رواية
سكان القمر
الجزء 38
تأليف الكاتب محمد أبو النجا
لم يستطع
مصطفى أن يمنع ملامحه من
رسم الذهول
والصدمه بعد كلمات
شمس برهان ..
التى تتطلع له
وهى ترى فى عينيه بريق
الخوف والتردد
لتقول بكل ثقه
:
مالك ..؟
واضح إن كلامى
معجبكش ..
مع إنه فى
مصلحتك ...
وأنته بنفسك
قولت إنها مش جدتك ..
وواثق من
إحساسك ده ..
مش كده ..؟
لكن مصطفى ظل
صامتاً ..
لم يعلق أو
يجيب ..
لتقترب منه
أكثر وتميل نحوه تقول
: الفكره مش
عجباك ...؟
والاه ناوى
تدخل فى صراع مع اخوك
ومحاسن ...؟
وتستنى نتايج ممكن متكنش فى صالحك ..
مصطفى فى هدوء
:
مستحيل سليم
يثبت
إنها جدته ...
قضيته خسرانه
... خسرانه ..
مفيش اى دليل
...
تنفى شمس :
بالعكس ممكن
جدا ناس كتير
تصدقه ...
وتبقى محاسن
اشهر واحده فى العالم ..
لأنها دليل حى
عن إنتقال إنسان من زمن
لزمن تانى ...
يتراجع مصطفى
فى تعجب
وهى تبتسم مش
بقولك بقيت واحده منكم ..
مستغرب لأنى
بتكلم فى موضوع زى ده ..
مصطفى اكيد
مستغرب ...
لأن المفروض
إنك م..
تقاطعه شمس من
زمن تانى ...
مصطفى ده لو
كنتى فعلا من زمن تانى ...
شمس : مش
موضوعنا ..
أنا ميهمنيش
اثبت لك او تصدق إنى من
زمن تانى ...
خلينا نكمل
كلامنا ..
يطلق مصطفى
زفيره الحار قائلاً :
ماشى ... كملى
...
شمس فى صوت
خافت :
سليم كان بيلمح إنه ممكن يدور على
شهود تانيه
تكون لسه عايشه وتعرف
محاسن كويس
...
جيران ..
قرايب ...
بس لو قدر
يجمع مجموعه وياخد
منهم إعتراف
إنها محاسن
انته مؤكد
هتخسر قضيتك ...
وثروتك ...
يخفق قلب
مصطفى مع حديثها ويشعر
بالخوف الشديد
الذى ينساب إلى عروقه
ليقول : كلامك
منطقى فعلاً ...
تبتسم فى زهو
:
يبقى تعمل
اللى قولت لك عليه ...
ينفى مصطفى
بيده اليمنى وهو يغلق عينيه
: لا ... لا
..
انا مقدرش
اقتل ...
مقدرش ..
تعود تبتسم :
ومين قالك إنك هتقتل ...!
قصدى هتقتل
لوحدك ...
أنا هساعدك
...
فى مقابل
المبلغ اللى قولت لك عليه ...
أظن الموضع
بقى سهل خالص ...
ومبقاش لك أى
حجه ...
عادت تبتعد
وهى ما تزال مبتسمه
: خود راحتك
فى التفكير ...
وبكره زى
دلوقت هجيلك الأوضه ..
واعرف هتعمل
ايه ..
ونويت على إيه
..
وعادت تغادر
الحجره تاركه مصطفى
يغرق فى بحور
من القلق والتوتر ...
والذعر ...
*******
حديقة فيلا
عبد البديع
الثامنه ونصف
صباحاً
( أخطبهالك
...! )
نطقت محاسن
جملتها أمام سليم وهى
فى قمة الدهشة
والتعجب
وهو يبتسم
ويقترب يميل نحوها
قائلاً : أيوه... اكيد طبعاً ..
مش انتى جدتى
...؟
حبيبتى ..
تتنهد محاسن
بملامح متجمد تقول بكلمات
متقطعه : لكن
...
لكن ... أنا
... مش موافقه ...
ولا مرتاحه لشمس ..
سليم فى تعجب
:
أنا اتكلمت معاكى فى
الموضع ده
اكتر من مره ..
اللى حصل ل
شمس ملهاش ذنب فيه ..
ومش هنحكم
عليها بالاعدام ..
أنا بحبها ...
بحبها بجد ..
ومش هحب غيرها
..
لازم اساعدها
تفتح صفحه جديده ...
لازم أديها
أمل للحياة ...
تنظر له محاسن
فى شفقه تقول
: مش عارفه
اقولك ايه ..؟
بس ...
بس ..
وعادت من جديد
للتردد فى الحديث
ليلامس يديها
قائلاً :
بس إيه يا جدتى ..؟
محاسن فى لهجه
حاده فجأة
تكمل حديثها
بقوة :
بس ياترى هيه موافقه ...؟
هيه موافقه
على جوازك منها ..؟
يتراجع سليم
فى صدمه من حديثه
يقول فى ثقه
متناهيه :
مؤكد .. طبعاً
..
مؤكد يا جدتى
...
محاسن : يعنى
هيه بتحبك ..؟
صارحتك
بمشاعرها قبل كده ..؟
أو إنها
موافقه على الجواز منك ..؟
يسود بعد
كلماتها الصمت للحظات
قبل أن يقول :
يبقى دى مهمتك يا جدتى
يا حبيبتى ..
وحياة عبد
البديع الصغير ..
وعاد يلامس
بأصابعه بطنها ...
وهى تنظر له
فى دهشه تقول
: عبد البديع
الصغير ..!
أومأ برأسه :
ايوه عمى ..
تعود لتأخذ
نفسا عميق :
خلاص يا سليم
انا هكلمها ..
واللى فيه
الخير يعملوا ربنا ..
تهللت أسارير
سليم من السعاده يقول :
ربنا يخليكى ليه يا احلى جده فى
الدنيا كلها
...
لكن محاسن ظلت
فى أعماقها تشعر بالقلق ..
القلق الذى لا
حدود له ...
فجأة يصدر هذا
الصوت بجانبهم يقول
( صباح الخير
)
يلتفت سليم
ومحاسن إلى مصدره
إلى ذلك الشاب
الطويل رفيع القامه
ذو شارب صغير
قمحى البشره
فى بداية.
العقد الثالثه من عمره
ليهتف سليم
وهو يقفز يحتضنه يقول
: فريد ...!
عاش من شافك
ياراجل ...
فريد بصوت
ضعيف هزيل :
ازيك ياسليم
....
معلش ..
أنا عارف انى
مأثر فى السؤال عنكم ..
شغلى فى البحر
الاحمر هناك مخلينى
مش فاضى ولا
لاقى وقت ..
سليم مبتسماً
:
ياعم
بالتليفون ...
وبعدين أنا
ياما اتحيلت عليك تشتغل
فى المصنع
معانا ...
او فى اى شركه عندنا ...
بأى مرتب تقول عليه ...
لكن انته
دماغك ناشفه ....
يبتسم فريد
بشكل غير طبيعى ..
وكأنه يبتسم
رغماً عنه ...
ليقول بصوت ضعيف :
أنا الحمد لله مرتاح فى شغلى ..
تتلاشى
ابتسامة سليم فجأة
وهو يقول فى قلق :
مالك يافريد
..!!
فى إيه ..؟
فى حاجه حصلت
..؟
ينظر فريد إلى
محاسن فى دهشه
ليقول فى صوت
حزين :
امى تعبانه شويه ...
ولم تدر محاسن
لماذا شعرت أن تلك الكلمات
تخص إبنتها
شاديه ..
وهذا الشاب
الذى يدعى فريد هو ابنها ..
حفيدها ...
لقد أحست ذلك
دون أن يخبرها أحد ..
ولقد كانت
صادقه فى إحساسها ...
ليقول سليم فى توتر :
عمتى ..!
مالها ..؟
تتراقص الدموع
فى أعين فريد
: واضح إن
النهاية قربت ...
امى بتموت يا
سليم ..
وطلبت تشوفك
انته ومصطفى ..
وطلبت أجيبكم
لها بنفسي ...
ينشق قلب
محاسن نصفين مع كلمات فريد
وتتجمد الدماء
فى عروقها
ولم تستطع كتم
دموعها ..
لتصرخ فى حسره
وهلع دون إرادتها
: شاديه ..!!
ومع إنفعالها
المفرط فى الحزن
ينظر لها فريد
فى تعجب يقول :
ايوه ..
وهز رأسه :
أيوه امى شاديه ..
وعادت الكلمات
تتحشرج بين شفتيه يقول
: لكن ..
لكن ..
حضرتك مين ..؟
ملامحك مش
غريبه عليه ..!
حاسس إنى
شوفتك قبل كده ...
لكن مش متذكر
.
لم تتمالك
محاسن دموعها وهى فى قمة
الشوق لأن
تحتضن ذلك الشاب حفيدها ..
ليقول سليم فى
ارتباك : دى ...
دى ..
وتوقف سليم
دون أن يدرى ماذا يقول ..
ليقترب فريد
فى حيره شديده يقول :
مش قادر اتذكر
شوفت حضرتك فين
قبل كده ...؟
محاسن بصوت
حزين :
ممكن اشوف
والدتك ..؟
ممكن اشوف
شاديه ...؟
فريد فى قمة
الصدمه والتعجب :
واضح جدا إن حضرتك
زعلتى لما
سمعتى كلامى عنها ...
لكن برضه
ياسليم معرفتنيش الاستاذه
تبقى مين ..!
لم يستطع سليم
أن يجيب
لتقول محاسن
بصوت يسكنه الألم
: أنا واحده
قريبتكم من بعيد ...
قريبة
جدتك ..
اسمها محاسن
..
اللى أكيد
عمرك ما شوفتها ..
لكن ممكن تكون
سمعت عنها ..
أشار فريد
بسبابته نحوها :
فعلاً جدتى
محاسن ..
انت تشبهيها
...
انتى تقربى
لها ...؟
هزت رأسها
والدموع تتساقط على خديها
: أيوه ..
ونفس اسمها
كمان ...
فريد فى صدمه
لا حدود لها :
غريبه ...!
غريبه فعلاً
...!
شبه جدتى ...!
ونفس اسمها
...!!
فعلا صدفه غير
طبيعيه ..
تصدقى أنتى
شبه صورة قديمه
جدا فى البيت
عندنا ..
صوره لجدتى
...
صوره عمرها
اكتر من خمسين سنه ..
الشبه بينكم
كبير جداً ...
سبحان الله ..
والأغرب إن
يكون اسمك نفس إسمها ..
وعاد يبكى دون
أن يتمالك نفسه :
عارفه إن دى
هتكون أحلى هديه لأمى
قبل ما تموت
..
تكاد تقتل
كلماته محاسن التى تنفى
برأسها :
إن شاء الله
هتعيش ..
بنتى هتعيش ..
وعادت تنتبه
لخطأها لتقول :
قصدى شاديه
امك هتعيش ..
يقاطع سليم
حديثهم :
ثوانى ياجماعه بعد إذنكم هبلغ
أخويا مصطفى
عشان يجهز ..
ونطلع سوا بالعربيه ...
ومع ابتعاده
كانت محاسن تبكى
يشكل ملفت ..
دون إراده فى
أن تمنع نفسها من ذلك ..
تبكى من أجل
ابنتها ..
وبعد نصف ساعه
بالضبط كانت السياره
تنطلق بهم ..
وفريد ما يزال
يتابع محاسن وقلبه وعقله
فى حيره شديده
من أمرها ...
مر وقت طويل
حتى ضرب سليم مكابح
سيارته وهبط
الجميع منها .
كانت محاسن
تشعر برجفة جسدها ..
وعيناها ..
وبرودة أطراف
أصابعها ...
قلبها يكاد
يحطم ضلوعها من خفقانه ..
أنفاسها
متسارعه ...
لقد حاولت
الهروب من ذلك اللقاء كثيرا ..
لكن القد أراد
غير ذلك ..
لم تكن تقوى
على رؤية ابنتها التى تركتها
صغيره منذ وقت
قصير
قد أصبحت عجوز
مريضه ..
ريما تقتلها
تلك المفاجأة ..
ويميتها ذلك
اللقاء ....
لكن ليس الأمر
بيديها ..
ليس للأمر
حيله ..
لا يمكن أن
تتحمل سماع خبر أن ابنتها
تحتضر دون أن
تراها ..
أو تودعها
....
وتخطوا محاسن
داخل منزل ابنتها
شاديه ..
وهناك كانت
مفاجآت جديده مذهله
فى إنتظارها
فى هذا اللقاء ..
مفاجآت لم تكن
تتخيلها ..
مفاجأة صادمه
..
صادمه للغايه
...
تعليقات
إرسال تعليق