اغير حياتى ..
استسلمت ..
بعت نفسي عشان اقدر اعيش ..
بعت حتى أسمى شمس برهان ..
وسميت نفسي أمنيه ...
يصرخ فى غضب وهو يشيح
بيده فى وجهها :
هو انتى لما تبيعى جسمك
يبقى انتى كده غيرتى حياتك ...؟!
بالعكس انتى دمرتيها ..
ودمرتينى ..
أنا محبتش فى حياتى غيرك ..
حبيتك من اول ما شوفت صورتك
اللى جدى رسمها ..
حبيتك وبينا مسافات وزمن كبير ..
انتى اتسرعتى فى الحكم عليه ..
لأن ريمونا
عشان تتجوزنى بشكل
رسمى قدام
الناس خدت
شكل الممثله
ساره سمير ..
وانا دورت عليكى كتير ..
كتير جدا من غير فايده ..
لكن ما فقدتش الامل ..
هزت رأسها مبقاش يفيد اللقا بنا ...
ولا الكلام ..
ولا المبررات ...
انا قصه فى حياتك وانتهت ..
انا من جوايا بتمنى الموت ..
لا ده زمنى ..
ولا دا مكانى ...
انا مليش اى حد خلاص ...
سليم بصوت حزين : أنا بعذرك ..
صدقينى بعذرك ...
الظروف كانت أقوى منك ..
وعشان كده أنا نويت أغ ..
يقاطع حديثه فتح باب الحجره
وصفوت يقول :
الزياره انتهت يا سليم ..
تعالى يا امنيه ...
وغادرت بعدها شمس أو امنيه
كما أطلقوا عليها ...
لينظر صفوت الى سليم الذى قال
فى تحدى وإصرار :
شمس برهان لازم تخرج من هنا
بأى طريقه ..
أنا هجيب لها أكبر محامى فى البلد ..
صفوت فى صدمه :
يعنى هيه دى شمس ..!
هز سليم رأسه وعيناه تتراقص بالدموع
قائلاً :
ايوه ...
صفوت فى تعجب :
وانته مقتنع دلوقتى بقصتك ..!
عقد سليم حاجباه وعيناه تزرف
بالدموع من صعوبة الموقف الذى حدث له
يقول :
مش فاهم تقصد إيه ياصفوت بكلامك ..!
يتنهد صفوت وهو يجلس على الأريكة
الكبيره القريبه يقول :
يعنى فى واحده من القرن
التامن مسجونه على القمر تنزل وتشتغل
فى الدعاره بالشكل ده ..!
والسرعه دى ..!
وكمان تغير اسمها ...!
مش شايف ده يزود الشك
فى حقيقة شخصيتها ..
ينفى سليم :
مش وقته ادخل معاك فى جدال
من جديد عن حقيقة القصة أو كدبها ..
انا هقوم محامى كبير عشانها ..
وهخليها تخرج بكفاله ..
يعتدل صفوت من مقعده في صدمه ينظر
له فى ذهول قائلاً :
وبعد ما تخرج ...؟
هتجوزها مش كده ...؟
لم يجيبه سليم ..
غادر دون أن يخبره بما ينوى فعله بعد
خروج شمس فهو نفسه لا يعلم ..
ماذا سيفعل ...!
*********
فى حاله من
الغضب العارم يفتح مصطفى
حجرة أخيه
سليم فى سخط وضجر
ينظر له سليم
وهو فوق فراشه فى تعجب
ليقترب منه
مصطفى بخطوات تضرب الأرض
بقوة يقول :
مبقاش ناقص
غير بنات الدعاره
تجيبهم فى
الفيلا كمان عندنا ..
البت دى لازم
تخرج حالا من هنا ..
أظن سمعتنى
كويس ..
يتنهد سليم
وهو يعتدل واقفاً
: هيه هتفضل
هنا مؤقتاً لحد ما أق ..
يقاطعه مصطفى
: مفيش لحد ...
اظن انته سمعتنى كويس ...؟
مش هتفضل هنا
دقيقه واحده ...
خودها بنفسك
بدل ما اطردها من هنا
بنفسي ...
زى ما عملت
معاها المره اللى فاتت ..
سليم : ارجوك
يا مصطفى البنت مسكينه
ملهاش مكان تروح
فيه ...
مصطفى فى غضب
: زى كل مره بتسىء
لسمعتنا ...
الناس تقول
علينا ايه ...!
تقول عليك
انته بالذات ايه ..!
مراته الممثله
الشهيره اختفت ..
راح بعدها
أشترى من البرازيل طفل ازرق ..!
ودلوقتى جايب
بنت ليل تعيش معاه ..!
اذا كان على
الشركه اللى بنا والورث
هيتقسم لكن
لحد ما يحصل ميدكش
الحق تجيب
الاشكال دى هنا ..
سليم فى غضب :
ارجوك يا
مصطفى ... كفايه لحد هنا ...
ادينى فرصه
يومين تلاته أوعدك
لا هتشوفها ..
وعاد للصمت
للحظات وهو يكمل فى
هدوء :
ولا هتشوفنى
أنا كمان ...
اتسعت عين
مصطفى وهو يغادر مبتعدا
فى صمت ..
وبعد دقائق
يصدر فجأة
رنين هاتف باب الفيلا ...
لم يكن هنا
أحد سوى سليم
الذى تقدم
لفتح الباب لرؤية ذلك
الزائر ...
وعند تحريك
الباب تقع عيناه على
مفاجأة ..
مفاجأة لشخص
لم يتوقع قدومه
أو رؤيته ...
مفاجأة لم تكن
فى الحسبان ...
مفاجأة مذهله
...
إلى أبعد
الحدود ...
إضغط فى الأسفل للوصول لأى جزء من رواية سكان القمر
تعليقات
إرسال تعليق