رواية السرداب
الجزء
35
تأليف
محمد أبو النجا
بدا
خالد متجمداً وهو يحملق
فى هذا
الشخص الذى بين يديه
والذى كان يتبع خطواته..
لقد
كان آخر من يتوقع رؤيته ..
وبكل
غضب يمسكه خالد من صدره
وملابسه قائلاً فى غضب ودهشه : جمال...؟!
إنه
يتذكر ملامحه ويحفظها تماماً
جمال
خطيب زبيدة ..
أو من
كان خطيبها يوماً
كان
اللقاء الأخير بينهم يوم أن قتل زبيدة..
يرتجف
جمال بين يديه ويننصب عرقاً
يقول فى إرتباك : أنته تعرف اسمى منين ..؟
خالد
بصوت حاد : أنته ماشى ورايا ليه ..؟
جمال
: عايز اعرف انته مين ..؟
خالد
فى دهشة : تعرف انا مين يعنى إيه ...؟
جمال
: لم شوفتك فى الحارة وعرفت انك
بتسأل
عن دكتور عمر استغربت
وحبيت
اعرف انته مين بالضبط
وبتسأل
عليه ليه
رفع
خالد حاجبه الأيمن :
وانته مالك وعلاقتك إيه ..؟
جمال
: الدكتور عمر كان صديقى ..
خالد
فى ذهول يترك ملابسه ويبعده :
كان
صديقك...؟!
إيه اللى بتقوله ده..!
وأشار
بسبابته نحو صدره :
ودكتور
عمر هيعرف واحد زيك ليه ..!
جمال
: أيوه دكتور عمر الله يرحمه كان صديقى ..
خالد : دكتور عمر يعرف واحد بلطجى زيك ليه ..؟
جمال
ينظر فى دهشة : بلطجى ...!
أنا
بلطجى ..!
خالد
: أيوة ..
جمال
: أنا مدرس كمياء فى مدرسة ثانويه ..
ينفجر
خالد ضاحكاً بقوة ساخرًا :
مدرس
كميا ..!
إنته مدرس كيميا...؟!
جمال
: أيوة ..
خالد
: كداب طبعاً ..
أنته
بلطجى وكنت خاطب زبيدة
واتسببت
فى مأساه فى حياتها ..
جمال
فى تعجب : مين زبيدة ..؟
خالد : خطيبتك زمان نسيتها ..
جمال
: حضرتك انا متجوز من بنت خالتى
من عشر سنين ومسمهاش زبيدة
ومعرفش
حد بالإسم ده خالص
وأخرج
جمال من جرابه كارنيه
يمد له به قائلاً : شوف
ده كارنيه
عضويه فى نقابة المعليمن
يثبت إنى مدرس كمياء مش بكدب
ولا
بلطجى زى ما حضرتك بتقول
يلتقط
خالد الكارنيه ويقرأه
ويغلق عيناه فى قمة الذهول مما يسمعه
وهو
لا يفهم معناه أو تفسيره..!
الأحداث
والشخصيات تتبدل
يتغير
كل شىء كان يتذكره
ويتحول لجحيم وبركان من الذهول
يمد
خالد له بالكارنيه من جديد
قائلاً
بصوت هادىء :
طيب
انته ماشى ورايا ليه ..؟
ممكن
اعرف ..؟
جمال
: مش هخبى عليك انا بصراحه
مش مقتنع بالحادثة اللى حصلت للدكتور
عمر
كان ديماً عندى يقين
إن اللى
حصل ده جريمة ..
خالد
متعجبًا : جريمه يعنى إيه..؟
جمال
: يعنى الدكتور عمر اتقتل فى الصيدليه
شخص
حرق الصيدليه وهو فيها ...
خالد
: وانته بقى ماشى ورايا
على
اساس إنى قتلته ..
جمال
: لاء بس انا عارف كل اصدقاء عمر ..
لكن
انته معرفكش ..
ولا
عمرى شوفتك..
شكيت
بصراحه يكون ليك علاقة بال ..
يقاطعه
خالد : علاقة بقتله ..
جمال
: لاء مش قصدى اتهم حضرتك ..
بس أنا
بدور على اى خيط ..
أعرف
مين اللى قتل صاحبى
خالد
: إيه دليلك أو إحساسك أنه مات مقتول ..
مش يمكن
فعلاً الصيدليه اتحرقت بدون فعل فاعل
جمال
: إحتمال بس برضه معلش
انته
شخص غريب
ومعلش
من حقى كنت اشك فيك ..
لإنى
تقريبا عمرى ما شوفتك
مع الدكتور
عمر ....
بس برضه
مجاوبتنيش ..
خالد
: على إيه ..؟
جمال
: أنته عرفت اسمى منين ..؟
خالد
: مش مهم ..
دى قصة
طويله ملهاش لازمه اقولها ..
ومعنديش
طولت بال احكيها ...
جمال
: طيب معلش سؤال تانى
حضرتك
ليه قولت اول ما شوفتنى
إنى بلطجى ..؟
خالد
: بقولك إيه حل عن دماغى مش ناقصك
أنا
فيه اللى مكفينى بزياده ..
جمال
فى خجل : آسف ..
ينظر
له خالد ويعيد التفكير بهدوء ويحاول
إصلاح
أسلوبه الغليظ معه ليتراجع بصوت
حنون
: معلش استاذ جمال ..
أنا
آسف من أسلوبى وسامحنى
أنا
مريت بظروف صعبه
الفترة
اللى فاتت ..
وده
تعب لى اعصابى ..
جمال
: على كل حال متعرفتش بحضرتك ..
خالد
: انا خالد ..
خالد
أحمد محمود المحامى ..
جمال
: فرصه سعيده بحضرتك ..
وأنا
اللى آسف لو كنت أزعجت حضرتك
بالمراقبه دى ..
خالد
: شخص بيدور على حق صاحبه اللى مات
من اربع
سنين يبقى شخص جدير بالإحترام ..
يغادر
جمال المكان بعدها
مصافحًا خالد الذى يعيش لحظات من
الدهشة
العارمة ..
فلم
يعد يفهم اى شىء ..
أى شىء
مما يحدث حوله ...
*******
غروب
لشمس لا تظهر فى السماء
خالد
يعدو بين أشجار طويلة ..
وارض
من الطين المبلل
يتوقع
سقوطه فى اى لحظه ...
ولا
يعلم لماذا هو يركض هكذا..!
ومن اى شىء ..!!
لديه
إحساس بالخوف ...
وتتثاقل
أقدامه ونباح كلاب يأت من بعيد ...
لا
يدر فى أى إتجاه يسلك ..!
كل الطرق
متشابهه ...
صوت
النباح يقترب ..
والظلام
يزداد ..
يتعرقل
أكثر من مره
وقبل أن يعتدل كانت الكلاب تحيط به ..
كلاب
من وجوه بشريه مخيفه ..
شىء
لم يرى مثيل له من قبل ..
انياب
ولعاب يسيل ..
فجأة
تبدأ الكلاب فى الإنقضاض عليه ..
بمخالب
حاده ..
يصرخ
..
وهو
يغوص فى مستنقع..
تخرج
منه روؤس أفاعى سوداء..
ليصرخ
ويستيقظ
من هذا الكابوس البشع
ويعتدل
من فراشه وهو يشعر بالظمأ الشديد ..
فيشرب
حتى يرتوى...
ويعود فيلقى بجسده فوق الأريكه
يلتقط
أنفاسه ..
حتى
وقعت عيناه على جهاز الحاسوب
الخاص
به ...
فيتجه
ناحيته ..
ويبدأ
فى تشغيله ولا يعلم السبب
فى رغبته فى هذا الوقت من فتحه ..
والأغرب
أنه يقوم بمشاهدة فيلم قديم مضحك
لكنه
لم يضحك ..
أو يجد
الرغبه فى الضحك ..
ربما
حاول من خلاله الهروب من حالته
المزاجيه
والنفسيه السيئه...
نبضات
قلبه تعلو...
يستشعرها
...
كأنها
الأخيره ...
ويبدأ
فى فتح ملف الصور القديمة له ..
وتتساقط
دموعه...
تتساقط لرؤيته وجوه اختفت ولن تعود ..
أحباب
يتمنى أن يلقى بجسده المهموم بين أحضانهم
امه
وأبيه ..
يتمنى
لو باع عمره كل فى سبيل لحظة بين
احضانهم
وسماع صوتهم ..
أو نظرات
عطفهم ..
وحنانهم...
يغلق
عينيه ..
ويمسح
دموعه ..
فجأة
يقع عينيه على هذا الملف ..
ملف
سرى مغلق ببرنامج له كلمة سر ...
غريبه
أنه لا يتذكر هذا الملف ..
ولا
يتذكر كلمة السر
يبتسم
فى سخرية كأنما أعتاد
على
الغموض فى حياته
ليقول
فى حيره : غريبه أوى..
ملف فى جهازى ..
ومقفول
ببرنامج له كلمة سر..!
والأغرب
إنى مش فاكر كلمة السر دى..!
ومستحيل
حد تانى غيرى يكون عملها
غيرى
...
بس انا
مش فاكره خالص .
طيب
ليه معمول برقم سري ..!
أكيد
عليه حاجه مهمه .
لغز
جديد مش فاهم معناه ..
طيب
لو افترضنا الرقم السرى ممكن
يكون
إيه ..؟!
عيد
ملادى ..مثلاً ..؟!
أجرب
وأشوف...
ويبدأ
خالد فى عدة محاولات لفتحه
دون
جدوى ..
لقد
فشلت كل الكلمات والأرقام
التى
أقترحها عقله وادخلها لفتحه ..
آذن
الفجر ..
يتثاوب
ويعتدل يغلق الحاسوب
ويصلى
ويعود للنوم ..
وعقله
لا يكف عن التفكير
فى هذا اللغز الجديد ..
ماذا
يحمل الملف السرى المجهول ..!!
هل هو
مفتاح لحل هذا الغموض الذى يحيطه ..!
أم باب
آخر يشعل الأحداث ..
لكن
عليه أن يفتح هذا المف ..
وبأى
شكل ..
وبأى
وسيلة ...
**********
داخل
مكتب خالد ..
شىء
من الفوضى يصنعها
والكثير من الأوراق فوق الأرض
ويصعد
فوق مقعد خشبى يلامس طرف الدولاب
ويجد
صندوق مكتظ بالأوراق ويبدأ فى البحث ..
البحث
عن شىء لا يعلم ما هو ..!!
كان
يتنمى أن يصل لأى نقطة تضىء الدروب المظلمه
من الألغاز
التى حوله ..
ويبدو
أن كل تلك الأوراق لن تفيد ..
لم تكن
سوى ملفات لقضايا ..
والكثير
منها انته
ولا قيمة له
( إيه
اللى بيحصل ..؟)
يلتفت
خالد لمصدر الصوت ..
كانت مروة التى تلامس نظارتها
كالعاده
وتدور برأسها فى الحجرة :
معلش
آسف مقولتش صباح الخير
المنظر
خلانى ارتبكت ..
المكتب
كله متلخبط ..
يبتسم
خالد : كنت بدور على ورق لقضايا قديمة .
مروة
: لازم تدور على حد يساعدك هنا فى المكتب .
خالد
: هيحصل بس مش الوقتى
لم أحس إنى جاهز للشغل
من جديد
..
ووضع
حزمه من الوراق التى فى
يده على سطح المكتب
وهمس
لها : بس مقولتليش سبب الزيارة السعيده ..؟!
تبتسم
مروة : حبيت بس اطمن عليك ...
أصل
حسيت إن كلامى بخصوص
الشخص
اللى بيرقبك ضايقك ..
خالد
: على العكس ..
أنا
بشكرك لإنك لفتى نظرى
لحاجه زى دى ..
مكنتش
هلاحظها ..
مروة
: على كل حال ..
إن شاء
الله خير ..
خالد
: مش عارف اقولك اتفضل أقعدى
والمكتب
متلخبط كده والتراب فى كل مكان
مروة
: لا أنا ماشيه عل طول .
خالد
: لاء مش كل مره كده ..
عندك
مانع نشرب حاجه سوا
فى الكافتريا
اللى تحت ..
تبتسم
مروة : خليها وقت تانى ..
خالد
: عندك مانع نتكلم شويه سوا ..؟
أنا
بجد حقيقى
محتاج
اتكلم معاكى ..
مروة
فى دهشة : فيه حاجه ..؟!
خالد
: لا أبداً بس مخنوق شويه ..
مروة
: أنا مستعده طبعاً أسمعك ..
أحنا
أصدقاء صحيح من فترة قريبه ..
بس ما
يمنعش بجد إن ليك مكانه كبيرة عندى
خالد
: خلاص ممكن نتقابل الساعه
سبعه كويس
مروة
: هكون موجوده ..
وتبتسم
وهى تغادر وخالد يتابعها
ولا
يعلم السرالذى دفعه
فى طلبه مقابلة مروة ..
أو الرغبه
فى الحديث معها ..
كأنه يعرفها منذ زمن بعيد...
ولديه إحساس قوى..
أن مروة سيكون لها دور كبير
فى حياته...
لمتابعة جميع أجزاء الرواية
إضغط هنا على الجزء المطلوب فى الأسفل
تعليقات
إرسال تعليق