رواية
سكان القمر
الجزء 8
تأليف محمد أبو النجا
بخطوات ثقيله يسير سليم
خلف تلك المخلوقه الضخمه التى
تخبره أن جدته ما تزال على قيد الحياة ..
جدته التى لم يراها إلا عن
طريق الصور القليله
القديمه الباهته و الباقيه ..
أخذ يتسأل داخل صدره فى قلق وخوف
أى موقف هذا الذى يعيشه ...!
وكيف سيكون اللقاء ...
لقد بدأ قلبه يخفق بشده ..
وإحساس ينتابه
بأن تلك
المخلوقه كاذبه ...
لكن لماذا
ستفعل ذلك ..!
خمسة أيام فى هذا المكان
يقابلها خمسون عاماً من عمر أرضه ...
أمر مستحيل تصديقه ...
فجأة تجذبه تلك الفتاة العملاقه
من يده بلطف وهدوء
نحو ممر ضيق وهى تقول :
يجب أن تختفى عن أعينهم ..
فلو علموا أمر وجودك لن تفلت
من أيديهم ..
سيقتلوك ..
أو تعيش فى أقفاصهم ...
شعر سليم فى حيره من امرها ...
لماذا تفعل هذا معه ...!!
عادت تصعد به مبنى عالى ..
وكأنه مصنوع من الثلوج ..
ساطع البياض ...
تدخله حجره ذات ممر طويل ..
أرضه سوداء متعرجه ...
واقفاص حديديه عن اليمين واليسار ..
سجنائها كلها من البشر ...
كلهم بشر ..
بإختلاف الجنسيات والألوان والأحجام ...
والأزمان ...
حتى توقفت أمام أحدهم ..
وأشارت بيديها قائله بسخط
اللصه ..
اللصه محاسن ..
يقترب منها سليم وقد اتسعت عيناه
وهى تكاد تنفجر
...
لا يصدق ...
وكأن جدته قد
بعثت بعد موت ...
لا يستوعب ما
يراه ...
لقد كانت هى
بالفعل ...
تنظر له فى
تعجب وهو يقترب من
القضبان
الحديديه يقول فى
ذهول لا حدود
له
يقبض بيده
اليسرى على الحديد
يصرخ فى جنون :
مش ممكن ...!
مش معقول ...!
انا مش مصدق
...!
جدتى ...!
جدتى محاسن ...
تقترب منه
محاسن تنظر له فى حيره
قائله فى تعجب
: جدتك ...!
جدتك مين ...!
ينفى برأسه :
أنا مش مصدق
..!
مستحيل ...!
المفروض إنك
موتى ...!
جدى عبد البديع
قالى إن جسمك
اتقطع قدامه
واختفيتى ..
اختفيتى من
خمسين سنه ..
أنا سليم ابن
شريف ..
شريف ابنك ...
تبتسم له فى
سخريه :
انته مجنون
ياجدع انته ..!
شريف ابنى لسه
عايل صغير ..!
قد عيالك ...!
تتراقص الدموع
في عينيه ..
وتتساقط على
خديه وهو يمسحها
براحت يده
قائلاً :
أنا حاسس إنى
فى حلم ...
أو كابوس ..
أنا مصدوم زيك بالظبط
ويمكن أكتر ..
آخر شىء كنت
اتوقعه إنك لسه عايشه
محاسن فى لهجه
حاده ترفع يدها
فى وجهه غاضبه
:
بقولك ايه
ياجدع انته ..
مش ناقصه جنان
..
سيبنى فى الهم
اللى أنا فيه ...
سليم : إنتى
هنا
بسبب التمثال
اللى سرقتيه ...
وجدى باعه ..
وانتى الطمع
عماكى وحبيتى تطلعى
تانى هنا
عشان تشترى
الفيلا ..
جدى عبد البديع
حاول يمنعك ...
مقدرش ...
مسكتى الجوهره
الزرقاء وبعدها جسمك
اتقطع قدامه
واختفيتى ...
الجوهره رجعت لكن انتى مرجعتيش معاها ...
وهو اعتقد إنك
موتى ...
تتسع عيناها فى
ذهول :
انته عرفت كل
ده منين ...؟!
يرفع أصبعه
السبابه نحو وجه
: بصى لملامحى
...
بصى كويس ..
جدى عبد
البديع الله يرحمه
كان ديما يقولى
أنى اكتر واحد يشبهه ..
تقاطعه فى ذهول
وحسره تردد وهى
تقترب وتلتصق
بالقضبان :
جدك عبد البديع
الله يرحمه ..!
إيه اللى
بتقوله ده ...!
ينتبه على أنه ربما قد أخطأ فى
إخبارها ذلك
الأمر ..
لكن لا بديل
ولن يستطع التراجع عن
ما قاله ...
ليهز رأسه فى
حزن
: ايوه .. جدى مات
مات وعمره سبعه وتمانيه سنه ...
تنفى برأسها فى
ذهول :
مش ممكن ..!
انته كداب ..!
انته اكيد مع
المخلوقات الغبيه الشيطانه
اللى هنا فى
المكان ده ...
عبد البديع لسه
مكملش اربعين سنه
انته بتكدب
عليه ..
يتنهد : الوقت
فى المكان ده غير
اللى على الأرض
...
فاكره جدى لما
طلع ...
وانتى اول مره
..
ورجعتم كان
الوقت اللى عشتوه هنا
غير اللى على
الأرض ...
الخمس ايام
هنا اللى قعدتيهم
كانو خمسين سنه
فى زمنا ...
خمسين سنه
ولادك كبروا ...
وخلفوا ...
ترفع يديها
تضربها فى الهواء
فى وجهه : أمشى
من قدامى ..
امشى ..
انته مجنون
وكداب ...
وأنا مش ناقصه ج ...
بترت عبارتها فجأة
وقد دب فى المكان وفى مسامعهم
صوت زمجرة ..
زمجرة مخيفه
لتلامس تلك المخلوقه
بيديه الضخمه
كتفه تقول :
لقد استنشق
سومار رائحة دماءك ...
سيأتى ليأكلك
قريباً ...
ستموت ...
تتسع عين سليم
فى صدمه ...
وهو يرى ذلك
الوحش المفترس
الضخم بوجهه
المخيف ..
يتساقط لعابه
وهو ينطلق
يفترس وليمته
سليم ..
الذى نظر نحو
جدته ..
هرجع لك تانى
...
وانطلق بعدها
تسبق أقدامه الريح ...
لا يعلم إلى
أين يذهب فى هذا
المكان المجهول
...!
ذلك الموقف يذكره بما
حدث مع جده عبد البديع منذ سنوات
طويله ..
الآن يتكرر من
جديد معه ...
مع نفس المخلوق
تقريباً ...
وكانت مطارده
مثيره ...
ومخيفه ..
لا يتمكن فيها
ل سليم من أن يختبىء ...
من وحش يعرف
ويدرك رائحة دماؤه ...
ويرغب فى
افتراسه ...
يجد أمامه تلك
الحجره ذات الأبواب
الضخمه العاليه ..
يدخلها ويغلق أبوابها بصعوبه ..
بأصابع مرتبكه
..
مرتجفه ...
من هول ما يحدث
له ...
كان الوحش
يحاول تحطيم بابها ..
براسه ومخالبه
الحاده ...
وسليم يتراجع
بظهره للوراء ..
ويلتصق بالحائط
..
ليحطم الوحش
المفترس باب الحجره ..
وينقض عليه ...
ومع تراجع سليم
..
يهوى من تلك النافذه الكبيره ..
أو بالمعنى الأدق ..
ذلك الثقب الكبير الدائرى
الذى فى الحائط
اللامع ..
ويسقط من قمة المبنى ..
نحو الأرض
البعيده ..
وكان الاصتطدام
مؤكد ...
ولا مفر من
الموت ...
تفتح قبضته
فجأة ...
وتسقط الجوهره
الزرقاء ...
ويستيقظ ...
يستيقظ وقلبه
يخفق بشده بشكل
اقرب إن يتوقف
...
لا يصدق تلك
التجربه الرهيبه التى
خاضها ..
لا يصدق أنه قد
رأى جدته محاسن
وقابلها ..
وتحدث إليها
...
بالتأكيد قصه
لا يمكن لأى شخص
تصديقها ...
ينظر إلى عقارب
ساعة مكتبه الصغيره
التى اشارت ...
الى العاشره
مساءا ..
ليتراجع فى صدمه
وعيناه تتسع ..
الى التاريخ
الذى كتب على سطحها ...
الذى اشاى إلى غيابه
أربعة أيام ...
مستحيل ...!
ولكن كيف يكون
مستحيل ..
لقد رأى جدته
نفسها منذ لحظات
فى هذا المكان
فى ريعان شبابها ...
من يصدق ذلك
...؟
جسده متعب بشكل
لا يوصف ...
لكن عقله ظل
يردد فى تحدى
وإصرار يطالبه
بأن عليه أن
يستعيد جدته ...
يستعيدها بأى
شكل ..
وأى ثمن ...
**********
الثامنه ونصف
صباحاً ..
رنين هاتف سليم
الذى نظر إلى
اسم صديقه
الملازم صفوت
الذى قال
: إيه يابنى
انته فين ...؟
أنا بتصل عليك
تليفونك مقفول ..!
جيت الفيلا
اشوفك واقابلك ...
ملقتش اى حد
فيها رد عليه ...!
سليم يتثاوب
معلش ...
كنت مسافر يومين كده ...
كان عندى شغل
....
واديت الناس
اللى شغالين فى
الفيلا هنا معايا
أجازة ...
يتنهد صفوت :على كل حال
الحمد لله إنك
بخير ..
أنا تعبت لحد
ما عطرت فى
المعلومات اللى
كنت طالبها ..
وجبتهالك ..
تتسع عين سليم
لا يصدق وهو
يهتف فى سعاده
:
بجد ...؟
صفوت : اكيد
مدام أنته بالذات
اللى طلبت منى
خدمه زى دى ..
فعلا فى
التاريخ واليوم اللى قولت
عليه بالتحديد
تم العثور على
جثة فى المكان ده ..
سليم فى شغف
شديد :
عرفت صاحب
الجثة ...؟
عرفت يبقى مين
...!
صفوت : أكيد
طبعا ...
عرفت اسمه وكل
شىء عنه ...
لكن الموضوع
طلع كبير اوى ...
اوى ...
سليم فى صدمه :
مش فاهم تقصد
إيه ...!
صفوت : أقصد إن
الشخص اللى
مات في المكان
ده
شخصيه مش عاديه
...
شخصيه كانت
صدمه ليه لما
عرفت هيه مين ..
سليم : كلامك
غريب ياصفوت ...!
فهمنى اوام ...
مين الشخص ده
...؟
قولى بسرعه ..
وبدأ صفوت
يخبره حقيقة
صاحب تلك الجثة
المجهوله منذ زمن بعيد ..
وما كان يقوله
صفوت مثير ...
ولغز ...
ومفاجأة جديده
لم يتوقعها
ولم يتخيلها سليم ...
تعليقات
إرسال تعليق