رواية
سكان
القمر
الجزء 26
تأليف الكاتب محمد أبو النجا
ظل سليم بكل
جنون يهتف ويصرخ
ويشير إلى
صدره بيده وهو يقول
بأعين تسكنها
الدموع :
أبنى ..
ده ابنى
ياصفوت ..
مط صفوت شفتيه
وهز رأسه وهو
ينظر للصوره
قائلاً :
أولا أنا
مبصدقش الصور ولا القصص
دى ..
يجوز مجرد ضجه
اعلاميه فقط ..
عن حدث مش
موجود أصلاً ..
ينفى سليم فى
حزن :
صدقنى أنا
متأكد من كلامى ..
دى صورة واحد
من أولادى ..
أولادى التوءم
..
يتنهد صفوت :
أهدى بس وخلينا نتكلم بالراحه ...
وبالعقل وبالمنطق ...
على أساس كلامك وحكايتك ..
انك بتقول
انها ولدت فى بيرو صح ..
أومأ سليم
رأسه قائلا :
أيوه ..
يرفع صفوت
الهاتف عالياً :
طب الطفل ده
فى البرازيل ..
موجود في
البرازيل مش بيرو ..
دا الخبر
بيقول كده ..
يسود الصمت
للحظات قبل أن
يجيب سليم :
مفيش غير إنه
عبر الحدود ..
عدى بأى طريقه
..
عبر من بيرو
للبرازيل ..
صفوت بهدوء
ينفى بيده : صدقنى
كل كلامك ده
مش دليل ومش منطقى
غير إن ..
بتر عبارته
وصوت فتح الباب يصدر فى
المكان ودلف بعدها مصطفى نحو الداخل
يقول وبين أصابعه سيجاره
: فى
إيه ..!!
أنا سامع صوتكم عالى ..
وصلنى لحد المكتب ...
أشار سليم بيده نحو هاتف صفوت يقول
فى لهفه : ابنى
ابنى يا مصطفى ..
لقيت واحد من أولادى ...
عقد مصطفى حاجباه وهو ينفث دخان
سيجارته فى تعجب شديد
: ابنك ..!!
ابنك ده ايه ..!!
يرفع مصطفى الهاتف نحو وجه مصطفى
الذى نظر إلى صورة الطفل يقول
: مش فاهم ..!
صفوت بصوت حاد :
اخوك سليم بيقول إن دى
صورة واحد من عياله التوءم
ومصمم على كده ..
مصطفى فى غضب :
انته مش هتبطل
كلامك وقصصك الغبيه دى ..؟
سليم فى صوت مختنق حزين
: أنا قولت لك
إن ريمونا جابت توءم ..
توءم ازرق اللون ..
ودى صورة واحد منهم
من ولادى ..
انا متأكد ...
صدقونى ..
صفوت :
دى صورة ولد موجود في البرازيل
مش فى بيرو ..
مصطفى فى
صرامه :
كلنا عارفين
إن من ساعت ما
طلع النت ده واحنا
عاملين نسمع
فى قصص غريبه
وصور كلها
متفبركه ..
وبلاوى زرقه
...
زى الطفل ده
...
هز صفوت رأسها يتنهد :
هو ده نفس
الكلام
اللى قولت
هوله ....
سليم فى يأس :
مفيش فايده
واضح انكم مش
هتقتنعوا بكلامى ..
أنا لازم
اسافر بنفسي ..
لازم اروح
البرازيل ..
عشان ا..
يقاطعه مصطفى
فى إنفعال حاد
وغضب عارم :
تروح فين يا
جدع انته ..!!
مش هتبطل جنان
..؟
مش كفايه اللى
حصل ..؟
مراتك واختفت
ومش عارفين مصيرها ..
والدنيا
مقلوبه عليها ..
وانته جسمك
قدامه شهر كمان لما يطيب
وترجع زى
الأول ..
وجاى تقولى
عايز تروح البرازيل عشان
صورة ولد ازرق
...
بجد انته
مستفز ...
ومجنون رسمى
...
سليم فى تحدى
واضح :
مفيش اى قوة
هتمنعنى اسافر
عشان ارجع ابنى ..
اى قوة ..
وعاد بأعين
ونظرات قويه يكمل
: أو أى شخص
..
صفوت فى غضب :
يابنى اللى
بتقوله ده مش منطقى ..
انته بدور على
ابره فى كوم قش ..
هتوصل ازاى
للطفل فى البرازيل ..؟
أمر مستحيل
..!
ولو وصلت له
وده مش ممكن طبعاً ..
هتقدر تاخده
من هناك ازاى ..
وكمان ترجعه
..
ده غير ..
يقاطعه مصطفى
:
ده غير كمان الفضيحه الكبيره
اللى ممكن تحصل لو قدرت تجيب
الواد ده هنا
..
هتقول للناس
ايه ...!!
ومتنساش إن
عليك العين من ساعة
ما اتجوزت
ساره سمير ..
وفى ناس كتير
مستنيه أى خبر أو
حاجه عنك أو
معلومه عنها ..
وعن سر
إختفاءها للمره التانيه ...
وشوف ساعتها
الفضيحه اللى هتحصل ..
لو قدرت وجبت
الواد ده ..
رغم أنى
استبعد ..
هز صفوت رأسه
يقول :
مصطفى عنده حق
ياسليم
فى كل اللى
بيقوله ..
سليم فى تحدى
وإصرار أكثر يقول
: أنا مش هرجع
عن اللى قولته ...
هسافر
البرازيل ..
يعنى هسافر ..
وهجيب ابنى
...
يعنى هجيب
ابنى ..
مهما كلفنى
الأمر ..
ومش هتراجع عن
اللى قولته ...
وساد بعدها
صمت كبير ...
لينصرف بعدها
مصطفى وصفوت ..
فى ضجر وسخط
..
ويبقى سليم
وحده ...
لا يشغل قلبه
ولا عقله سوى
أمر واحد ..
أن يسترجع
صغيره المفقود ..
وبأى ثمن ...
*************
(بعد اسبوع )
مطار القاهره
مصافحه حاره من سليم
لرجل فى بداية
العقد الرابع من عمره
قوى الجثه ...
طويل القامه
..
عريض الجسد
...
يرتدى قبعه سوداء كبيره ..
ذو شارب ضخمه
..
يبتسم بوجه
ممتلىء يقول
: صباح الخير
يا استاذ سليم ..
اظن مواعيدى
مظبوطه ..
يبادله سليم
الابتسامه بشكل باهت
وهو يتحرك معه
عبر صاله المطار يقول
: انا سمعت
عنك كتير
استاذ صادق نبيل
كنت متخيلك
بصراحه عجوز ورفيع
لكن مكنتش
متخيل انك شاب
وكمان واضح إن
جسمك رياضى ..
اخذ صادق يزيد
ابتسامته
وهو يحمل
بيمينه حقيبه بنية اللون
من الطراز القديم يقول :
على فكره ...
انا واخد أكثر من بطوله فى لعبة
الجودو ..
بالاضافه أنى
بعشق لعبة التنس
والسباحه ..
والخيل و ..
قاطعه سليم :
ممتاز كل ده
يا استاذ صادق
المهم انك
تنجح فى المهمه
اللى أنا كلمتك عنها ..
انك تساعدنى فى العثور على
الطفل ...
هز صادق رأسه
:
متشيلش هم
استاذ سليم ...
أنا جمعت
معلومات قيمه وبحثت
كويس جدا فى
الموضوع ..
واوعدك فى اقل
من اسبوع هنوصل
لمكان الطفل
..
دى طبيعة شغلى
..
ومفيش مهمه
قبل كده
فشلت فيها ...
او خسرت ..
يضع سليم راحت
يده على صدره :
وأنا أوعدك
هتاخد منى مكافأة
كبيره ..
متحلمش بيها ..
صادق : انا وعدتك ..
سليم : وانا كمان وعدتك ..
وعاد يدور برأسه فى المكان يقول :
كلها ساعه وربع والطياره هتطلع ..
يالله بينا ..
وبالفعل بعد الوقت الذى قاله سليم
بدقيقتين فقط ..
كان يجلس فوق مقعده داخل
الطائره ..
و يغلق عينيه ويتذكر كل ما حدث
ومر به ..
لقد كان فى بادىء الأمر لا
يصدق ريمونا ..
بل كان تقريبا يكرهها ...
ويرفض فكرة تصديق حملها منه ..
لكن حين رؤية صغاره شعر بإحساس
لم يعهده من قبل ..
بالحنين ..
لقد أحبهم ..
بل عشقهم ....
حتى وإن اختلفت ألوانهم ..
فهم منه ..
كل هدفه وحلمه الآن أن يصل لصغيره
الذى شاهد صورته فى البرازيل ..
ان يصل له ...
ويعيده إلى أحضانه ..
فجأة يشعر
بذلك الجسد الذى ألقى نفسه
فى المقعد
المجاور له ..
ليفتح عينيه
قبل أن يتراجع فى صدمه
وهو يصرخ فى
صدمه :
فقد كان ذلك الزائر مفاجأة
لم يتخيلها ...
أو يصدق وجوده داخل الطائره ...

إضغط فى الأسفل للوصول لأى جزء من رواية سكان القمر
تعليقات
إرسال تعليق