رواية
سكان القمر
الجزء 34
تأليف الكاتب محمد أبو النجا
تتسع عين
مصطفى فى ذهول تام
وهو لا يملك
السيطره على مشاعره
المنزعجه من
ذلك اللقاء الغريب
والمختلف ...
يحاول تكذيب
عقله وقلبه حين رؤية
تلك المرأة
التى تدعى أنها جدته .
مستحيل ...
أنه لا يصدق
ذلك ..
نظرات عيناها
مخيفه ..
تنزع قلبه من
بين ضلوعه ...
لا يعلم ما سر
ذلك الخوف الذى دب
فى دماؤه حين
رؤيتها ...
ومقابلتها ...
فجأة تقترب
أكثر وهى تهمس
: مش مصدق ليه
يا مصطفى
أننا جدتك ...؟
يتراجع مع
حديثها الجمع الواقف ..
وهى تكمل :
لكن أنا عندى الدليل
على كلامى ..
يجوز فى الأول كانت الصدمه كانت قويه .
و رفضت تصديق
الحقيقه ...
وهربت ..
هربت من كل الناس ..
حبيت أعيش لوحدى جمب تربة جدك
عبد البديع ...
لكن القدر خلى سليم يقابلنى تانى ...
رفضت اسمع كلامه و ..
قاطعها سليم وهو ينفى بيده
: ايه
التخاريف اللى بتقوليها دى ..!
انتى ست مجنونه ..
او طماعه ..
عارفه احنا مين .
وولاد مين ...
تبتسم وهى تميل نحوه :
يبقى هقولك على الدليل ...
الدليل اللى هيخليك تصدق كلامى ...
وتصدق أنى أنا جدتك ...
تتسع عيناه فى ذعر من حديثها
وهى تهمس بصوت خافت جدا
فى أذنه وحده بكلمات
لم يسمعها غيره ...
كلمات جعلته يرتجف ..
ويشعر بخفقان شديد فى قلبه وصدره ..
يبتلع ريقه ويمسح جبهته التى انصبت
عرقا ..
وبعد لحظات كان يسود الصمت في المكان ..
وهو يحدق بها .
وانفاسه متسارعه بشده ...
ويفر بعدها مبتعدا وسط دهشه
وحيرت صفوت والدكتور أحمد المتجمدان
من شدة ذهولهم ...
كان يعدو كمن يلاحقه شيطان مخيف ...
وبعد لحظات كان يفتح باب سيارته ويجلس
فوق مقعد القياده وصفوت يلحق به
وهو يهتف :
إيه ياعم مصطفى مالك ..!
جر إيه ..!
جريت فجأة كده بشكل غريب ...!
ومش عايز ترد ..!
هيه قالت لك إيه الست دى لما قربت
من ودانك ..؟
انا مسمعتش أى حاجه ..
صوتها كان واطى جداً ..
لم يجيبه مصطفى وهو ينطلق بسيارته
بسرعه جنونيه ...
وتحمل ملامحه صلابه شديده ..
إلى أن وصل إلى باب الفيلا ...
وقفز من سيارته ...
يخطو مسرعاً بشكل ملفت ...
ومن خلفه صفوت الذى يتابعه فى حيره
ودهشه ..
وهناك كانت تقابلهم كريمه تخرج من الفيلا وهى
تبتسم وتلقى التحيه على صفوت الذى
تعجب من وجودها ..
ومن بعدها يظهر سليم الذى يتابع هو
الآخر إندفاع مصطفى أخيه بهذا الشكل
الغريب ...
ليقترب من صفوت الذى تجمد فى
مكانه وقال :
فى إيه يا صفوت ...!!
مصطفى بيجرى بالشكل ده كده ليه ...!
مط صفوت شفتيه وهو ينفى برأسه
: صدقنى مش
عارف ...
يشير له سليم :
طيب تعالى نشوف فى إيه ..
هو رايح على اوضة جدى عبد البديع ..!
غريبه ..!
وبعد لحظات كان سليم وصفوت داخل
الحجره ..
ليجدو مصطفى يخرج متعلقات قديمه تخص
جده ..
ويقلب فى محتواها ..
حتى عثر من بينهم على ما يريد ...
ألبوم الصور ...
يتصفحه بسرعه ...
إلى أن وصلا لواحده من صوره ....
تتسع عيناه وهو يخرجها ويرفعها
عاليا
وينظر
نحوها وقد تجمدت ملامحه
ويداه وجسده كالحجر ..
وحدقة عيناه تتراقص فى فزع ..
وسليم يهتف فى لهفه وحيره شديده
: فى إيه يا
مصطفى مالك ...؟!
اغلق مصطفى عيناه ووضع رأسه أرضاً يقول
بصوت يحمل الذهول والصدمه القصوى
: مش ممكن
..!
: مستحيل ..!
يتنهد صفوت فى شغف لا حدود له يقول
: ما تفهمنى
الست دى قالت لك إيه ..؟
عقد سليم حاجباه فى تعجب يردد
: ست ...!
: ست مين ...؟
يطلق صفوت زفير قائلاً :
مبروكه ..
او محاسن جدتك زى ما بتقول .
يتراجع سليم فى تعجب :
هو أنتم كنتم عندها ..؟
رحتوا المستشفى ..؟
اومأ صفوت برأسه : أيوه .
سليم فى حيره :
اقدر اعرف سبب الزياره ...؟
ومع نهاية حروفه كان مصطفى يعتدل
يخطو نحو صورة جده المعلقه يتطلع لها
فى صمت وهو يحمل بين يديه تلك الصوره
التى أخرجها من الألبوم ...
يقترب سليم ويجذبها من يده وهو يقول
: دى صورة جدك عبد البديع وجدتك محاسن ..
هو فى إيه ممكن افهم ..؟
هى الصوره دى فيها إيه ...!
اغلق مصطفى عيناه وهو ينفى برأسه
: مستحيل ..!
أنا مش مصدق ..!
ولا مقتنع بكل اللى بيحصل ...!
سليم فى غضب :
تعبتنى معاك ..
ما تفهمنا إيه الحكاية بالظبط ...؟
يرفع مصطفى ذراعيه ويشير بسبابته نحو
نقطه معينه فى الصوره وهو يقول
: بص على
جبين جدتك محاسن هنا ...
يحدق سليم فى الصوره ومط شفتيه يقول
: مش شايف اى
حاجه ..!
ولا فاهم ...!
مصطفى بصوت مرتجف يبتلع ريقه :
الصوره دى أوضح صوره فى الألبوم بتوضح
إن فيه جرح صغير فى جبين جدتك ...
هز سليم رأسه :
ايوه فعلاً ..
انا مختش بالى قبل كده من الجرح ده ...
مصطفى بصوت وحروف ثقيله :
نفس الجرح ده
موجود فى نفس الست اللى
فى المستشفى ...
اللى بتقول عليها جدتك ..
أنا شوفته بنفسى ..
يتراجع صفوت فى ذهول تام
وقد ارتجف جسده مع كلمات
مصطفى ليهتف فى دهشه رهيبه :
اللى بتقوله ده كلام مرعب يا مصطفى ..
كلامك ده معناه إن ممكن تكون فعلاً
الست دى جدتك ..!!
صح ..؟
ينفى مصطفى ويشيح بيده
: مستحيل
طبعاً ..
انا مش ممكن اصدق التخارف دى ..
لينفجر سليم يقهقه وهو يرفع بيمينه الصوره
قائلا :
مفيش فايده يا مصطفى مش هتقدر
تقاوم وتكدب الحقيقه ..
وتنكر كلامى وقصتى ...
لازم تعترف بالواقع ..
ينتفض مصطفى فى غضب عارم وهو
ينزع نفسه من حالته المنبهره يقول
: اكيد فى سر
..
فى لعبه كبيره ..
ممكن تكون الست دى شبه جدتى ..
وهيه اللى عملت الندبه دى أو الجرح
وعايزه تحتل شخصية جدتى
صفوت فى تعجب يغمغم
: طب وليه تعمل كل ده ..!
مين اصلا اللى هيصدق قصتها ..؟
مين هيصدق أنها جدتك ..؟
جدتك اللى ماتت من خمسين سنه ..!
يرفع مصطفى سبايته نحو سليم يقول
: اللعبه دى
عباره عن خطه جهنميه ..
خطه شيطانيه ..
ضحيتها سليم أخويا ..
ضحكوا عليه وخدعوه
بحكاية الجوهره والقمر
وريمونا ..
صفوت فى تعجب :
وهيضحكوا عليه ازاى بقى ..!!
مصطفى : منا بقولك خطه شيطانيه
يبتسم سليم ساخراً :
طب وليه كل ده ..؟
ويعملوا اللفه الطويله دى ..!
مصطفى بصوت هادىء :
اكيد عشان ثروته ..
مفيش مبرر غير كده ..
ينقى صفوت :
تحليلك للقصه غير مقنع
او منطقى يا مصطفى ..
مصطفى فى سخط :
يبقى أنته مصدق ..
مصدق قصة سكان القمر دى ..
مصدق إن دى محاسن جدتى ...
يقاطعه سليم : أنا بقى مصدق ..
وقولت لك من البدايه الكلام ده ..
بلاش تكابر يا مصطفى ...
قولت لك قبل كده جدتك
ملهاش غيرنا فى الدنيا ...
ينفى مصطفى :
أنا لازم اثبت لك إن كل
اللى بيحصل ده لعبه ..
لعبه من شياطين ...
من أبلسه ...
وقريب هقنعك ..
وهجيب لك الدليل ..
قريب جدا ...
وساد بعد جملته صمت ..
صمت مخيف ...
*******
( مبقاتش فاهم
إيه اللى بيحصل ..! )
نطق صفوت
جملته فى تعجب
داخل حجرة
سليم
وهو يشاهد
الطفل الصغير النائم أدهم
وسليم يشير
بيده نحو ولده :
زى ما انته شايف ..
لون رجع طبيعى
زى أى طفل عادى ..
مبقاش ازرق ..
يغمغم صفوت :
ممكن دى تكون
حاجه إيجابيه ..
لكن ده ما
يمنعش إن حجمه لا يتناسب
مع عمره
المفترض عليه ..
كمان إنه يبدأ
يمشى ..
أو يزحف على
سقف الفيلا ..
كل دى أمور
غير طبيعيه وتخوف ..
تخوف بجد ..
مرعبه ..
سليم :
الغريبه إنى اوقات
بحس إنك مصدق قصتى ..
وأوقات بحس
إنك بتكدبنى وف صف
أخويا مصطفى
..
حاسس إن جواك
حاله من التناقض ...
يتنهد صفوت :
ومين عاقل يصدق قصتك ..؟
هز سليم رأسه
وهو يكمل :
فى لغز كمان
جديد ..
عقد صفوت
حاجبيه ودار بجسده نحوه
: لغز جديد
..!
هو أنا بقيت
بشوفك منك غير ألغاز ..
ده بقى العادى
معاك ...
قول يا سيدى
...
اطربنى
بالجديد ...
سامعنى ..
يعود سليم
للجلوس على أطراف الفراش
يقول :
بعد ما اتصلت
عليك وكلمتك وطلبت
منك تجينى
عشان أدهم بقى لونه
طبيعى ..
وحضرتك طنشتنى ....
ومشيت مع مصطفى رحت المستشفى ...
يبتسم صفوت :
عديها بقى وكمل ..
سليم : كريمه
جت هنا الفيلا ...
هز صفوت رأسه
:
كريمه عبد
الغفار ...
البت الحلوه
المجنونه دى ..
قابلتها وانا
جاى مع مصطفى على الباب ..
مالها بقى ..؟
البت دى مش
طبيعيه ...
وراها سر ..
أنا حاسس بكده ..
هز سليم رأسه
مستطردا :
البت دى فعلاً مريبه ...
كمان علمت بحث
عن الشخص اللى
دفع الفلوس فى
المزاد
وخد أدهم ورجع
ادهونى ..
رفع صفوت
سبابته :
فعلاً دى لوحدها لغز ..
لغز مريب ...
سليم : هي بقى
قدرت توصل لحقيقة
الشخص ده ..
قدرت تعرف هوه
مين ..
تراجع صفوت فى
صدمه
: معقول ..!
بجد قدرت تعرف
هوه مين ..؟
أومأ سليم
برأسه :
أيوه
زعيم مافيا
برازيلى ...
اتسعت عين
صفوت فى ذهول كبير
يقول : غريبه
...!
زعيم مافيا
يشترى طفل ازرق ..!
ويتنازل عنه
لشخص من المفترض
طبعاً ميعرفوش
...!!
يبتسم سليم
ساخراً :
اللغز الكبير
مش فى كده ..
صفوت فى لهفه
وشغف :
اومال فى ايه
..!
سليم الصدمه
الرهيبه :
إن الزعيم ده
..
أو رئيس
المافيا مات فى عملية إغتيال
من سنتين ...
يرتجف صفوت مع
كلمات سليم
وهو يصرخ فى
جنون :
مش ممكن ..!
لاء ده كتير
...
كتير اوى كمان
..
يعنى إيه
الشخص ده مات ...!
أو ميت ...!
أحنا كلنا
شوفناه بعنينا ...!
هز سليم رأسه
:
يعنى مش شبح
..
طب ده بقى
تفسيره ايه ..؟
كمان قبل ما
تمشى قالت كلام تانى
غريب ..
مفاجأة تانيه
...
صفوت فى تعجب
: مفاجأة إيه ..!
سليم :
إن فيه
معلومات عن منظمه أعلنت
أنها هترجع
الطفل ده البرازيل تانى ..
يعنى ...
يقاطعه صفوت
وهو يهز رأسه :
يعنى انته
وادهم فى خطر ...
مش كده ...؟
ده اللى انته
تقصده ..!
أنا بقى من
رأى إن البت دى كدابه ...
وحويطه ...
وبتلعب لعبه
كبيره لصالح حد ..
ايه يخليك
تصدق كلامها ..!
وبأن فعلا
اللى اشترى الطفل ده
زعيم مافيا تم
اغتياله ..!
إحتمال كبير
جداً تكون معلوماتها غلط ..
أو كدب ..
تنهد سليم :
ممكن ..
بس هيه قالت
إن الحادثه موجوده على النت
ابتسم صفوت
ساخراً :
بسيطه يبقى
نعمل عملية بحث ونتأكد ..
يطلق سليم
زفير قصير :
أنا مشكلتى
دلوقتى الأكبر فى أمجد ..
عقد صفوت
حاجبه فى حيره يقول :
أمجد مين ..؟!
سليم : أمجد
ابنى ..
انته نسيت ..
اخو أدهم ..
توءمه ..
لو لونه اتغير
هو كمان من الازرق للطبيعى
هيكون من
المستحيل إنى أرجعه خلاص ....
لولا اللون
الازرق مكنتش هعرف أرجع أدهم ..
ينفى صفوت
برأسه :
الغريب إنك
مقتنع بوجود أمجد ده ..!
قصدى إنه عايش
...
سليم فى غضب :
أنا متأكد من وجوده ...
أمجد عايش ...
لكن فين ...
مش عارف ..
ومع نهاية
حروفه كان أدهم يستيقظ
فى بكاء شديد
وبشكل غريب ..
ليلتقطه سليم
ويحتضنه وهو
يحاول تهدئته
قائلاً :
غريبه أول مره
أدهم يعيط بالشكل ده ...
صفوت : أكيد
كان بيحلم ...
بتر عبارته
فجأة مع رنين هاتفه
وهو يتحدث
للحظات ثم عاد يغلق
المحادثه ..
قائلاً : أنا
همشي بقى ...
عندى شغل ..
اشوفك على خير
...
هنتقابل تانى
عشان نكمل كلامنا ...
وعاد يودعه
منصرفا ...
حتى نام
الصغير من جديد ..
وظل سليم إلى
جواره بعض الوقت ...
حتى جاءه
إتصال من صفوت ...
عقد حاجبه فى
تعجب يقول
: غريبه ...!
صفوت بيرن
عليه ليه ...!
وعاد يفتح
المحادثه بينهم يقول
: ايوه ياصفوت
..
صفوت بصوت
مرتبك :
سليم ...فى
... حاجه حصلت
مش هتصدقها
...
يخفق قلب سليم
مع كلماته وهو يقول
: خير ...!
فى إيه ...؟
صفوت : قبضنا
على شبكة آداب النهارده ..
سليم فى حيره
:
طب وأنا
علاقتى ايه ..
يسود الصمت
للحظات قبل أن يكمل
صفوت :
لأن فى وسط
اللى قبضنا عليهم بنت
تشبه ... تشبه
..
تزداد ضربات
قلب سليم وهو يقول
: تشبه مين
...؟!
اتكلم يا صفوت
وقعت قلبى ..
صفوت بصوت
خافت ضعيف :
تشبه البنت
اللى ورتنى صورتها ..
اللى بتدور
عليها ...
شمس ...
شمس برهان ...
وسقط قلب سليم
بين قدميه ..
وصرخ ..
صرخ بكل جنون
...
وحسره ...
تعليقات
إرسال تعليق