رواية السرداب
الجزء 26
تأليف
محمد أبو النجا
كانت كلمات صادمه لا تصدق
تلك التى قالها ناصر امام عمر وشاكر
حينما أخبرهم أنهم أيضاً يملكون القصر
ومن نفس العائلة
عمر فى دهشة : إيه ياعم التخاريف
اللى عمال بتقولها دى
مالنا أحنا ومال القصر..؟!
وعمال تقول إننا جينا هنا من سنتين
كلام مستحيل أصدقه ..
أحنا عمرنا ما جينا القصر ده ..
ولا
شوفناه..
ولا
نعرف الصور دى
ولا
حتى اتصورناها..
دى مش
صورنا..
شاكر : ثانيا خالد بيقول القصر ده
بيظهر للورثه بس..
فى حين اننا مش بنشوفه غير
مع خالد وانته بنفسك كررت
نفسك الكلام...
إن القصر مبيظهرش غير للوريث ..
ناصر : يبقى لازم نبدأ الحكاية من البداية
..
( حكاية إيه )
يلتفت الجميع لمصدر الصوت
إلى خالد الذى جاء ومعه ضحيه جديده ..
مقيده
بأعين زائغه..
خائفه..
شاكر فى غضب : حرام عليك...
الناس اللى بتقتلهم دول من غير ذنب ..
خالد يتجاهل كلامه
وهو يقترب من ناصر : قول بقى
الحكاية من البداية عشان عايز اسمعها ..
ناصر : الكلام ده المفروض فعلاً أقوله من
زمان ..
عمر : وكنت ساكت ليه ...؟
ناصر : كل حاجه بقولها فى الوقت المناسب
..
خالد : طب قولى اللى عندك..
ناصر : أنتو التلاته متعرفوش بعض ...
يضحك خالد بشكل هستيرى ساخر..
يقول بهدوء : إيه الغباء اللى بتقوله ده
ناصر : ولا عمركم كنتوا أصحاب ..
عمر : أنته فعلاً اتجننت ..
ناصر : هى دى الحقيقه ..
عمر : بس انا صديق خالد من الطفوله ..
ناصر : أقولك الدليل بمنتهى البساطه ..
خالد : ياريت إيه هو ...؟
ناصر : أنتو بتقولوا أنكم أصدقاء من زمن
طويل ..
عمر : أيوة
ناصر : حد يقولى منكم أى ذكره قديم
ه حصلت بينه وبين التانى
يسود الصمت بينهم
وكأن جملته كانت صاعقة
سقظت فوق رؤسهم
ينظرون لبعضهم فى دهشة ..
عمر فى تعجب : انا فعلاً مش فاكر
دلوقتى..
ومش عارف ده أزاى حصل...!
أكيد إنته عملت سحر..
لعبه من ألعيبك..
أكيد هفتكر...
وهجيب أى ذكرى قديمة بنا..
ناصر يبتسم ساخراً : محدش قادر يستوعب
خالد فى تحدى : اكيد هنفتكر
ناصر : خدو وقتكم زى ما تحبوا
بس مش واخدين بالكم..
إنكم التلاته فى نفس الوقت
مش فاكرين مع بعض
أى ذكرىبينكم...
يسود الصمت للحظات وهم يتبادلون
بينهم النظرات
وشاكر
فى صدمه :
أنا حقيقى..
مش قادر برضه أفتكر...
ناصر مبتسمًا : عرفتم انكم
عمركم مكنتوا تعرفوا بعض
ولا أصدقاء طفوله ولا حاجه ..
خالد فى ذهول : طب ازاى بقى
الاحساس ده عايش فينا
أنا معنديش ذرة شك إن عمر
صديق عمرى وبحبه
ومنكرش إن شاكر برضه
بحس نحيته بنفس إحساس الصديق
المقرب وده اللى يمكن خلانى
مش قادر اقتله لحد دلوقتى
شاكر فى غضب : تقتلنى ليه ياعم..؟
انا عملت لك حاجه..!
عمر : رغم إن كلامك صعب حد
يصدقه بس انا فعلا مش قادر أفتكر
اى حاجه حصلت بينى وبين خالد
او حتى شاكر ..!
ناصر : ده لانكم أول مره
تشوفوا بعض كان من سنتين .
شهر كامل هنا جوه القصر
خالد : ده بقى اللى مستحيل حد يصدقه
شاكر : طبعاً ..
شهر إيه ..!!
دا لو يوم واحد مستحيل طبعاً ..
عمر : ياعم ده لو دقيقة واحده
جمعتنا هنا جوه القصر
مش هننساها
يبقى شهر..!!
ناصر : فيه أكتر من دليل...
منها الصور اللى على حيطان القصر
ينفى شاكر بيده : حتى الصور
مش دليل ..
وبعدين فيه خيوط كتير
غامضه مش فاهمنها ...
ناصر : يبقى نحكى الحكاية من البداية
..
يمكن تصدقوا
لحظة وفاة أكرم توفيق ..
صاحب القصر ..من سنتين
وبدأ ناصر يروى لهم قصة جديده ..
تكشف لهم كثير من الغموض ..
وتفتح وابل من المفاجآت ...
*****************
ما أصعب أن يرقد الرجل بعد
رحله طويلة من الحياة على
فراش الموت ويشعر أنها النهاية .
وانها لحظاته الأخيرة ..
وانه يحتضر ..
أن تلك الدقائق القادمه هى الأخيره
هى النهاية ..
هى الخاتمه..
والبداية لرحلة من عالم آخر ...
شعور رهيب ومخيف..
كانت عيناه ذابله ..
مليئة ومحاطه بالغيوم..
وقطرات من الدموع تكسوها
وسعال شديد يزيد حجم المرار
والألم..
لم يكن صاحب هذا الجسد سوى
أكرم حسان ..
صاحب القصر ..
وبجانبه مساعده المخلص نسيم ...
الذى وضح على ملامحه الحزن والإكتئاب..
وهو يحاول إسعاف صاحبه وصديقة
الذى عاش فى خدمته سنين طويلة من عمره
يبدأ نسيم فى تحضير الدواء بسرعه ..
فى إرتباك ...
يبتسم أكرم بوجه شاحب قائلاً
بصوتً هزيل : مفيش فايده
خلاص يانسيم ..
دى النهاية ..
أنا حاسس
نسيم فى حزن : هبعت اجيب دكتور
يبتسم أكرم إبتسامته الأخيره :
هيعمل إيه ..!
برضه مش هيمنع موتى ...
تخيل بعد كل القوة اللى كنت فيها
والجبروت مش قادر
امسك كوباية الماية اشربها ..
نسيم : صدقنى هتكون كويس
مرحله وتعدى ..
زى
اللى قبلها..
أكرم : ياريت السحر اللى أملكه
يقدر حتى يساعدنى يزود يوم
واحد من عمرى ..
تعرف أنى ندمان على كل حياتى
اللى فاتت ..
قد إيه كانت تافه ..
سنين عمرى عدت بسرعه ..
زى الريح ..
ومخدتش أى حاجه منها...
ولا حتى عندى ولد يمشى فى
جنازتى أو يدفنى بعد موتى ...
عشت غريب بعيد عن الناس ..
حياه ملهاش أى طعم ...
ومفهمتش الحقيقه غير بعد فوات الآوان..
ياترى مين هيكون صاحب القصر من بعدى
...
نسيم : مفيش حد هيكون بعدك ...
أنته صاحب القصر وهتفضل
صاحب القصر للنهاية ..
يسعل أكرم بقوة هو يضع يده على صدره :
مش بإيد حد الإختيار ..
لازم يكون فيه ساحر جديد هنا
والكتاب اللى هيختاره ..
هيشوف مين اللى لسه فى عروقه
دم اسرة حسان ...
هيجيب حد أكيد لا نعرفه ولا سمعنا عنه
...
هات الكتاب ..
نسيم : مش وقته
أكرم بلهجه حاده : هات الكتاب
نسيم يغيب لحظات ويأت به ..
يبدأ أكرم فى تقليب صفحاته ...
ويصل لواحده منه يلامس بأصابعه
الكلمات وينطقها..
بصوت غير
مسموع..
ومعها تأت تلك الرياح القويه ...
ويهتز الكتاب وتتوالى صفحاته فوق بعضهم
..
ويشتعل بالنيران
ليكتب ثلاث أسماء ..
خالد أحمد محمود
عمر الحسينى
شاكر لطفى
نسيم : ده اختار ثلاث اسماء ..!!
اكرم : أيوه الثلاثه أقرب ناس للدم من اسرة
حسان
والكتاب مش عارف يختار واحد منهم ..
بس لازم الإختيار
يكون فى شخص واحد بس والباقى ..
نسيم : مالهم ..
أكرم يغلق عينيه فى إعياء ويهمس : هيموتوا
..
نسيم فى حزن : ليه ...؟
ليه نحكم عليهم بالموت ..؟!
اكرم : ده حكم الكتاب ..
كتاب السحر الخاص بالعيلة ..
لازم تروح بعد موتى
وتجمع الثلاثه هنا فى القصر
بعد دفنى وتحكى لهم إن السرداب
اللى هيختار واحد منهم
ساحر جديد للقصر ..
نسيم : شىء صعب جداً
أكرم : مفيش قدامهم بديل ..
وبدأ يغلق عيناه فى إعياء شديد :
عارف نفسي فى إيه ..!
نسيم : إيه
أكرم : ربنا يسامحنى ..
ويغلق اكرم عيناه للمره الأخيره
يغلقها للأبد ...
وسط دموع نسيم المنهمره
كان يبكى بكل حسره
على صاحبه وصديق عمره ..
***********
بعد وفاة أكرم حسان ودفنه
يبدأ نسيم فى تنفيذ ما أخبره به
أكرم بكل دقه ..
ويذهب للثلاثه ويدعوهم لزيارة القصر
و فى المساء كان الموعد..
دون أن يخبروا أى أحد باللقاء
أو بقصة الميراث..
يجلس نسيم وحده فى القصر فى إنتظارهم
الساعه تدق العاشره
يدخل عمر يصافحه نسيم
ويدعوه للجلوس
عمر يرمق القصر بنظراته فى دهشة وإنبهار
بعدها شاكر يطلق طرقات على باب
القصر وخالد من بعده بدقائق
الجميع يدور برأسه فى ارجاء المكان
لا يصدق حلم انه أصبح يملك هذا
القصر الضخم الكبير ..
لتأخذهم أحلامهم وخيالهم لأبعد الحدود
ونسيم يجلس بينهم يراقبهم...
الجميع فى حيره يختلسون النظر لبعضهم
نسيم يقاطع الصمت : عارف أن
الموقف غريب ونادر
بس ده مصيرنا كلنا ومكتوب علينا
هبدأ اعرفكم ببعض
الأستاذ خالد احمد محمود محامى كبير مشهور
وله مستقبل إن شاء الله مشرق
والدكتور عمر الحسينى صاحب صيدليه
فى حى شعبى وكل الناس بتحبه هناك
والأستاذ شاكر لطفى بيشتغل فى
مكتبه تابعه لوزارة الثقافه
الجميع يقوم بالترحيب وبمصافحة الآخر
نسيم : انتو الثلاثه من نفس أسرة صاحب
القصر أكرم حسان
وانتو برضه الورثه فقط للقصر
خالد : يعنى احنا الثلاثه نملك القصر
..
نسيم : للأسف واحد فقط هو صاحب القصر
عمر فى تعجب : إيه اللخبطه دى ..؟
نسيم : فى الحقيقة الكلام اللى هقوله
صعب بس لازم تسمعوه
وتصدقوه ومفيش قدامكم بديل تانى ..
أسرة حسان كانت مشهوره بالسحر
ولازم صاحب القصر يكون ساحر
ومش أى ساحر
شاكر : بس انا مبحبش السحر
وبعدين السحر حرام
ومش عايز اكون ساحر
نسيم : للأسف ده مصيرك ..
وقدرك مش إختيار ..
عمر : يعنى إيه نكون سحره بالعافيه
نسيم : السحر أو الموت ..
يعتدل خالد فى غضب من مقعده :
يعنى عجوز زيك هيقتلنا
يبتسم نسيم : صدقنى انا مجرد رسول ..
لو بإديه عايزكم تمشوا من هنا
مش عايز حد فيكم فى القصر
بس أنا ببلغكم مصيركم الجاى
شاكر فى ضجر : ما أنته بتقول الموت لو رفضنا
..
نسيم : للأسف هى دى الحقيقة
شاكر : طيب مين اللى هيقتلنا ..؟
فيه حد تانى معاك فى القصر...؟
نسيم : السرداب ..
عمر : يعنى إيه بقى السرداب ..
يبدأ نسيم مسطرداً : سرداب السحره
وهو دلوقت سامعنا وشايفنا وبيتابع كل كلامنا ..
يدو شاكر برأسه : أنا مش شايف شخص تانى
معانا
يبتسم نسيم وهو يشير بسبابته نحو الباب
المغلق
: السرداب هناك ورا الباب ..
هو اللى هيختار الساحر بينكم ..
واللى هيبقى صاحب القصر
شاكر : واللى ميختروش
نسيم فى هدوء وحزن : السرداب هيقتله
...
عمر فى خوف : اللى بتقوله ده تخاريف ..
وخوزعبلات ..
وكلام ميتصدقش
وميدخلش العقل ..
أنا همشى ومش عايز الورث ولا القصر ..
شاكر : وانا برضه مش مصدق اللى بتقوله
..
مفيش أى دليل لكلامك ..
أنته راجل عجوز وبيخرف ..
خالد : وانا نفس الرأى..
كلامك غريب ..
ومشمنطقى..
وصعب حد يصدقه
فجأة يندفع باب السرداب مفتوحًا
على مصرعيه ومعه تنطلق
تلك الرياح القويه كالأعصار
ويصدر فى مسامعهم هذا الصوت
المرعب الغليظ الذى يأت
من باب السرداب : لازم تصدقوه ..
نسيم بيقول الحقيقة
يشير عمر ناحية السرداب :
مين اللى بيتكلم من جوه
نسيم : السرداب
شاكر : هو عايش فيه حد ..؟
نسيم : السرداب هو اللى بيصنع الساحر
ومحدش يقدر يفسر أسراره
فمتسألوش..كتير..
فجأة صوت زئير قوى يأت من باب
السرداب المظلم
ومعه تخرج تلك الأسود الضخمه ..
ينكمش الثلاثه للخلف فى هلع
شاكر : إيه الأسود دى..؟!
دى مش طبعيه..!
مفيش أسود بالحجم ده...!
نسيم : السرداب عايز ردكم..
مين موافق ومين بيرفض الكلام..؟
واللى هيرفض لازم يكون
عارف إن مصيره الموت
عمر : قصدك تاكله الأسود دى
نسيم : تقريبا فهمت ده المقصود ..
بس الموت هيكون بأكثر من طريقة
ويمسك نسيم جراب يخرج منه كاميرا
قائلاً : دلوقتى محدش هيقدر يخرج من
القصر خلال الفترة اللى جاية
خالد : اللى بتقوله مستحيل...
أنا لا يمكن أسيب شغلى ومصالحتى
وافضل هنا..!
نسيم : للأسف أنته مجبر على كده ..
القصر كله مغلق ومحدش يقدر
يخرج أو يدخل..
وعلى فكره القصر برضه
محدش يقدر يشفوا غيركم
خالد متعجبًا : إيه الكلام الغريب اللى
بتقوله ده..؟!
نسيم : القصر مبيظهرش غير لصاحب القصر
أو لشخص يكون بصحبتكم..
ورفع بعدها نسيم الكاميرا :
هصوركم انتو الثلاثه
وبكره كل شخص هيستلم صورته
يعلقها على الحيطه هنا بنفسه
خالد : ليه بقى ..؟
نسيم : اللى صورته هتقع فيكم يبقى السرداب
مش عايزه وهيتم حكم الموت عليه
لحد ما تفضل صورة واحده ..
هيكون صاحب القصر ..
شاكر : وإيه معايير إختيار صاحب الصورة
نسيم : بعد شهر من النهارده السرداب هيشوف
مين فيكم أفضل ساحر ..
عمر : بس احنا ملناش فى السحر ولا نعرفه
..
نسيم : من بكره هنبدأ تعليم أول درس
شاكر : بس شهر قليل أوى نتعلم فيه..
أو تحكموا علينا من خلاله..
نسيم : كل شىء هيختلف مع الكتاب ..
ينظر الثلاثه لبعضهم فى صمت وقلق
ونسيم يكمل : أى سؤال تانى ...؟
لكن لم
يجيبه سوى الصمت
لقد
خيم على وجوههم الخوف
وقيدهم
القلق المبهم..
من
المجهول....
**************
الحاضر
عمر : قصة طبعاً مش منطقيه
ولا يمكن أصدقها
أنا مجتش القصر ده ولا كلمت نسيم
اللى بتحكى عليه ..
شاكر : أنا برضه مش مقتنع بقصتك ..
ولا بوجودى فى القصر هنا من سنتين
خالد : لو كلامك صح ازاى ننسيى
احنا الثلاثه فى وقت واحد
نفس اللى حصل لنا ..؟!
ناصر : ده بسبب الأحداث اللى حصلت
بعد كده واللى مكنتش تخطر على بال حد ..
عمر : ليه ..إيه اللى حصل فى الشهر ده
..
ناصر : مفاجأة ..
قنبله..
غيرت كل الأحداث ..
وقلبت كل الموازيين ...
و أربكت كل التوقعات ..
مفاجأة كانت صدمه ..
وأخذ
يروى لهم باقى القصة
وهم يستمعون له فى شغف
لا حدود له...
لمتابعة جميع أجزاء الرواية
إضغط هنا على الجزء المطلوب فى الأسفل
تعليقات
إرسال تعليق