القائمة الرئيسية

الصفحات

رواية
 
سكان القمر
 
الجزء 17

 

تأليف الكاتب محمد أبو النجا


 

تجمد الجميع فى صدمه يتبادلون نظرات

 

الدهشه والصدمه داخل حجرة سليم

 

فى الفيلا ...

 

لا توجد كلمات تقال ..

 

صمت طويل وأجساد متجمده ...

 

كالتماثيل الحجريه ..

 

بلا حركه ..

 

قطع كل هذا صوت سليم ليرتجف

 

 معه قلوبهم وهو يقول :

 

 ‏حمد الله على سلامتكم ..

 

دى اوضتى داخل الفيلا بتاعتى ..

 

لكن لم يجيبه أحد ..

 

وهو يكمل وجسده يدور حولهم :

 

 أنا عارف أن الموقف غريب ..

 

وأعتقد أنه محصلش قبل كده ..

 

ولا هيحصل ..

 

تبتسم ريمونا تشير إلى نفسها :

 

بالنسبه لى عادى جداً ..

 

أنا مش أول مره أوصل الأرض ..

 

سليم : ممكن تتفضلوا معايا ...

 

تعالو اعرفكم باخويا مصطفى ..

 

أكيد مش هيصدق اللى حصل ..

 

مش هيصدق وجودكم هنا ..

 

خرج سليم من حجرته يهتف وينادى بصوت

 

مرتفع بإسم أخيه ...

 

لكن لم يجيبه أحد ..

 

لم يجيبه سوى الصمت ...

 

كان الثلاثه يتبعونه فى هدوء إلى بهو الفيلا ..

 

إلى أن توقف بخطواته وصوته

 

ثم ألتفت نحوهم ورفع كتفيه :

 

واضح إن مصطفى مش موجود

 

ثم عاد يتحرك نحو جدته محاسن التى

 

يسكن ملامحها خيوط الخوف والصدمه

 

وهو يقول : تعالى معايا ياجدتى

 

وجذبها من يديها نحو حجره جانبيه

 

فتحها كانت انيقه وكبيره ..

 

ذات فراش ذهبى اللون ...

 

أعلاه صوره ضخمه ..

 

تحمل وجه جده عبد البديع ..

 

ليخفق معها قلب محاسن وهى لا تصدق

 

لقد كانت ملامح زوجها فى مرحله عمريه

 

متقدمه فى السن

 

 يرفع سليم سبابته يشير نحوه :

 

 ‏دى صورة جدى ..

 

جدى عبد البديع الله يرحمه ودى اوضته ..

 

مع نهاية حروفه كانت محاسن تنفى وهى

 

تصرخ : مش ممكن ..!

 

مستحيل ..!

 

 انته كداب ..

 

كداب ..

 

عبد البديع عايش ..

 

انته مجنون ...

 

مجنون ..

 

تتراقص الدموع فى أعين سليم قائلا :

 

أنا عارف إن الموقف صعب ..

 

ومؤلم ..

 

وحاسس بيكى وبحجم الألم اللى جواكى ..

 

لكن هى دى الحقيقه يا جدتى ..

 

انتى فى زمن غير زمنك ..

 

انتى بالنسبه ليكى الزمن واقف من عام

 

1968 لكن احنا دلوقت فى نهاية 2007

 

وعارف وبعذرك ...

 

اللى حصل لك أمر العقل ميستوعبوش ..

 

لكن أنا عندى ادله كتير ممكن اقدمهالك ..

 

وعاد يتحرك نحو دولاب خشبى يفتحه

 

ويصدر معه صوت قوى ويظهر داخله ارفف

 

كثيره بالملابس ...

 

 يمد يده يخرج من بينهم صندوق كبير قديم

 

يجذبه ويضعه على طاوله خشبيه

 

ويخرج منه البوم صور ...

 

يرفعه نحوى جدته وهو يقول :

 

دى صور لينا كلنا وليكى انتى كمان ..

 

ولوالدى شريف الله يرحمه ..

 

وعاد يفتحه وهى تشاهد فى ذهول الصور

 

وتنفى لا تصدق حديثه ..

 

وعاد يخرج اوراق كثيره تحمل شهادات

 

ميلاد له ولاخيه ولأبيه

 

حتى وصلا إلى تلك الورق الصفراء القديمه

 

التى تحمل قسيمة زواج جده عبد البديع

 

منها ..

 

لكن محاسن ظلت تبكى وهى تتراجع

 

: أنا عايزه اروح بيتى ..

 

ولولادى ..

 

ولجوزى ..

 

كل اللى بتقوله كدب ...

 

كدب ..

 

لا يمكن يكون جوزى وعيالى ماتوا ..

 

لا يمكن اكون فى زمن غير زمنى ..

 

ينفى سليم عمتى شاديه لسه عايشه

 

لكن كبرت فى السن ومريضه جدا ..

 

ومرضها زاد لما عرفت وفاة جدى

 

واكيد لو شافتك هتموت من الحسره

 

لأنها هتشوف أمها اصغر منها ..

 

تصرخ محاسن وهى تبتعد تحاول الخروج

 

من المكان وسط صدمه شمس وريمونا

 

المتجمدان بلا حركه ..

 

بلا أى كلمه ...

 

يحاول سليم اللحاق بها وهو يصرخ

 

ليمنعها من المغادره :

 

عشان خاطرى ياجدتى اسمعينى ..

 

وصدقينى ..

 

لكن محاسن لم تستمع أو تلتفت له ..

 

كانت تتجه صوب باب الفيلا تتوقف

 

وهى تمسح دموعها تبحث عن وسيله

 

تفتح بها ذلك الباب الغريب ..

 

يتوقف بجانبها سليم يتوسل إليها فى حزن

 

: عشان خاطرى ياجدتى بلاش تخرجى ..

 

هتروحى فين ..؟

 

تهب فيه جدته فى جنون تصرخ

 

: همشى من هنا هروح بيتى ...

 

يلتفت سليم نحو ريمونا يقول :

 

ريمونا من فضلك ...

 

خودى شمس وخليكم فى

 

اوضتى لحد ما ارجع لكم ..

 

وعاد يفتح باب الفيلا ويوقف جدته التى

 

تحركت للخارج مسرعه كالهاربه من شيطان

 

يقول : استنى يا جدتى هطلع عربيتى

 

وهوديكى بنفسي للبيت القديم ..

 

أو لأى مكان عايزه تروحيله ...

 

لكن محاسن لم تستمع له ..

 

كانت أقدامها تأخذها نحو باب الفيلا البعيد

 

الذى يؤدى للخارج ..

 

ومع اول خطواتها منه كانت تتجمد ..

 

وتتسع عيناها ..

 

كانت ترى اشياء لم تعهدها عيناها من قبل

 

تجمدت من الخوف والصدمه

 

ولم تستطع الحركه ..

 

تدور بأعين زائغه وانفاسها متسارعه ..

 

وقلبها يخفق فى قوة ..

 

فجأة تجد سليم أمامها بسيارته

 

يضرب مكابحها ويفتح بابها يقول

 

وهو يشير بيده : اركبى ..

 

اركبى معايا ...

 

أنا هوصلك فى أى مكان تحبيه ..

 

لم تتحرك محاسن ظلت ساكنه ..

 

ليوقظها من شرودها صوته من جديد

 

 يقول : اركبى وثقى فيه ارجوكى ..

 

لم تجد محاسن بديل سوى أنها تحركت

 

تجلس إلى جواره ..

 

وانطلق بسيارته يشق طريقه ..

 

وهى تنظر وتدور برأسها فى كل مكان ..

 

كان من الواضح إختلاف كل شىء

 

من حولها ..

 

شعر قلبها وعقلها بذلك ..

 

لكنها لم تقوى على الإفصاح بشجاعه

 

عن ما يدور بخاطرها ..

 

ينحنى لحظتها سليم بسيارته ..

 

يقول وهو يقاطع الصمت بينهم :

 

أنا عارف إن كل شىء بتشوفيه

 

قدامك وحاوليكى جديد ..

 

وغريب عنك ..

 

أنا هوديكى على العنوان القديم ..

 

أنا عارف إنك مش هتلاقى أى حاجه من

 

اللى سبتيها وتعرفيها وقتها موجوده ..

 

اكتر من خمسين سنه كل شىء راح

 

إلا الباقيه الباقيه ودى قليله ..

 













ويتوقف فجأة أمام شارع واسع كبير

 

على جانبيه ابنيه ذات طوابق عاليه ..

 

يقول : هى دى الحاره القديمه ..

 

البيت بتاع جدى اهو ..

 

قصدى العماره اللى أصبحت مكانه ..

 

جدى اشترى الأرض دى كلها وبنى

 

عماره كبيره ..

 

تعالى انزلى يا جدتى ..

 

عادت محاسن تخرج وتتحرك بهدوء

 

وصمت وبأعين خائفه ..

 

وهو يقول :

 

 لو فى حاجه باقيه من زمنك

 

حاولى انتى بقى تفتكريها ..

 

لم تجيبه محاسن ..

 

كانت صامته لا تصدق ..

 

ولا تستوعب ..

 

وعادت تنفى : انته بتضحك عليه

 

دى مش الحاره اللى كنت ساكنه فيها

 

ولا ده الشارع ..

 

انته جايبنى فى مكان تانى وبتخدعنى ..

 

يتنهد سليم وهو ينفى

 

: وهخدعك ليه بس ...

 

محاسن : لأن مش دى الحاره ..

 

ولا دى ال ..

 

وعادت تقطع حديثها فجأة وعيناها تتسع

 

وكأنما وقعت على شىء ما ..

 

عادت تتحرك بخطوات مسرعه

 

وهو يتبعها فى تعجب وحيره ..

 

وهى تقترب من رجل كبير رفيع الجسد

 

 يجلس على كرسي قعيد ..

 

رجل تجاوز السبعين من عمره ..

 

تميل نحوه تتطلع إلى وجهه قبل أن

 

تتراجع فى صدمه وذهول حاد

 

وهى تصرخ : سعد ..

 

ينظر لها العجوز بنظارته السميكه

 

 فى حيره شديده يقول : ايوه سعد ..

 

إنتى تعرفينى منين ..!

 

ارتجف قلب محاسن وهى تنفى برأسها

 

وكأن الحقيقه بدأت تتسرب

 

 إلى قلبها وعقلها ..

 

 ‏وسليم يتبادل النظرات بينهم ويميل

 

 ‏نحو جدته التى تتراقص الدموع وتلمع

 

 ‏فى عينيها قبل أن تتساقط على خديها

 

 ‏وهى تقول :

 

 ‏مستحيل ..!

 

 ‏مستسحيل اللى بيحصل ..!

 

 ‏سليم فى حيره كبيره يقول :

 

 ‏أنتى تعرفيه يا جدتى ..؟

 

 ‏تعرفى الشخص ده ..؟

 

 ‏يتراجع سعد مع كلمات سليم ليردد

 

 ‏قائلا فى ذهول شديد :

 

 ‏ جدتك ...!

 

 ‏جدتك أزاى يابنى ....!

 

 ‏هزت محاسن رأسها وكأنها بدأت تخطو

 

نحو تصديق تلك الحقيقه المره

 

لتشير إلى نفسها تقول الى سعد

 

الجالس والقعيد على كرسى متحرك حديدى

 

: أنا محاسن ..

 

محاسن ياسعد ..

 

مش فاكرنى ..

 

بص لى كويس ...

 

ينفى سعد برأسه :

 

محاسن مين  ..!

 

لاء ... مش فاكرك ..

 

محاسن والدموع فى عينيه تشير بيديها

 

إلى جانب الطريق :

 

كان فيه هنا زمان دكان بقاله ...

 

كانت والدتك فاطمه واقفه و بتبيع

 

فيه بعد وفاة والدك ...

 

كان عمرك وقتها عشرين سنه

 

هز سعد رأسه : أيوه ..

 

الله يرحمها أمى ..

 

تشير محاسن باصابعها إلى نفسها :

 

أنا بقى محاسن ...

 

محاسن مرات عبد البديع اللى كانت

 

ساكنه فى البيت اللى قصادكم ..

 

مط سعد شفتيه وهو يغمغم ويضع

 

أصبعه على شفتيه :

 

 أنا مش فاكر ..

 

 ‏صدقينى مش فاكرك خالص ...

 

 ‏بس الشبه مش غريب عليه ...

 

محاسن فى إصرار :

 

نسيتنى ياسعد ...

 

 نسيت لما ...

 

يقاطعها سليم هذه المره

 

وهو يجذبها من ذراعها مبتعدا :

 

مفيش داعى للكلام ياجدتى ..

 

 تعالى معايا ..

 

كان سعد ينظر لهم بأعين يسكنها

 

الدهشه والحيره قبل أن تتسع فى

 

إنبهار رهيب فجأة ..

 

 ومحاسن تبتعد وكأنما تذكرها للتو ..

 

ليهتف فى جنون :

 

ست محاسن .. !

 

مش ممكن ..!

 

مش ممكن ..!

 

ست محاسن ماتت من سنين ..!

 

سنين طويله ..!

 

















اعوذ بالله ..

 

ايه ده ..!

 

عفريته ..!

 

شيطانه ..!

 

الله اكبر ..

 

الله اكبر ..

 

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ...

 

سلام قولا من رب رحيم ...

 

كان لحظتها سليم يجذب جدته ويدفعها

 

برفق داخل سيارته وهى تنهار باكيه ..

 

وتضع راحت يديها على وجهها ..

 

ويشعر سليم بالشفقه والحزن من أجلها

 

وهو يحاول أن مواستها يقول بصوت

 

يملؤه الحنان :

 

بلاش تبكى يا جدتى ..

 

ارجوكى ..

 

ترفع محاسن رأسها فى إنهيار تام

 

 من الدموع والحزن تقول :

 

 يارتنى مت ..

 

يارتنى مت قبل ما اشوف واعيش كل ده ..

 

أنا مش عايزه أعيش ..

 

واعيش ليه .. ولمين ..

 

لا ده زمنى ..

 

ولا اعرف فيه أى حد ..

 

خلاص مش لاقيه جوزى ولا عيالى ..

 

ولا البيت اللى كنت ساكنه فيه ..

 

كل شىء غريب عنى ..

 

حتى انته ..

 

ينفى سليم فى حزن وقد شعر بقلبه يتمزق

 

مع حديثها لينفى :

 

 لاء ..

 

لاء يا جدتى ..

 

أنا اهلك ..

 

أنا ابن شريف ..

 

ابن عبد البديع ..

 

أنا دمهم ..

 

أنا حفيدك ..

 

هى دى الحقيقه ..

 

أنا طلعت مخصوص القمر عشان ارجعك ..

 

أنا مخفتش من الموت وجازفت عشانك ..

 

عشان ..

 

رغم إنى عمرى ما شفتكيش ...

 

لكن فى النهاية جدتى ..

 

فى ال ..

 

يقاطع صوته رنين هاتفه ..

 

وتتراجع محاسن مع صوت الرنين

 

وسطوع ضوء شاشته ..

 

فى خوف ودهشه عارمه من أمره ..

 

وتعجبها من هذا الشىء الغامض الغريب

 

عنها وعن زمنها ...

 

لينظر سليم  إلى رقم وصورة أخيه مصطفى

 

قبل أن يقول مصطفى :

 

 أنته فين ..؟

 

أنا ..

 

ليعود للصمت من جديد وهو يستمع لصوت

 

مصطفى أخيه الثائر ..

 

ويصرخ دول : شمس وريمونا

 

أنا رجعتهم ..

 

أنا ..

 

عاد للصمت وهو يصرخ فى جنون :

 

 ليه عملت فيهم كده ...!

 

ليه ..؟

 

ليه يا مصطفى ..؟

 

فقد كانت مفاجأة جديده لم يتوقعها ..

 

مفاجأة ما فعله مصطفى بشمس وريمونا

 

 عندما وجدهم داخل الفيلا حين عودته ..

 

 ‏وفى غياب سليم عنهم ...

 

مفاجأة صادمه ...


إضغط هنا الجزء 18


 

  إضغط فى الأسفل للوصول لأى جزء من رواية سكان القمر 














 إضغط هنا الجزء 21

 إضغط هنا الجزء 22

 إضغط هنا الجزء 23

 إضغط هنا الجزء 24

 إضغط هنا الجزء 25

إضغط هنا الجزء 26

إضغط هنا الجزء 27

 إضغط هنا الجزء 28

 إضغط هنا الجزء 29

 إضغط هنا الجزء 30

 إضغط هنا الجزء 31

 إضغط هنا الجزء 32

 إضغط هنا الجزء 33

 إضغط هنا الجزء 34

 إضغط هنا الجوء 35

 إضغط هنا الجزء 36

 إضغط هنا الجزء 37

 إضعط هنا الجزء 38

 إضغط هنا الجزء 39

إضغط هنا الجزء 40

إضغط هنا الجزء 41

 إضغط هنا الجزء 42

 إضغط هنا الجزء 43

 إضغط هنا الجزء 44

 إضغط هنا الجزء 45

  إضغط هنا الجزء 46

 إضغط هنا الجزء 47

 إضعط هنا الجزء 48

 إضغط هنا الجزء 49

إضغط هنا الجزء 50

إضغط هنا الجزء 51

 


هل اعجبك الموضوع :

تعليقات