القائمة الرئيسية

الصفحات

 
السرداب
الجزء الثالث عشر
تأليف الكاتب المصرى / محمد أبو النجا

كان من الصعب على خالد تحمل هذا الضغط

 والكم من المفاجآت الغريبه التى تحدث له 

منذ توقيعه العقد على استلام القصر

لقد تغيرت كل معالم حياته

 وتبدلت أحواله

 والآن بعد كل تلك المفاجآت يرى نفسه حبيساً

 بين جدران السجون

بعد سماع هذا الضجيج فى الخارج يتعلق بقضبانه

ليرى أغرب ما رأته عينه...

نيرن تلتهم المكان..فى الخارج..

الجميع فى ذعر..

محاولات فاشله لإطفاءها..

كأنها ماء يجرى نحو هدف واحد...

الحجره التى يقيم بها...

يتراجع وقد ألتصقت النيران بالباب..

لينصهر فى ثوان معدوده..

ليتجمد فى مكانه..

لا يدرى أين يذهب..

بكل شك ستلتهم النيران جسده..

ليصبح رماد بعد قليل..

تتحول فجأة النيران إلى جسد متكامل..

جسد متكامل بلا صوره..

أو تفاصيل..

جسد من النار فقط...
















يطلق قذائف من كرات النار صوب نافذته..

ليحطمها..

ويشير له الجسد النارى الذى لا ملامح له..

كأنه يأمره بالهرب..

ينفى خالد برأسه وكأنه يرفض هذا الأمر..

يرفض الهروب...

الجسد دون أن يتكلم يرفع يده مره آخر..

وخالد ينفى برأسه..

ليندفع فى تلك اللحظات رجال الإطفاء..

وينفجر هذا الجسد النارى..

إلى أشلاء..

وحشرات...

إبتلعتها النيران المتبقيه..

ورجال الإطفاء يتراجعوان..

بعد أن شاهدوا..

هذا المشهد المريب والمخيف...

فى آخر لحظاته..

وهم يتهامسون فى فزع..

ويشيرون نحو خالد..

المتجمد بلا أى حركه..

                           *******

انته بقيت فى اسبوع اشهر سجين فى مصر

نطق ناصر جملته امام خالد الذى التفت له فى دهشة

وناصر يجلس جواره وقد برزت ذقن خالد بشكل ملحوظ

ينظر خالد له فى صمت طويل دون ان يتكلم ويضحك ناصر

ساخراً : مسألتنيش النهارده ايه معنى اللى بيحصل لك

خالد : اللى بيحصل لى ده اعتقد انته نفسك متعرفش تفسيره

ناصر : اكيد بتستفزنى عشان احكيلك

خالد : مش مهم تقولى اللى بيحصل ده معناه

 ايه بس قولى

سبب رفضك انك تحكيلى

ناصر : مبحبش احكى فى حاجه نفسي انساها ..

خالد : والحاجه دى ليها علاقه بيه ..؟

ناصر : بكل تأكيد ..

خالد : طب سلمتنى القصر ليه ..!

ناصر : مش أنا اللى سلمتك القصر

خالد : مش معقول تقول واحد يشبهك انته كمان

ومش معقول يكون مثلاً شيطان..!

 واخد كل الأشكال اللى بتحصل ليه دى

ناصر : عايز نصيحتى ياخالد ..

خالد : ياريت نفسي ..نفسيى ارتاح

 أنا عارف ومتأكد

إن معاك مفتاح كل الألغاز اللى انا فيها

ناصر : اقتل نفسك ...

خالد : ايه اللى بتقوله ده ..؟

ناصر : انتحر ياخالد

خالد : كلامك ليه طعم السخريه

ناصر : صدقنى مش بهزر دى الحقيقه ...

وجودك هيكون سبب لموت لناس

كتير ..

خالد : طب ليه ..؟















يعتدل ناصر واقفاً وينثنى بالقرب من أذن خالد ويهمس :

لإنك ملعون يا خالد ...ملعون ..

واللعنه مش بتروح الا بموتك

خالد : ايه اللى بتقوله ده فهمنى ...؟

ناصر : قولت لك مش عايز احكى فى الماضى

يجذبه خالد من ذراعه فى عنف : بقولك اتكلم ..

قصدك ايه باللعنه دى ..؟

ناصر فى ألم : ياعم سيب دراعى انا مش قدك أنا 

راجل عجوز

خالد : تعرف لو كلامك صح وانا هكون السبب فى

 قتل كل اللى حاوليه هتكون انته اول واحد هقتله

يضحك ناصر وهو يقترب من جديد بجسده ناحيته :

كده ..كده انته هتقتلنى يا خالد ..

فجأة يستمع خالد وناصر لهذا الصوت البعيد لحشد

 من المساجين

ناصر بس ياعم وادى اول ضحيه هنا هتقتله ..

خالد : مش فاهم ..

ناصر : خيرى دخل السجن تانى ..

خالد فى دهشة مين خيرى ده ...؟

ناصر : ده برضه له نفس شهرتك فى السجون 

من أكبر بلطجية السجون واشرسهم ...قتال قتله ..

خالد : وقتال القتله ده لسه داخل السجن

يضحك ناصر : لاء هو فى جرايم القتل مفيش

 ولا حكم ولا دليل عليه لكن بيجى هنا تقريبا فى الحجات 

البسيطه

 يضحك ناصر من جديد : أعتبرها زياره يعنى وماشى 

خالد فى دهشة : مش ملاحظ أنك بتضحك كتير

ناصر : مش اكتر ما بكيت فى حياتى

خالد : قولى بقى يعنى ايه كلامك انه اول ضحيه هنا هقتله

ناصر : هى دى الحقيقة اللعنه بتاعتك هتقتل خيرى

خالد ساخراً : انته بتعرف الطالع بقى وبتنجم

ناصر : يجوز ..متستبعدتش ..

خالد : هقتله ليه ..

ناصر يرفع سبابته : متستعجلش على رزقك ..

وانصرف مبتعداً ليهتف له خالد ..

طيب وأنا قبلت التحدى .

مش هقتل خيرى ..

مش هقتله حتى لو قتلنى ..

يلتفت له ناصر : يبقى هتخسر التحدى

هتخسره فى اقرب وقت

                                   *******

فى ليل شديد السواد ،

والصمت يخيم على المكان

تتحرك تلك الأجساد فى هدوء...

  أربعه من المساجين..

ضخام الجسد والبنيه..

 يتجهون صوب فراش خالد

وبكل عنف وقوة ينقضون كاليد الواحده..

التى تقوم بتكبيله وتقيده ..

ليستيقظ وقبل أن يفهم أو يدرك..

حقيقة ما يحدث

وجد نفسه بلا حركه...

 يحاول الخلاص من بين أيديهم ولكن لم يستطع ..

ليحملوه بعدها بين أيديهم..











نحو هذا الرجل الجالس متكئًا..

 فى أحدى اركان السجن المظلمه..

يلعق بلسانه سيجارته ويدسها فى فمه الغليظ

 الذى يعلوه شارب يغطى أطراف شفتيه..

ينظر له ببشرته السوداء وعينيه التى

يلمع بها بريق مرعب قائلًا :

انته بقى اللى عامل ضجه هنا

من يوم ما جيت ..

لم يكن هذا الرجل سوى السجين الجديد خيرى

الذى أشار لرجاله بنزع ذلك الرباط الذى

يُغلق به فم خالد الذى تنفس الصعداء

 وقال فى غضب : إنته مين..؟

وعايز منى ايه بالضبط ..؟

يضحك خيرى وهو يشير بيده نحو صدره :

حد ميعرفش خيرى..

خالد : وعايز منى إيه بقى..؟

خيرى : عايز اقتلك..

يتذكر خالد فجأة كلمات ناصر له بإنه

سيقتل هذا الرجل..

ويتسأل هل فعلاً كان ناصر صادقًا فى نبوءته..

وكيف علم بها

يقاطع تفكيره صوت خيرى :

شايفك ساكت مبتتكلمش..

إيه مالك مصدوم...

خايف من الموت..

خايف أقتلك..

يضحك خالد ساخراً : لاء معلش خليها مره تانيه..

سيبنى أرجع عشان أكمل نوم..

أنا تعبان أوى...

خيرى فى سخط وغضب :

متتفكرش إن العفاريت اللى حاوليك دى

هتحميك منى...

 يابنى انا زى ما قتلت بشر قتلت شياطين ..

يتنهد خالد : هو بسهوله كده هتقتلنى...؟!

وكمان هنا فى السجن..فى العنبر..

يضحك خيرى : انته فاكر ان العنبر نايم ..

كلهم صاحيين وسامعين

بس انا اللى مديهم أوامر يناموا...

 وبرضه بصقفه من اديه كده يصحوا

ويعتدل بعده خيرى واقفًا وهو يقوم بالتصفيق

 لمره واحده..

استيقظ على أثرها كل السجناء من أعلى 

فراشهم فى توقيت واحد...

وكأنهم ينتظرون متابعة الحدث..

خيرى فى تباهى : ايه رأيك بقى ..؟

خالد ساخراً : دانته ساحر بقى ..

خيرى : ممكن تقول كده ..

خالد : طيب متفرجنا كده نمره حلوه زى بتوع السيرك

خيرى : واضح انك بجح ومش خايف

 ولا عامل حساب مع مين بتتكلم ..

السجن علمك الجراءة

خالد : على فكره اللى بيحاول يقرب منى

 أو يضايقنى بيتأذى...خاف على نفسك...

يضحك خيرى : قصدك على الكلب 

اللى كان بياكل فى بدير الغلبان















لاء أطمن كويس ..خيرى حاجه تانيه ..

انا الكلب نفسه لو عضانى يموت ....

ويعود الصمت بينهم وخيرى يهتف

: ومع ذلك يا سيدى خلينا نجرب

مش انته عايز نمره ..

أنا هعمل لك ..أحلى وآخر نمره هتشوفها

هعدمك دلوقتى فى السجن

 والعنبر كله هيشهد انك عدمت نفسك

إنتحرت...

حالة نفسيه وجت لك...

يأس...إحباط...زى ما تقول...

خالد فى ثقه : طيب جرب وشوف

خيرى فى دهشة : واضح انك مش خايف ..!

خالد ساخراً : خايف عليك ..

خيرى : لاء ..متخفش عليه لسه مش هموت دلوقتى

..لسه هعيش

هعيش كتير

خالد : لو واحد فينا مات ايه اللى هيحصل ..

خيرى : أكيد لو قتلتنى هتبقى انته زعيم السجن كله ..

سجون مصر كلها ..

لكن انا لو قتلتك عادى جداً مفيش جديد

زى حشره دوست عليها برجليه

خالد : فعلاً هى المعادله صعبه وغير متكافئه ..

بس انا هعدلها

أنا همضى على ورقة بالتنازل عن القصر بتاعى واخليها

مع عم ناصر لو قتلتنى يبقى القصر من حقك

ينفجر العنبر  ضاحكاً وخيرى يصرخ من القهقه :

قصر ...قصر مره واحده

خالد : بقولك هكتب لك تنازل عليه بكل اللى فيه ..

خيرى فى ذهول يشير نحو ناصر :

الراجل ده عنده قصر فعلاً ...!

ناصر : متهيألى سمعت حاجه زى دى قبل كده

خيرى فى غضب : ناصر جاوبنى من غير لف ودوران

عنده قصر ..

ناصر فى خوف : ايوه فعلاً ..عنده قصر ملكه

خيرى : غريبه ..أنته بتتكلم جد بقى ..

خالد : شوفت بقى الرهان ..

ياخد زعامة السجون..

يتاخد إنته القصر..

يضحك خيرى : بس أنا لو قتلتك مش

هاخد لا قصر ولا كشك..

ومينفعش تعمل التنازل هنا فى السجن..

عن القصر...

لا فيه ورق ولا شهر عقارى..

يغمم خالد : عندك حق..

أنا هكتب ورقه دلوقتى بالتنازل عن القصر

واسلمها ل ناصر قدام كل الناس..

وكلهم شاهدين على التنازل...

إيه رأيك..؟!

(تبدأ الهمهمه داخل عنبر السجن )

والصمت يسود بين خالد وناصر

حتى قطعه خيرى : كده كده

 انته هتموت ...هتموت..

 أنا لا بتاع قصور ولا غيره..

أنا هعدمك...

خالد فى ثقه لا يعرف كيف أكتسبها أو جاءت :

طيب جرب

يضحك خيرى : هتشوف..

يضحك خالد : طيب يالله ..خد فرصتك

يبدأ خيرى فى وضع حبل سميك حول 

عنق خالد ويعقده فى سقف العنبر ويهمس : 

مش هكدب عليك أول مره اقتل واحد ويصعب عليه ..

خالد : رغم إنى قتلت قبل كده ومكنش 

قصدى ودخلت السجن بسبب كده..

لكن المره دى هقتلك ومش زعلان..

خيرى : طيب قول امنيتك بقى قبل ما اقتلك..

يضحك خالد الذى يقف على المقعد الخشبى و

عنقه متدليه من الحبل :

قول انته امنيتك ..وانا بعدك ..

خيرى ساخرًا : طب تصدق شوقتنى

أشوف القصر بتاعك ده...

نفسي أروح القصر دلوقتى حالاً ...

وعاد يضحك بجنون :

القصر اللى هيبقى ملكى ...

يا سلام عشت ونلت يا خيرى ..

فجأة عبر ظلام العنبر يدب هذا

الصوت الصوت المخيفى كالرعد ..

يسمعه كل السجناء ..

تعالى ...تعالى يا خيرى ...تعالى ...














خيرى فى رعب يتراجع ....

ويهتف : ايه الصوت ده

والصوت من جديد ينادى

تعالى ياخيرى ..تعالى ...

خيرى يتراجع ويلتصق بالحائط ..

والمساجين تنكمش كل واحد فى فراشه ...

ويضحك خالد : مش قولت عايز تروح القصر ..

اهو القصر بيندهلك ..

خيرى : بتخوفنى ...

طيب موت بقى ..

ويركل خيرى المقعد الخشبى ليتحول

 الحبل الذى فى عنق خالد الى افعى عملاقة

تسقط من عنق خالد بين أقدام خيرى 

الذى صرخ مع باقى المساجين وخالد يهتف :

روح أنته بقى القصر ...

خيرى : ايه اللى بيحصل مش فاهم ...

يقترب خالد منه

ويهمس ...السرداب ...السرداب ..

خيرى مش فاهم ..

يضحك خالد ساخراً : السرداب عايزك ..

خيرى فى خوف : انته شيطان ..












خالد : مش قولت انك بتقتل انس وجن

خيرى : كداب ..والله كداب ...

والصوت المرعب من جديد ينادى

تعالى ياخيرى ...تعالى ...تعالى ..

خيرى فى رعب : خلى الصوت ده يسكت ابوس ايدك ...

ويضع يده مغلقًا أذنيه فى توسل :

مش قادر اتحمله...

خالد : فات الوقت ...

فجاة تأتى تلك الرياح القويه التى تعبر

من كل نوافذ العنبر العاليه ..

وتجتمع كالدوامه الصغيره التى تستهدفة

جسد شخص واحد هو خيرى...

وتحمله ..

وهو يصرخ ..يصرخ بكل قوة ..

 ويحاول التشبث بأى شىء

ليمنع تلك الرياح من حمله ...

لكن بلا جدو ..

المساجين تحاول اللحاق به وإنقاذه..

وإخراجه من الدوامه..

التى يطير داخلها ويدور..وتحمله عالياً ..

تضربه بالحوائط...

كأنما تعاقبه...

ثم تدفعه ناحية الباب

ليلتصق به ..

ناصر يهتف وهو يقفز ناحية خالد :

هيموت ياخالد ..هيموت

خالد : مش دى نبؤتك ..

مش انته اللى قولت هقتله..

قولى مين اللى بيحمينى..

وقولى أزاى أنقذه...

يسود الصمت بينهم وناصر عاجز عن إجابته..

وهم يشاهدون رأس خيرى الملتصقه بقضبان

باب العنبر بكل قوة وعنف...

وخالد يشير له بسبابته :

كان نفسك يبقى ليك القصر..

كان نفسك تبقى صاحب السرداب...

د ينظر ناحية ناصر ساخرًا :

السرداب...

أنا بس صاحب السرداب..

مش كده...

لكن ناصر لم يعيره إهتمام كان يتابع

هذا المشهد الرهيب...

لقد كان جسد خيرى يتمزق فوق القضان الحديديه

ويعبر من خلاله إلى الجانب الآخر

عباره عن أشلاء..

ودماء..

ويصرخ جميع من فى العنبر

 وهم يرفعون أصابعهم نحو خالد

يصرخون فى صوتً واحد

شيطان ..شيطان ..

ناصر ينظر نحو خالد الذى ابتسم وقال :

 انا كمان مضطر امشى

ناصر فى تعجب : على فين ..

خالد : السرداب ..سامعه بينادينى ...

لازم أروح ..لازم اخرج من السجن ...

انا فهمت دلوقتى حجات كتير...

ناصر فى دهشة : فهمت إيه...

خالد : فهمت إنى مش ضيف..

وإن فى قوة جوايا حاسسها ومش فاهمها..

قوة بتحمينى..

ناصر : بس إنته قتلت..

خالد : مكنش قدامى بديل تانى..

إنته بنفسك قولت إنى هقتله..

وتحقق كلامك بسرعه..

ناصر : دخلت طريق مش هترجع منه...

خالد : أنتو اللى دخلتونى..

فاضل الخطوه التانيه...

ناصر : تخرج من السجن..

خالد : هخرج..والليله...

ناصر : أزاى..

خالد : السرداب..

السرداب بحس بيه وبطلب منه..

وبينفذ..

ناصر فى تعجب..

وطلبت منه إيه...

خالد هتمسع بنفسك..

ويبدأ الجميع فى سماع هذا الشىء..

المرعب..

وكان خالد بالفعل صادق

فقد كانت طريقة خروجه من السجن

طريقه لا تصدق..

طريقه تنزع القلوب من الصدور..

ويشيب لها شعر الوليد..

من شدة الفزع...

إضغط هنا الجزء 14

لمتابعة جميع أجزاء الرواية

 

إضغط هنا على الجزء المطلوب فى الأسفل 


إضغط هنا الجزء 1


إضغط هنا للجزء 2


إضغط هنا الجزء 3

إضغط هنا الجزء 4

إضغط هنا الجزء 5

إضغط هنا الجزء 6


 

 

 

 

 

 

 

هل اعجبك الموضوع :

تعليقات