رواية
سكان القمر
الجزء 28
تأليف الكاتب محمد أبو النجا
فجأة أظلمت الطائره من الداخل
لدقيقه واحده ..
صرخ فيها الجميع بقوة وبحسره
وقد أصبح الموت قاب قوسين أو أدني ..
ولا محال ...
ثم عاد كل شىء فجأة كما كان ..
لقد اعتدل جسم الطائره كمان كان ..
وعادت الأنوار لها ..
وتم السيطره عليها ..
دون معرفة كيف حدث هذا ..!
وساد الهدوء ..
والتقتط الجميع أنفاسه الضائعه ..
عاد كل شىء كما كان إلا بجوار سليم
لم تكن كريمه فى مقعدها ..
أمر أصاب سليم بالحيره الشديدة ..
قبل أن يدور برأسه للبحث عنها ..
كانت قد جاءت تجلس مبتسمه بجانبه ..
تقول فى هدوء تام :
الحمد لله الوضع مستقر ..
سليم فى حيره :
هو انتى سيبتى مكانك وكنت فين ..!
تغمغم قائله :
تحب دلوقتى اقول ذيك
هو تحقيق ..؟
رفع كتفيه وهو يمط شفتيه
: ممكن متجاوبيش عادى ....
بس هيه فعلا حاجه تحير ..
الناس كلها قاعده مرعوبه ..
والطياره فى وضع خطر ..
وممكن كانت تبقى دى النهايه .
وأنتى يتسيبى مكانك والكرسي بتاعك
وبتختفى ..
ومع رجعوك كل شىء اتغير ..
والطياره استقرت زى ما كانت ..
تضحك كريمه :
تقصد أنى السبب فى
إصلاح العطل وحل المشكله ..
لا والله مش بعرف اصلح طيارات ..
انا رحت دورة المايه ..
كنت خايفه ومرعوبه ...
وكنت ..
يقاطعها وهو يرفع يده :
أنا مصدقك .. خلاص ..
لكن انتى رايحه البرازيل ليه ..!!
نظرت له بعينيها الجميله وهى تقترب
منه أكثر تقول :
عشان الطفل الازرق ..
يتراجع سليم فى صدمه عارمه
لا حدود لها وقد توقفت الكلمات بين
شفتيه بشكل احست به كريمه التى
قالت فى دهشه :
مالك يا استاذ سليم ...!!
شكلك اتغير لما سمعت كلمة
الطفل الازرق
سليم فى ذهول :
وانتى عرفتى منين حكاية الطفل
الازرق ..؟!
ورايحه له ليه ..؟
كريمه : آه
انا نسيت اقولك أنى صحفيه فى
جريده ..
ومسافره اتأكد من صحة الخبر ..
وكمان اعمل سبق صحفى بتصوير الطفل
ومع..
يقاطعها سليم فى لهفه :
أنا أخترت معاكى هو انتى صحفيه ..!
والاه دكتورة فى علم النفس ..!
والآه ايه بالظبط ...!
تضحك بشده قائله :
كله مشترك فى شىء واحد ..
يتنهد سليم بوجه غير مقتنع بحديثها
يقول : لكن ...
هو انتى تعرفى مكان الطفل ..!!
ورايحه له ...؟
مطت شفتيها ورفعت كتفيها فى دهشه
: اكيد طبعاً ..
عقد سليم حاجباه. :
ومسافره لوحدك ..!
هزت رأسها : لاء
المفروض إن فيه فريق
معايا موجود حاليا فى موسكو ..
فى مهمه هناك ..
وهنتقابل فى ولاية ساو باولو
سليم متعجباً : ساو باولو
كريمه : أيوة ..
وهيه دى الموجود فيها الطفل دلوقت ..
غمغم سليم وهز رأسه قبل أن يعود للصمت
لتقاطعه قائله :
شوفت انا بقى اللى عماله
أحكى عن نفسي وبقولك كل حاجه
وانته بتحرجنى وبتكسفنى وتقولى
انتى جايه تحققى معايا ..؟
يبتسم سليم فى خجل :
انا رايح فى رحلة عمل ...
مجرد سفر للشغل ..
صفقه للمصنع رايح اشتريها من هناك ..
كريمه فى تعجب :
صفقه واخد معاك فيها
صديقك الملازم صفوت ثابت ..!!
والمحقق الشهير والباحث
صادق نبيل ..!!
أصابت كلماتها سليم بالدهشه القصوى
وهو ينفى :
مش ممكن ...!
انتى تعرفي منين صفوت وصادق ..!
تبتسم : أكيد من طبيعة شغلى ..
صادق نبيل اشهر من نار على علم ..
سليم طيب :
وصفوت تعرفيه منين بقى ..!!
تنفى برأسها : بصراحه
اول ما دخلت الطياره
كنت بدور على رقم الكرسي بتاعى ..
ولقيت شخص قاعد فى أول الطياره
هو اللى ساعدنى ...
و شاور لى وقالى إن الكرسي
بتاعى اللى قاعد عليه الملازم صفوت
ثابت
سليم فى حيره مشتعله فى عقله
: شخص مين ..؟
وقاعد فين بالضبط ..؟
أشارت كريمه نحو المقعد ..
ليعتدل سليم وهو يهمس لها
: بعد إذنك ..
وأخذ يتحرك فى لهفه لمعرفة من
يكون ذلك الرجل الذى يعرف صديقه
الملازم صفوت ثابت ..
تحرك بهدوء ونظر إلى ملامحه ..
كان رجل فى العقد الخامس من عمره
رفيع الجسد ..
اصلع الرأس ..
لم يعرفه أو يراه من قبل ..
تحرك سليم بعدها نحو صفوت الذى تعجب
من قدومه ليقول ساخراً
: ايه اللى جابك ..
حد يسيب القمر اللى قاعد معاه ده
ويجى يقعد مع صاحبه ..
انته معندكش نظر ..؟
يشير سليم نحو الرجل الجالس يقول
: تعرف الراجل اللى قاعد
هناك قدام ده ..؟
صفوت فى تعجب ينفى :
لاء .. معرفوش ..
سليم : الغريب بقى أنه يعرفك ..
وقال للبنت اللى جمبى اسمك ..
صفوت فى دهشه :
عادى ..
ممكن يكون اتعامل معايا قبل كده
فى ظرف ..
أو فى شغل ..
ينفى سليم : الصراحه
قلبى مش مرتاح للموضوع ده ...
صفوت : بسيطه ياسيدى ...
عاد يعتدل من مقعده وسط تعجب
سليم الذى يهتف له : رايح
فين ياجدع انته ..!!
صفوت بكل هدوء :
ثوانى وهرجع لك ..
للحظات كان صفوت يتحدث مع الرجل
وسليم يتابع فى ترقب ..
قبل أن يعود الى سليم الذى كان فى لهفه
ليقول : ها ... إيه الأخبار ..
هز صفوت رأسه يمن ويسار :
مش هتصدق ..
تزداد ضربات قلب سليم فى شغف
لسماع حديث صفوت الذى قال
: ده الدكتور رؤوف محمود ..
دكتور فى علم الجينات الوراثيه ..
يعرفنى عن طريق اخوه صديقى
المهندس كامل محمود ..
سليم فى حيره :
وايه الغريب فى كده ...!!
صفوت بصوت يحمل التعجب الشديد
: الغريب واللى مش هتصدقه
إنه مسافر برضه عشان
الطفل الازرق ..
سليم فى حسره لا حدود لها :
مش ممكن ..!
هيه الطياره كلها رايحه
البرازيل عشان ابنى ...!!
تتسع عين صفوت فى دهشه
: هو فى حد تانى ..!!
يشير سليم برأسه نحو الفتاه التى
تجلس هناك فى المقعد المجاور له
يقول : كريمه ..
كريمه عبد الغفار ...
******
سياره منطلقه داخل البرازيل ..
يقودها صادق بعد أن تم استأجارها لقضاء
المهمه المطلوبه ..
يجلس فى المقعد المجاور له صفوت
وفى الخلف سليم الذى بدأ شاحب
الوجه وبدأ عليها الإعياء ..
بشكل ملحوظ ليقول بصوت ضعيف
: إنته ليه مش عايز تصدق كلام كريمه
..؟
هيه قالت لى عن البلد اللى موجود
فيها الطفل و بدون ما تقصد ساعدتنى ..
صادق : مش المقصود بكلامى اكدبها
أو أصدقها ..
لاء ..
أنا بحط إحتمال تكون بتضللنا ..
صفوت فى تعجب :
وهيه تعرف منين إننا بندور على نفس
الهدف بتاعها ...!!
عشان تخدعنا ..!!
صادق : لازم نحط الاحتمال ده ..
دى طبيعة عملى وتفكيرى ..
وبعدين المعلومات اللى جمعتها
بتقول إن الطفل ممكن يكون ولاية
أمابا
أو ألاغواس أو ميناس جيرايس
واستبعد تكون ساو باولو
اللى قالت عليها كريمه
صفوت : إحنا عايزن نقلل دائرة البحث ..
ونحدد هدف اقرب للحقيقه لمكان الطفل
لاننا قدام ثلاث مناطق حددهم صادق
ومنطقه رابعه قالتها كريمه
صادقه وفى منطقه خامسه كمان
ممكن يكون فيها برضه
سليم فى صدمه كبيره :
هو لسه كمان فى منطقه
خامسه ..!!
دار صادقه بسيارته لحظتها فجأة
وهو يقول :
اللى هيروحها الدكتور رؤوف محمود
زى ما بلغتونى أنه كمان بيدور على
الطفل
هز صفوت رأسه : فعلاً ..
نسينا النقطه دى ..
صادق : لو المنطقه اللى هيروحها
الدكتور رؤوف ساو باولو
يبقى كلام كريمه اقرب للصح ..
ولو واحده من التلاته اللى قولت عليهم
يبقى هتكون هيه اول منطقه فى البحث
سليم فى إعجاب شديد من حديثه
وذكاؤه يتابعه فى شغف ..
يقاطعه تفكيره صوت
صفوت يقول :
وممكن يكون كلنا غلط ..
ومفيش اى منطقه من اللى قولنا عليها
موجود فيها الطفل ..
هز صادق رأسه : ده احتمال
وارد برضه ..
صفوت : وممكن مينكش فيه اصلا
طفل ازرق ..
هز صادق رأسه من جديد
: برضه احتمال وارد ..
كل شىء جايز ..
صفوت أنا شايف إننا بندور على ابره
فى كوم قش ..
وبنضيع وقت على الفاضى ..
احنا محتاجين شهور او سنين
ندور فيهم ..
صادق : يبقى لازم نضيق دائرة البحث
اكتر ..
بحيث نقرب تحديد الهدف ...
ونحط خطه توصلنا فى أقرب وقت ..
صفوت فى تعجب :
لسه هنحط خطه ..!!
يضحك صادق بشكل غريب وهو يقول
: الخطه خلاص اتنفذت وتمت ..
سليم فى حيره شديده :
أنا مش فاهم أى حاجه ..!!
صادق بأعين ونظرات ماكره :
يعنى بعد ساعه واحده
هنكون فى المكان المطلوب ..
ومعانا الطفل ..
صفوت فى ذهول تام :
طب أزاى مش فاهم ...!!
توقف صادق بسيارته فجأة ..
وبدأ يروى لهم كيف سيكون
الطفل بعد ساعه واحده معهم ..
وقد كان ما يقوله غريب ..
وصادم إلى حد لا يصدق ...
حد أصابهم بالذهول الشديد ..
تعليقات
إرسال تعليق