رواية سكان القمر
الجزء 11
تأليف الكاتب محمد أبو النجا
لم يعرف سليم سر ذلك الشعور الغريب
الذى جعله يتوقف أمام سجن تلك الفتاة
..
أو قفصها الحديدى ..
الأسيرة داخله ..
لا يعلم سر تلك الرغبه في معرفة من
تكون ..!
وما هى قصتها ..
تبدأ فى النظر نحو عيناه ليذيب قلبه
مع سحرها ليقول بصوت خافت
: أنتى اسمك ايه ...؟
لتجيبه بصوت حالم : أسمى شمس ..
شمس برهان ...
يشير سليم نحو صدره :
وأنا سليم ..
سليم عبد البديع ...
وعاد يشير بسباته نحوها
انتى منين ..؟
وبقالك قد ايه هنا ....؟
وجيتى ازاى المكان ده ..!
شمس بأعين حزينه : أنا مصريه ...
لكن بقالى قد ايه هنا معرفش ..
لكن كتير ...
كتير اوى ..
سليم : وايه اللى جابك هنا ...؟
تتنهد فى حزن : قصه طويله
مش عارفه لو كان فى وقت احكهالك
والاه
لاء ..
وجودك هنا خطر ..
انته لازم تمشى .. بأسرع
وقت ..
سليم : انا جاى هنا عشان جدتى ..
جاى أخرجها من هنا ..
تنفى برأسها فى حزن ويأس :
مستحيل ..
مستحيل تقدر على خروج حد من هنا ..
ينظر لها فى إصرار :
أنا لا يمكن ..
تقاطعه :
السجن هنا اللى أحنا فيه متقدرش
تساعد أى حد على الخروج
أو الهروب منه ..
ينظر فى دهشه وهو يقول :
يبقى متعرفنيش أنا هعمل المستحيل ...
هكسره ..
هنسفه ..
تنفى من جديد براحت يديها
فى وجهه : قولت لك مش ممكن
السجن هنا قفص ملوش باب ..
يتراجع وهو يتفحص القفص
لينتبه فعلًا لما تقوله ...
لقد
كانت على حق ..
وهى تكمل حديثها
:
ملوش باب نخرج منه ..
يأخذ شهيق طويل :
اومال دخلتى فيه ازاى ..
ترفع رأسها نحو الأعلى
القفص حطوه بأديهم الضخمه وبقوتهم
علينا ...
زى
الغطا التقيل فوق الطعام مثلًا ..
آسفه
فى التشبيه ..
لكن هو
ده اللى حصل ..
يعقد حاجبيها فى صدمه :
يعنى لو رفعت القفص ده
تقدرى تخرجى ..!
تنفى فى حزن :
محدش يقدر يشيله غيرهم
انته مش شايف وزنه ...
مستحيل ..
ده تقيل جدا ..
يطلق زفير قصير :
غريبه اوى ..!
وعاد يقترب ويمسك بيمينه القضبان
لقد كانت على حق ...
لا يمكنه زحزحة ذلك القفص الثقيل
للغاية ..
خاصتا أنه يملك يد واحده
والأخرى بها الجوهرة الزرقاء ..
نظرت له شمس فى حزن :
مش قولت لك مفيش فايده
أنا انكتب عليه اعيش واموت هنا ..
ينفى فى تحدى صدقنى :
أنا هعمل المستحيل عشان تخرجى
لازم تخرجى انتى وجدتى ..
تنظر له فى حزن :
حتى لو خرجت اكيد مش هلاقى
أهلى ولا اى حد من زمنى ..
ينظر لها فى تعجب شديد قائلًا
: انتى قولتى انك مصريه ..!
أومأت برأسها : أيوه ..
سليم فى حيره :
من أى زمن ...؟
شمس فى هدوء وبصوت ناعم :
اكيد الزمن بنا بعيد ..
أنا اتولدت سبمعيه تلاته وتلاتين
ميلاديه
يتراجع سليم فى قمة الذهول الرهيب
لا يصدق ما يسمعه وهى تكمل :
وجيت هنا وعمرى تقريبا سبعاتشر سنه ..
سليم فى ذهول تام لا يصدق
ما تقوله ليشير نحوها بسبابته
: انتى من القرن الثامن ..!
أنا مش مصدق ولا مستوعب ...!
مش ممكن ..!
تبتسم فى سخرية :
يعنى هو وجودى هنا ووجودك
اللى
منطقى ..
أو كان ممكن تصدقه فى يوم ..!
سليم فى تعجب شديد : أنا حاسس
أنى بحلم ...
مش ممكن ..
أنا بعدك بقرون كتيره ...
بعشرات السنين ..
انتى من زمن بعيد ..
بعيد اوى ...
تتراقص الدموع فى عينيها :
عشان كده بقولك رجوعى حتى
لو كنت بتمناها فهو مؤلم ...
لأن كل أهلى وعشيرتى واصحابى
انتهو ..
وماتوا
..
وانته لو فضلت اكتر من كده هنا
ممكن تبقى زى ..
لازم ترجع بلدك ..
وزمنك .. وناسك
...
وتنسي كل اللى حصلك هنا ...
بدل ما تخسر كل حاجه ..
وتموت
أو تبقى أسير زى ..
أنا معرفش انته بتقدر توصل هنا ازاى ..
وإيه هيه الطريقه لكن
أكيد الطريقه مش مضمونه ..
وممكن سومار يشم دمك ...
وممكن تلاقيه فى الطريق دلوقتى
عشان يفترسك
سليم : تقصدى المخلوق المفترس
الضخم اللى شبه الذئب ..
هزت رأسها : أيوه ..
سليم : لكن انتى بتاكلى ازاى ..
وانتى سجينه كده ..
أنا مش فاهم عايشه ازاى
طول المده الطويله دى ..
بالشكل
ده ..!
تتنهد وتنظر له فى حزن :
مفيش وقت
للكلام ياسليم لازم تمشى ..
لازم ...
وجودك هنا خطر ..
و..
بترت عبارتها وهى تسمع صوت
زئير مرعب ..
زئير سومار ..
المخلوق
المفترس الضخم الكبير ..
لتشير له فى خوف مش قولت لك ..
مش حذرتك ..
وعادت ترفع سبابتها اهرب ..
أهرب من هنا بسرعه ...
ينظر لها سليم هرجع لك ..
هرجعلك ياشمس ..
وعاد ينطلق قبل أن ينظر إلى جدته
محاسن الجالسه فى صمت وسكون
تنظر له فى تعجب
وهو يقول :
كنت جاى اخلصك من هنا ..
لكن مفيش نصيب ..
هرجع لك تانى ..
هرجع لك يا جدتى ..
تنظر له فى غضب :
برضه هيقولى جدتى ابن المجنونه ده ..
وعاد سليم يكمل انطلاقه
وأقدامه تسبق الريح ...
نحو الثقب الذى قفز منه المره السابقه
ويلقى بجسده عبره يسبح فى الهواء
للحظات قبل أن تسقط الجوهره من يده
بسبب شىء لا يعلمه كلما سقط
من ذلك الثقب ...
ويستيقظ ..
كان قلبه هذه المره يخفق بقوه ...
بقوه لم يعدها من قبل ..
قوة لم يشعر بها ..
ومشاعر لم يتذوق طعمها من قبل ..
تجرعها بتلك الأعين الجميله
التى ليس لها مثيل ..
لفتاة بدأ قلبه يدق من أجلها ..
فتاة من زمن آخر ...
تسكن سجينه فى عالم آخر ..
بعيد
عنه ..
وعن
كوكبه ...
فتاة تدعى شمس ...
شمس برهان ...
لينظر للمؤشر الذى أحضره ليعلم
كم من الوقت قد استغرق ...
يومين ونصف ..
لقد مر على نومه هنا
وذهابه إلى القمر يومين ونصف ..
نائم
بلا طعام أو شراب ..!
أمر مذهل ..
وبدأ يفكر بجنون ..
بجنون لم يعهده من قبل ..
على أن يجد طريقه يعيد بها
شمس ..
وجدته محاسن ..
لكن كيف ..؟
كيف يمكنه فعل ذلك ...؟
الأمر أشبه بالمعجزة ...
وتقترب من عقله تلك الفكره الجنونيه
...
الفكره المستحيله ...
وبدأت تتكون فى عقله ...
وبدأ يستعد لتنفيذها ..
فقد كانت فكره جنونيه ..
جنونيه إلى أقصى حد ..
تعليقات
إرسال تعليق