رواية
سكان القمر
الجزء 37
تأليف محمد أبو النجا
فى صدمه لا حدود لها تجمد الجميع
فى مكانه ..
فى مشهد غريب وكأنهم أصبحوا
تماثيل متحجره قديمه ..
لقد ألقت محاسن قنبله قاتله ...
فجرت بها عقولهم ..
اتسعت عيونهم يحاولون إستعياب ما قالته
..
وسليم فى ذهول تام يحاول إستعادة
السيطره على عقله المشتت قائلاً :
إيه اللى بتقوليه ده يا جدتى ...!
أنا مش فاهم ..!
حامل ...!
حامل يعنى إيه ..!
هزت محاسن رأسها وهى تبتسم
: أيوه ..
حامل فى الشهر الرابع ...
أنا عرفت وأنا فى المستشفى ..
وكنت مترددة أقولكم ..
عارفه إنه خبر هيكون صادمه ..
ومفاجأة محدش يتخيلها ..
يبتسم مصطفى ساخراً يقول فى غضب
: بقولك إيه ياست انتى مش ناقصه هبل .
حامل من مين ..؟
جدى عبد البديع ..!
كفايه بقى نصب وإحتيال ...
جدتى محاسن ماتت من أكتر من خمسين
سنه ..
أنتى بتستغلى الشبه اللى بينكم فى
صناعة قصه خياليه وهميه
ممكن يصدقها سليم أخويا الغلبان ..
لكن أنا لاء ..
كانت شرين شوقى المحاميه تستمع فى
ذهول شديد لما يدور حولها دون أن تفهم
أى شىء ..
ليقترب منها مصطفى ويلامس يظهر يده
الملف الذى بين يديها ويضربه قائلاً
: كملى يا أستاذه سيبك منها ...
دى واحده مجنونه ...
محاسن فى صوت حاد :
أنا اتكلمت بس عشان امنع اللى بتعملوه
واللى ميرضيش عبد البديع لو كان عايش
..
انتو آخر حاجه منه ...
مينفعش تتفرقوا ..
أو يكون بينكم عداوه ..
بالشكل ده ..
يضحك مصطفى ساخراً :
أيوه عشان كده هتجيبى عيل يورث
معانا ...
مش كده ..؟
وهز رأسه فى ضجر : نصابه ..
من الأول واضح نيتك ...
لم يستوعب سليم بعد حجم المفاجأة
الرهيبه التى قالتها جدتها وهو يحاول
جمع
تركيزه المشتت وشرود عقله ليقول
: هيه بجد مفاجأة متخطرش على بال حد
...
لكن أنا مصدقك ...
مصدقك يا جدتى ..
ومصدق إن اللى فى بطنك هو عمى .
أو عمتى ...
بعد صمت طويل ترفع شرين شوقى
رأسها تقول فى ذهول :
يا جماعه ممكن بالراحه
عشان أنا متلخبطه ومش فاهمه
أى حاجه من الكلام ده ..
ومش قادره استوعبه ...
مصطفى فى سخريه :
طيب مدام الموضوع
وصل للنقطه دى يبقى الاستاذه شرين
تشهد وتقول رأيها ..
الست اللى قدامك دى
اللى عمرها ميكملش اربعين سنه
بتقول أنها جدتنا ..
وسليم مصدقها ...
ودلوقتى بتقول كمان حامل ...
حامل من جدى عبد البديع ..
اللى مات من اكتر من خمس شهور تقريبا
..
بذمتك ده كلام يدخل العقل ...؟
يعنى حتى الحمل بتاعها لو كان
من راجل عجوز
زى جدى مينفعش ..
هزت شرين رأسها فى إقتناع تام
: فعلاً يا استاذ مصطفى ..
اتفق معاك فى الرأى ..
مستحيل طبعاً دى تكون جدتكم ..
دى صغيره جدا ..
تقريبا نفس عمركم ..
كمان جدكم مات من اكتر من خمس شهور
يعنى لو كانت حامل من اربع شهور ..
زى ما بتقول ..
يبقى مؤكد جدكم عبد البديع مش الأب ...
ومفيش أى حد هيقول غير كلامى ..
تهللت أسارير مصطفى من الفرحه
: يعنى كلامها وإدعاءها باطل ...
هزت شرين رأسها : قضيتها خسرانه ..
ملهاش مليم فى الميراث ..
سليم فى صدمه : لكن يا استاذه
أنا بقولك دى جدتى ..
وليها حق فى التركه ..
ولو على الدليل أنا م ...
تقاطعه شرين فى تعجب :
دليل إيه يا أستاذ سليم ...؟
الموضوع مش محتاج دليل ...
دى لو كانت فعلا جدتك محاسن وعايشه
لحد النهارده كان عمرها هيكون كام ..
يسود الصمت بعد حديثها
ليتنهد سليم : دى قصه طويله
طويله جدا .. يا استاذه شرين ...
يضحك مصطفى ساخراً :
طب ممكن نسمعها ..
يمكن الاستاذه تصدقك ...
يعود سليم للصمت وهو عاجز عن شرح
تفاصيل ما حدث له ..
فمن المؤكد أنها لن تصدقه أيضاً ...
تعود شرين للحديث : أنا شايفه
أننا نأجل فكرة توزيع التركه لحد
ما نفض النزاع ده بينكم ...
بشكل ودى ...
ونحدد الموقف ..
ونشوف ناويين هتعملوا إيه
بعد كده ..
هز سليم رأسه : وأنا معنديش مانع ..
مصطفى فى سخط :
بس أنا مش شايف سبب للتأجيل ..
شرين : لكن أنا شايفه أنكم محتاجين
تتلكموا مع بعض شويه عشان
تحددوا موقفكم من الميراث بخصوص
السيده اللى بتدعى أنها جدتكم ..
ولو الموضوع مخلصش بالود بينكم
جايز يدخل فى سكة المحاكم ..
مصطفى فى تحدى :
أنا واثق من حقى ...
ومن كلامى ..
تجمع شرين أوراقها داخل حقيبتها
الصغيره
السوداء وتغادر فى هدوء ..
تاركه الجميع يتطلعون لبعضهم فى صمت
وصدمه ...
******
الواحده بعد
منتصف الليل ..
طرقات على باب حجرة مصطفى
ليقول وهو يرقد على فراشه وبين أصابعه
سيجارته مين ..
ليستمع إلى صوت أنوثى عذب
وبعدها بجزء من الثانيه
كانت شمس قد فتحت ودخلت
وأغلقت الباب خلفها ....
لتتسع عيناها وهو يقول فى تعجب :
انتى جايه هنا ليه فى ساعة زى دى ..؟!
شمس عايزه بصوت خافت يكاد لا يسمع :
جايه اتكلم معاك ...
عقد مصطفى حاجبيه وهو يطفىء سيجارته
جانبا ويعتدل واقفاً صوبها
وهى تقترب منه تقول :
مالك ...؟
مخوض كده ليه ..!
مصطفى فى تعجب :
انتى جايه ليه اوضتى ...؟
وفى ساعه زى دى ..؟
داخله تتساحبى كده ليه ..!
شمس :عشان اقولك إن سليم
كمان ومحاسن لسه منموش
عمالين بيتكلموا ..
ويخططوا ...
مصطفى فى دهشه يردد
: بيخططوا ...!!
بيخططوا لإيه بالظبط ..؟
شمس : أنهم لو رفعوا قضيه يكسبوها ..
ومحاسن تاخد نصيبها .
ونصيب عمك اللى فى بطنها ..
مصطفى فى غضب :
بس متقوليش عمى ..
تبتسم شمس :
معلش آسفه ..
ابنها اللى فى بطنها ...
وعادت تغمغم :
لكن واضح انهم عاملين خطه ..
خطه جديده ..
أنا سمعتها كلها ...
مصطفى فى صدمه :
غريبه ..!
وجايه تقولى لى عليها ...!
انتى مع مين بالظبط ...؟
معايا والآه معاهم ..؟!
شمس : لا معاك ولا معاهم ...
مصطفى فى حيره أكثر :
وهتستفيدى إيه بالظبط ..
إيه مصلحتك إن محاسن تخسر هيه وسليم
ومتاخدتش حاجه ..؟
ليه سمعتيهم واتصنتى عليهم ..؟
وليه جايه تبلغينى ...؟
ممكن تفهمينى ..
شمس : ممكن متصدقنيش ...
مصطفى : هحاول بس قولى ..
تغلق شمس عيناها بشكل تكاد لا ترى
وهى تقول بصوت صارم
: لأنى بكرهه أخوك سليم .
يتراجع مصطفى فى صدمه كبيره
يردد : بتكرهى سليم ...!!
مش ممكن ..!!
أنا مش مصدقك ..!
شمس : هي دى الحقيقه ..
اكتر إنسان في الدنيا بكرهه ...
مصطفى فى صدمه كبيره يقول
: مستحيل اللى بتقوليه ..!
أنا مش مستوعب ...
سليم على حسب قصته عمل عشانك كتير ..
من المفترض إنه خلصك من سجن ..
كنتى فيه على القمر ...
ولو أنى طبعا مش مصدق ...
لكن اللى أقصده إنه بيعشقك ...
أنا مش شايف سبب يخليكى تكرهيه ..
تبتسم ساخره : لاء ...
فيه اسباب كتير ..
أولا لأنى بحب غيره ..
يتراجع مصطفى فى صدمه كبيره
وهو لا يصدق حديثها أو أسلوبها المريب
ليقول فى صدمه :
بتحبى غيره ..!
هزت رأسها :
أيوه ومش ضرورى تعرف
هو مين ...
مصطفى فى حيره :
وثانيا ..؟
تعود تبتسم :
ثانيا لأنه شخص ميتحبش ..
تافه بمعنى اصح ..
ينفى بيده ويشيح فى وجهها
: مسمحلكيش تتكلمى
عليه بالشكل ده ..
تشير نحو صدره بسبابتها : انته
نفسك مقتنع بكلامى ...
تحس من تصرفاته إنه طفل ...
شوف شخصيتك الرزينه القويه ..
الواقعيه ...
وشوف شخصيته ..
وقال إيه هيضحى ويتجوز ريمونا عشان
أخرج انا من السجن ..
ويخلف منها وهو بيحب انسانه تانيه
مش لاقيها ...
ومصيرها مجهوله ..
سابها للكلاب تنهش فى لحمها ..
وهو عمال يتبرطع مع ريمونا ...
بزمتك مش كلامى مقنع ...؟
تنهد وهز رأسه : برضه معرفتش سبب
زيارتك ...؟
تعود للجلوس على حافة الفراش ..
وتضع ساقها فوق الأخرى
وتكشف عن قوامها الممشوق الذى أبهر
مصطفى وهى تقول :
أنا بقالى مده صغيره فى زمنكم ..
ورغم الفرق الشاسع بين القرن التامن
والواحد والعشرين إلا إنى بدأت أتأقلم
بشكل طبيعى ...
بس مش ده موضوعنا ..
اللى حابه أقوله لو سليم عمل زى ما
بيقول
وجاب عمتك شاديه تشهد إن محاسن أمها
...
يتراجع مصطفى فى ذهول :
مين اللى قالك الكلام ده ..؟
شمس انا سمعتهم بقولك بيخططوا ..
ولو نجحوا إنهم يثبتوا ده ..
ومحاسن قدرت تاخد نصيبها هيه واللى
فى بطنها تخيل هيحصل إيه ...؟
هز مصطفى رأسه :
هيحصل إيه ..؟
تمط شمس شفتيها الجميله وتتنهد
وهى تستند بذراعيها
للخلف تقول بهدوء :
عمك اللى فى بطنها ..
تقريبا هياخد نص ثروتكم
تقع كلماتها كالصاعقة فوق رأسها ..
يبدو أنه لم يفكر فى هذا ..
لقد انتبه لتلك الكارثه التى ربما
فعلاً
قد تحدث ...
سيموت حينها ..
سيموت من الحسره والقهر ...
ليسود بعد حديثها الصمت المخيف
لتعتدل واقفه وهى تكمل بصوت هادئ
وملامح بادره :
يبقى لازم نتجنب المعركه ...
هز رأسه : مش فاهم قصدك ..!
تنفى برأسه وهى تعقد يديها أمام صدرها
تقول :
يعنى مندخلش فى صراع ولا دوامه
ممكن تخسر منها مبلغ مش قليل ..
مبلغ مهول ..
ملايين ...
يأخذ نفس قصير وهز رأسه :
فعلاً ..
كلامك صح ..
لو ده حصل فعلاً تبقى كارثة عمرى ...
خسارة لا يمكن اعوضها ..
وهموت من الحسره ...
تلامس باصابعها كتفيها :
بعد الشر عليك ..
وعادت تداعب خديه :
ولو قولت لك على الحل ...؟
تدينى كام ..؟
اتسعت عيناها وهو لا يصدق ويشير
برأسه لها :
وانتى عندك الحل ..!
أومأت : ايوه ..
الحل اللى هيخليك تكسب كل حاجه ...
ومتخلهمش يطولوا لا ابيض ولا اسود ..
لكن هاخد مقابل الحل ده عشر ملايين ..
وطبعا مش حاجه قصاد اللى هتكسبه
لم يصدق مصطفى وهو يتراجع للوراء فى
ذهول يصرخ : عشر ملايين ..
وعاد يتلجلج فى الحديث :
ده ...ده ...مبلغ .... كبير
كبير اوى ..
تضحك بشكل جنونى ليصرخ
وهو يلامس باصابعه شفتيه
يقول فى خوف :
وطى صوتك حد يسمعنا ..
تكمل ضحكتها :
قولت إيه ..؟
موافق على العرض ..؟
مصطفى فى تعجب :
وهتخلصينى ازاى
من المشكله دى كلها بالسهولة اللى
بتحكى عليها ..؟!
ترفع رأسها نحوه فجأة وبنظرات
شيطانيه تقول :
مفيش ..هتعمل حاجه بسيطه جدا ..
مصطفى فى شغف ولهفه يهتف
: هعمل إيه ...؟
تتسع عين شمس برهان بشكل مخيف
كالشيطانه وهى تقول فى ثقه تامه
: تقتل محاسن ..
محاسن جدتك ...
واللى فى بطنها ...
تعليقات
إرسال تعليق