رواية السرداب
الجزء 38
تأليف محمد أبو النجا
كانت مفاجأة من العيار الثقيل
وهو يرى آخر شىء ممكن أن يتوقعه
العقد ...
العقد الذى وجده يوماً فى القصر ...
يراه الآن فى الصوره على رقبتها ...
ما معنى هذا اللغز الجديد ...؟
كيف
وصل إليها..
الخيوط أصبحت متشابكه ...
ومعقده لأقصى الحدود ..
يشعر بأنه يحتاج للحديث
مع مروة من جديد ...
لابد أن يقوم بمقابلتها فى الصباح
ولا يعلم سر تلك الرغبه
فى مقابلتها..
*********
داخل المكتبه
يخطو خالد نحو حجرة مروة
ويطرق بابها
وتسمح له مروه بالدخول
ويبتسم قائلاً : آسف لو جيت من غير معاد
تعتدل مروة واقفه وتترك ورقه بين
أصابعها على سطح المكتب :
خالد..!
تعالى ياخالد اتفضل ...
يجلس خالد أمامها وينظر للصورة
المعلقه ويشير لها
: صوره جميله اوى ..
تنظر مروه وتهمس : أيوه دى صورة
عالميه شهيره ل (بيكاسو)
خالد : مين بيكاسو ..؟
مروة : ده فنان اسبانى شهير ..
المهم مش موضوعنا
إيه الأخبار مفيش جديد ..؟
خالد : لاء انا حبيت اعدى ادردش
معاكى شويه
مروة : عايز تقول حاجه ..؟
حاسه كده ..
خالد : عايز أعرف الفترة الأخيرة
قبل اختفاء شاكر
كانت ازاى..؟
كان بيقعد وبيتكلم مع مين ..؟
ملاحظتيش أى حاجه غريبه ...؟
مروة : لاء ..كان عادى جداً ..
بس كان بيقابل عمر كتير ..
وديما بيتصل بيه ويتكلموا وقت طويل
خالد : واضح ان كان في حاجه شغلاهم ...
مروة : معرفش ..
خالد : طيب مسمعتيش حاجه بخصوص
السرداب ..؟
مروة : لاء بس عايز الصراحه ..
خالد : ياريت
مروة : أنا مش مصدقه ولا كلمه من كلامك
بخصوص السرداب والقصر ..
والحكايا اللى قولتها مش منطقيه
بس
تنفع رواية تحفه..
خالد : طب هستفيد إيه لو كدبت عليكى ..؟
مروة : ممكن اتكلم من غير ما تزعل
خالد : اتفضلى
مروة : ممكن تكون مريض ..
خالد : ازاى
مروة : بالجنون
خالد : هو فيه مجنون بيقول انا مجنون
مروة : ممكن مش حاسس بمرضك ..
خالد : وإيه نوع المرض اللى تقصديه ..
مروة : مثلاً عقلك مغيب بيعيش قصص
من الخيال
بتحب افلام الرعب
وبتتقمصها وتعيش جواها
خالد : هو انتى شوفتى فلم رعب زى
اللى قولت هولك
مروة : بصراحه ..خيالك واسع خصوصاً
فى ريم المحبوسه واللى بتقابلها
وبتفتح الباب عن طريق
قتل شخص مجهول ..
بالدم
الطازج بتاعه...
هنا بقى قمة التناقض بين الرومانسيه
والرعب البشع
خالد : بس دى الحقيقة
مروة : قصدك الوهم ..
خالد : بس انا شوفت شاكر وعمر ...
مروة : يجوز بالفعل كانوا اصدقائك
وعقلك رسمهم فى قصة
وتخيلها
بشكل
محصلش وملوش وجود
خالد : هو العقل ممكن يعمل كل ده
ويتخيل شخصيات وحجات ويشوفها
بمنتهى الدقه ..؟!
كلامك مش مقنع ...
ومش ممنطقى..
صدقين فى قصر
وفيه سرداب
مروة : مفكرتش تعرض نفسك على طبيب نفسي
يعتدل خالد واقفاً فى غضب :
انتى ليه مصممه إنى مجنون ..؟
مروة : هو اللى يروح للطبيب النفسي
مجنون...؟!
ياسيدى جرب يمكن تلاقى هنا
اللى بدور عليه...
يمكن ترتاح لم تتكلم معاه
خالد : طيب ممكن اتكلم انا بقى زيك
بصراحه من غير زعل
مروة : اكيد ..
خالد : انا كمان شاكك فيكى مش
بعيد تطلعى فى الآخر
لعبه ..
لعبه من السرداب
تضحك مروة : مش بقولك محتاج طبيب نفسي
يأخذ خالد نفساً عميق :
إظاهر كلامى معاكى ملوش لازمه ..
كنت متعشم نساعد بعض ..
مروة : أنا ديماً تحت امرك ...
خالد : عن اذنك أنا ماشى ...
تعتدل مروة من مقعدها : وانا كمان خلصت
معاد
شغلى ممكن توصلنى معاك بعربيتك
خالد : مش خايفه من الركوب مع مجنون
مروة تضحك : لاء ..
مدام هيرحمنى من زحمة الموصلات
خالد : ماشي ..اتفضلى ...
تستقل مروة السيارة بجانب خالد
الذى ينطلق يشق طريقه ..
مروة : معلش ممكن نروح مشوار قبل
ما توصلنى البيت
خالد : فين ..؟
مروة : محل هنا كنت موصياه على
حاجه هدفع الفلوس ونمشى
خالد : دانتى عملانى سواقك خاص بقى ..
تبتسم مروة : دقيقة بس وهرجعلك ..
يتنهد خالد : ماشي ..
اتفضلى يا استاذه تحت امرك
فى
إنتظارك..
تبتسم مروة مغادره وهو يجلس
داخل السيارة فى انتظارها
حتى عادة له من جديد : متاخرتش صح
خالد : المهم فيه لسه مشاوير تانيه..؟
مروة : مش عايزه اتعبك .
خالد : قولى خلاص منا بقيت
السواق الخاص ..
مروة لاء ..خلاص هروح على بيتى ..
فجأة صوت هتاف لشخص ينادى
( استاذ خالد ازيك )
يلتفت خالد لمصدر الصوت
لرجل بدين يمد يده بالسلام
يصافحه خالد من نافذة سيارته ..
الرجل : مش فاكرنى ...؟
خالد : لا والله ..
الرجل : أنا متولى رمضان ...
خالد : متهيألى سمعت اسم حضرتك
بس مش متذكر
الرجل : انا اللى كان عندى
قضية المزرعه من خمس سنين
عندك فى المكتب ..
خالد يرفع رأسه : أيوة ..أيوه افتكرت
..
متولى : بصراحه من يوم ما كسبت
القضية وانا شايل لك
الجميل ده فى رقبتى ..
مكنتش متخيل اكسبها ..
لولا كان معايا محامى كبير
وشاطر زيك
خالد : ربنا يخليك ياحاج متولى ..
متولى : اتفضل حضرتك شرفنى
البيت بتاعى قريب هنا ..
اتفضل ..والله معايا
خالد : ربنا يخليك ياحاج متولى
مرة تانيه ان شاء الله
متولى : انا رحت لحضرتك المكتب
من فترة لقيته مقفول
كان معايا واحد صاحبى عايزك فى قضيه
خالد : أه كنت مسافر ..
متولى : أنا سألت عليك وقبلت
واحد هناك قالى ان حضرتك
مجتش من مده طويلة ..
وزعلت جداً لما سمعت خبر وفاة
وليد اللى كان شغال معاك فى المكتب ..
يترك خالد حافة النافذه بيدة ويتراجع
وهو يصرخ : إيه اللى بتقوله ده ..؟
متولى : ربنا يرحمه شاب صغير ...
أتخطف..بدرى
ميغلاش
عن اللى خلقه..
يصرخ خالد ويهب فى وجهه :
ياعم استنى كده وليد مين اللى مات ..؟
متولى : أيوة ..
وليد المساعد بتاع حضرتك اللى
كان فى المكتب عندك
مات أنته متعرفش ..؟؟
يفتح خالد باب سيارته فى
قمة الذهول والدهشة
وجسده يرتجف ..
يصرخ فى وجه متولى :
إيه اللى بتقوله ده .. ؟
متولى :أنا مستغرب يا استاذ خالد
انته أزاى لحد دلوقت
متعرفش إن وليد مات ..؟
يسود صمت طويل بينهم
وخالد يقفز من جديد
لمقعد القيادة ينطلق فى سرعه جنونيه ..
ومروة تهتف : مين وليد ده ..!!
انته زعلت لما سمعت خبر وفاته ..
ينظر لها خالد دون حديث
وهى تكرر سؤالها
مالك مش بترد ليه ..؟
حصل حاجه ..؟
انته رايح بينا على فين...؟
ده مش طريق بيتى ..!
تصدق فيه مشوار فى الطريق
ده فكرتنى بيه ..
خالد يكمل طريقه فى سرعه جنونيه
دون أن
يعيرها أى إهتمام...
وهى تهتف : خالد حصلك كده ليه...؟
لما سمعت خبر وفاة وليد ..؟
خالد فى صوت متحجر صلب :
وليد ده كان معايا امبارح بالليل . ..
يرتجف جسد مروة مع جملته
وتتراجع فى فزع ..
وهو يكمل : شوفتى بقى اللى انا بشوفه
..
مروة : مش معقول طبعاً ..!
ده بيقولك مات من زمن ..!
ازاى انته كنت معاه امبارح..!
خالد : مش امبارح بس ده
هو مصدر كل معلوماتى
من يوم
ما رجعت...
مروة : مش معقول ..!
أنا مش مصدقه ..!
خالد : هو ده اللى حصل ..
مروة : طيب انته رايح بينا
على فين دلوقتى ...؟
خالد : هروح له بيته ...
مروة : مش بيقولك مات ..!
هتروح له البيت ازاى ..؟!
قصدك الترب ...
تروح تقرأ له الفتحه ..
يتوقف خالد وهو يهبط من السيارة
وهى تتبعه
يصعد إلى شقة وليد
ويقوم بطرق بابها بعنف
ومروة تقف إلى جواره ..
لكن لم يجيبه احد ..
يعود لتكرار طرق الباب
بقوة وبغضب ..
حتى فتح الباب المجاور له
وطلت منه سيده عجوز تنظر
بأعين
تكسوها التجاعيد :
بتخبط على مين يابنى ..؟
خالد : وليد ..عايز وليد ..
العجوز : وليد ..الله يرحمه يابنى
وليد مات
فى حادثة عربيه من سنه أو أكتر ..
يتجمد خالد فى مكانه من الصدمه
والذهول لا يصدق ما يسمعه ..
والعجوز تكمل حديثها :
بعدها ماتت امه بشهريين
من حزنها عليه ..
خالد يتراجع بظهره فى صدمه :
مش معقول اللى بتقوليه ده ..!
العجوز : كل الناس هنا تعرف اللى
بقولهولك ممكن تسأل وتتاكد بنفسك ...
هو كان صاحبك ...؟
واضح إنك مكنتش تعرف إنه مات
يتراجع خالد أكثر ويلتصق بظهره
للحائط من خلفه والعجوز تقترب :
ربنا يرحمه يابنى ويصبرك ..
وليد كان طيب ..
شاب ابن حلال ..
مش هيغلى على اللى خلقه ...
كلنا هنموت ..
يعود خالد يهبط السلم ببطء وضعف
وحزن وذهول
لقد كانت الصدمه هذه المرة أقوى ..
ويعود للجلوس داخل سيارته
ومروة تتابعه
وهو لا يتحدث ولا ينظر لها
تضع مروة
يدها على كتفه : خالد ...
رد عليه ...
يدور خالد برأسه لها ويبتسم
ساخراً : شوفتى
اللى كنت عمال اتكلم معاه من
اول ما جيت طلع شبح
طلع ملوش وجود ...
سراب ...
فجأة رنين هاتف خالد ...
يمسكه وينظر له
ويتراجع فى ذهول لا يصدق ..
لقد كانت مروة من تتصل به
يفتح خالد الهاتف ليستمع إلى صوتها :
ياعنى ادخل المحل
واقولك راجعه بسرعه تمشى وتسبنى ..
يسقط الهاتف من يد خالد
وهو ينظر إلى مروة الآخرى التى
معه فى السيارة التى تضحك
فى شكل مرعب ويتغير لون
عينيها وتتموج بجسدها وملامحها
فى شكل بلورى مخيف وتتحول إلى صورة
وليد ..
ويتموج من جديد لصورة ثانيه...
صورة رجل يعرفه تماماً ...
رجل
مخيف ...
ومريب
..
ناصر رزق ...
لمتابعة جميع أجزاء الرواية
إضغط هنا على الجزء المطلوب فى الأسفل
تعليقات
إرسال تعليق